واصلت الأسعار ارتفاعها الجنوني في الأسواق حتى تجاوزت أسعار المواد الأساسية الى حدود اللامعقول مما أدى إلى تذمر المواطنين بشكل لا يطاق وخاصة ذوي الدخل المحدود ولعل من يزور أسواقنا هذه الأيام فلن يحتاج للكثير من العناء لمعرفة وضع هذه الأسواق، فالمادة التي كانت بالماضي 100 ليرة سورية أصبحت اليوم بأكثر من 300 ليرة سورية وذلك لأن الجميع أصبح يربط السعر بصرف الدولار والتاجر يعمل على مبدأ أصبح الدولار بهذا السعر أذاً علينا رفع السعر حتى لو كان نوع الغرض المعروض صناعة محلية أو مدور من الأعوام الماضية المهم من الموضوع هو كسب المال بأي طريقة

المواطن يتذمر من الأسعار
وخلال جولة على بعضٍ أسواق دمشق التقينا خلالها عدداً من المواطنين للوقوف على أسباب الغلاء، حيث كان تعليق معظم المواطنين أن أسعار المواد الغذائية أصبحت غالية جداً وبشكل غير مقبول وتجاوزت الحدود ، كما أن كل تاجر يبيع بسعر مختلف عن الآخر لذلك لم تعد الأسعار تناسب أصحاب الدخل المحدود على الرغم من أن جميع المنتجات الزراعية تزرع في سورية ، فسورية كانت المصدر الأول لتصدير الخضار والفواكه للدول المجاورة.


غياب الرقابة التموينية
ونوه المواطنين إلى غياب الرقابة التموينية ، وعدم تطبيق القانون في ظلِّ انعدام سيطرة وزارة التجارة الداخلية على الأسواق مما أدى إلى عدم خوف التجار من أحد وأصبح همهم الوحيد جني أكبر قدر ممكن من الأرباح مستغلين الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد فيمارسون الابتزاز والاحتكار وفرض الأسعار التي ترضيهم على حساب لقمة عيش المواطن، إضافة إلى فشل السياسية الاقتصادية والتي أدت إلى وصولنا إلى هذا الحد فأصبح المواطن مثل فأر التجارب كل يوم قرار جديد وآلية جديدة للأسواق ولكن دون فائدة فكل ما صدر خلال الفترة العامين الماضيين لم يسمح بوقف حد الغلاء بل على العكس حيث سمح للتجار بالتلاعب في الأسعار على مزاجهم حتى أن الجمعية العامة الاستهلاكية التي يعرف عن أسعارها بأنها منخفضة مقارنة مع أسعار الأسواق المحلية ولكن ما نلاحظه هو قيام بعض الموظفين بالاستهلاكية باحتكار العديد من المواد الغذائية إضافة إلى القيام بشطب الأسعار القديمة ووضع تسعيرة جديدة على الرغم من أن أغلب المعلبات الموجودة في الاستهلاكية هي من تصنيع عام 2012 أي من العام الماضي .


ما الفائدة!!!
ويتساءل المواطنون عن فائدة الاجتماعات والتصريحات والقرارات التي تتخذ في ظلِّ غياب الرقابة عن الأسواق التي تتسم بأسعارها المجنونة ، وأعرب بعضهم عن خشيته من فقدان بعض الأصناف والسلع نتيجة الاحتكار الذي يقوم به التجار بغية رفع أسعارها، وتشكيل أزمة بسبب كثرة الطلب عليها وقلة العرض.


تبريرات جاهزة
ومن جهة ثانية فقد كان للتجار مبرارتهم الجاهزة على طبق من فضة ولم ينكروا أن الأسعار ترتفع يوماً بعد آخر وأحياناً يتغير السعر في اليوم الواحد صعوداً عدة مرات مثل البورصة ، فالارتفاع الحاصل في السوق ناجم عن تذبذب سعر صرف الليرة أمام الدولار فالأسعار في السوق السورية ستبقى غير مستقرة ومهددة بالارتفاع في أي لحظة على اعتبار أن المستورد يدفع ثمن بضائعه بالعملات الأجنبية وخاصة بالدولار ومن حقنا أن نربح والتجارة شطارة كماِ أن ارتفاع أسعار الخضروات والفواكه يعود للكثير من الأسباب التي فرضت نفسها نتيجة أحوال البلاد منها قلة زراعة عدة محاصيل وذلك بسبب امتناع معظم الفلاحين من النزول إلى أرضيهم لممارسة عملهم خوفاً من العصابات الإرهابية التي تعترض طريق جميع من يعمل لصالح الاقتصاد إضافة لعدم نجاح الموسم الزراعي بسبب قلة المياه وانقطاع التيار الكهربائي، أما بالنسبة لارتفاع أسعار المنتجات الحيوانية من ألبان وأجبان وحليب فذلك بسبب ارتفاع سعر اسطوانة الغاز مما أدى إلى رفع تكلفة المنتج حوالي 15 ليرة سورية أما بالنسبة لأسعار الزيت النباتي والسمون الحيوانية والسكر من ارتفاع هو نتيجة عدم طرح هذه المواد في الأسواق واحتكارها من بعض ضعاف النفوس تمهيداً لبيعها بأسعار عالية أما في ما يتعلق بارتفاع سعر الحبوب بشكل جنوني فالسبب يعود إلى تصدير كميات كبيرة لأنها أصبحت مصدر مربح للتاجر بشكل كبير بسبب ارتفاع سعر الدولار، ، ويضاف إلى كل هذا ارتفاع أجرة النقل والتي أثرت أيضاً على سعر المنتجات المستوردة . أما بالنسبة لجولة السوق الأسعار التي كتبت بالخط العريض على معظم المواد الغذائية كان الغريب في موضوع الأسعار إذا ما استثنينا بعض المنتجات المحلية التي تتذبذب أسعارها وتنزل أحياناً وترتبط بشكل أو بآخر بمعادلة السوق من عرض وطلب فإنها في الأغلب هي في زيادة مستمرة وحتى ما يطرأ عليها من انخفاض ففي الأغلب يكون لفترة قليلة وهذا ما لاحظناه من خلال المقارنة التي قامت بها جريدة بورصات وأسواق هي أنه في الأسبوع الماضي لاحظنا انخفاض سعر السكر (65 و 75) ليرة سورية للكيلو الواحد ولكنه عاد ليرتفع في أسواق المحافظة حالياً لتتراوح ما بين (80 و95) ليرة سورية للكيلو الواحد .


