دمشق مدينة ترفض الموت، ترفض الخنوع والذل والهوان ، فهي لطالما كانت مدينة للفرح والحبور والسرور، مدينة العطر والملاحم والياسمين، رغم حزنها البادي على ملامح أبنائها، تبقى مدينة للحياة، فهي القلب النابض أبدا، رغم الظروف القاسية التي تمر بها، وربما يكون السبب أن كل مدن العالم كانت تحسدها، على سكينتها وأمنها وأمانها.
رغم الألم يبقى للعيد مكان في عاصمة العواصم، فلطالما كان للعيد معان مختلفة في دمشق..كل العربان كانوا يقصدونها في العيد، لما تتمتع به من غنى وتنوع، واليوم يأتي العيد، في لحظات تاريخية، ومصيرية، فهل للفرح والعيد مكان في دمشق ؟؟
بديهي أن تكون الأيام الحاضرة ليست كالأيام السابقة، لكن العيد موجود ومظاهر العيد في الأسواق علنية وبادية، الأسواق مزدحمة وبالكاد تستطيع العبور والتحرك، الأسعار كاوية ومرتفعة، لكن الناس بعد الإفطار على موعد مع التسوق وشراء حاجياتهم ولوازم العيد، ولو بالحد الأدنى، الأمر السار أن كل السلع والبضائع متوفرة، وكلها صناعة سورية، من الحلويات بكافة أنواعها إلى الألبسة المتنوعة، التي تختلف أسعارها من مكان إلى آخر، وكل حسب قدرته الشرائية، وحسب أمواله التي رصدها للإنفاق في العيد.
موقع“سيريانديز” كان مع الناس وبينهم حيث تجولنا في شوارع دمشق وحاولنا رصد نبض الناس وانطباعهم عن الاستعداد لقدوم العيد، فالناس بين أمرين متناقضين فرحة العيد و الواقع المرير الذي يعيشه كل سوري، إلا أن ذلك لن يقف في وجه طموح السوري وحبه للحياة والأمل والتفاؤل، ولن يضعف من عزيمته وإرادته للاستمرار، فالأفراح ستستمر ولو بأبسط المظاهر، فالعيد اليوم ليس بهجة وصخب بل هو التآلف والمحبة بين أبناء الوطن الواحد.
بالنسبة لتحضيرات العيد نلاحظ أن الأسواق مزدحمة بالمواطنين حيث أشار عدد من المواطنين لموقع سيريانديز أنه رغم ارتفاع الأسعار إلى عدة أضعاف وانخفاض القدرة الشرائية لأصحاب الدخل المحدود إلا أننا سنحاول شراء ما يسعد أطفالنا من ملابس جديدة وأحذية وحلويات والملابس الوطنية ذات الأسعار المقبولة مقارنة مع الملابس ذات المنشآ الأجنبي والتي ترضي أذواق الجميع من الكبار والصغار
تجد الازدحام على أشده على البسطات الغنية بكافة أنواع البضائع الرخيصة" بالة" الثمن لأن البعض منها مستعمل والبعض الأخر جديد و يمكن الحصول على قميص بسعر 50 ليرة وكذلك بـ 300 ليرة، كذلك الحقائب النسائية يمكن الحصول عليها بسعر بسيط يتراوح مابين 500ليرة و1000 وبحسب الجودة والنوعية، تجد الازدحام في أسواق الشيخ سعد على أشده وربما تحتاج للوقوف في الطابور للحصول على القهوة أو الحلويات والكعك، الجميع يشتري، لكن قد تختلف الكميات من شخص إلى آخر بحسب الإمكانات المادية.
لن يغيب العيد عن دمشق، وجميع الوجوه في الأسواق تقول لن نتخلى عن عاداتنا وتقاليدنا ولن نستغني عنها،وستكون أماني العيد هذه المرة مختلفة وستكون بحجم هم البلد، فهناك إحساس يتقسمه الجميع الغني والفقير، إنه مصاب الوطن، سورية مريضة، لكنها تتماثل للشفاء.
في العباسيين وكراجاتها مظهر آخر للحياة، الازدحام ككل السنوات السابقة، فبشائر العيد قد أعلنت قدومها، عائلات سورية كاملة تنتظر قدوم الحافلات، للسفر وقضاء فترة العيد مع الأهل والأصدقاء، رغم سوء الحالة الأمنية على بعض الطرقات، لا مكان للتردد، والسفر أكيد، وعند السؤال يجيبك الجميع بكلمة واحدة، تعبر لك عن مدى إيمان وقوة وعظمة وشجاعة السوري" الله الحامي"
رغم قلة عدد الباصات المتواجدة في الكراجات وعدم توفر المقاعد للجميع قبل البعض منهم السفر" واقفا" وقبلوا دفع الأجرة مضاعفة، لأن ضعاف النفوس وتجار الأزمة كما يقولون لهم" في كل عرس قرص" ولن يفوتوا فرصة موسمية كالعيد ورغم كل المساوىء التي تتمتع بها حافلات السفر، تجد بعض النكات هنا أو هناك، وتجد الابتسامة تخرج من قاع الجرح النازف، لتخبرك بحقيقتك التي ربما سهوت عنها وهي...أنت سوري.

نور ملحم - Syriandays


التعليقات