الخضار تحلق والفواكه حلم
ووفقاً لحركة الأسواق المحلية فما زالت الخضر والفواكه في ارتفاعها المستمر إذ سجلت أسعاراً هي الأعلى حتى الآن إذ بلغت أسعار البطاطا ما بين (55و75) ليرة سورية للكيلو الواحد بينما وصلت أسعار البندورة إلى نحو (100) ليرة سورية للكيلو الواحد وبقي سعر البصل عند حدود معدلاته العالية إذ يتراوح سعر الكيلو منه ما بين 35 و55 ليرة سورية والكوسا تجاوزت الحدود بتراوحها ما بين 55 و75ليرة سورية للكيلو والباذنجان ما بين 75 و 90 ليرة سورية للكيلو ووصل سعر الكيلو من الجزر إلى 35 ليرة سورية وسعر كيلو الملوخية 250 ليرة سورية والبامياء 350 أما البازيلاء 125 ليرة سورية بينما استمرت الحمضيات في ارتفاعها أيضاً إذ تتراوح أسعار البرتقال ما بين 50 و 60 ليرة سورية ووصل سعر الليمون الحامض إلى أكثر من 60 ليرة سورية وكذلك التفاح الذي يتراوح ما بين 100 و 150 ليرة سورية للكيلو الواحد وحافظ الموز على أسعاره حيث يباع ما بين 150 و 175 ليرة سورية للكيلو الواحد وتراوح سعر الفريز ما بين 65 و75 ليرة سورية ووصل سعر كيلو الخوخ إلى 100 ليرة سورية والمشمش إلى 75 ليرة سورية بينما ارتفع الدراق إلى حد 175 ليرة سورية وتوت الشامي إلى 125 ليرة سورية وسعر فستق حلبي مقشر 875 ليرة سورية وجوز إلى 925 ليرة سورية بينما تباع ربطة البصل الأخضر بـ10 ليرات والبقدونس بـ10 ليرات والنعناع بـ20ليرة .


استمرار ارتفاع الحبوب
كذلك استمر ارتفاع أسعار الحبوب إذ وصل سعر الكيلو من العدس الحب والذي يستخدم غالباً في صناعة (المجدرة) إلى 125 ليرة سورية والعدس المجروش الخاص بــ (الشوربة) إلى 90 ليرة سورية والكيلو الواحد من البرغل إلى 105ليرة سورية بينما تراوحت الفاصولياء الحب ما بين 165 و 190 ليرة سورية للكيلو الواحد والرز القصير من منشأ مصري 150 ليرة سورية ومن منشأ أوروبي 175ليرة سورية فيما وصلت أسعار الرز الطويل (بسمتي) الوارد من دول شرق آسيا ما بين 150 و 175 ليرة سورية للكيلو الواحد وراوحت أسعار الزيوت والسمون عند حدود معدلاتها المسجلة في الأسبوع الماضي والمرتفعة أصلاً بحيث يبلغ معدل أسعار الكيلو من الزيت وحسب نوعه 200 ليرة سورية فول صويا و 150 إلى 160 ليرة سورية بذر القطن و 375 ليرة سورية لدوار الشمس و 650 ليرة سورية للذرة أما زيت الزيتون فتراوح سعر الكيلو بين 250 و300 ليرة سورية كذلك بالنسبة للسمنة إذ يبلغ معدل أسعارها وفقاً لنوعها ومنشئها وهنا النباتية وهي الأكثر طلبا لذوي الدخل المحدود ما بين 200 و 250 ليرة سورية للكيلو الواحد في حين بلغ سعر لحم الغنم 1500 ليرة سورية .


الفروج في المقدمة والسمك في الأخر
أما بالنسبة لأسعار اللحوم وخاصة لحم الفروج فهي أصبحت حلم أصحاب الدخل المحدود إذ أن سعر الكيلو لحم الفروج غير منظف 290 ليرة سورية فهي عند حدود مقبولة إذ إن سعر كيلو لحم العجل ما بين (1000 و 1500) ليرة سورية أما لحم الخروف فتراوحت أسعاره ما بين 1600 و2000 ليرة سورية ، بينما حافظ السمك على أسعاره في الأسواق وتعلق سعره بحسب الأنواع الموجودة حالياً في الأسواق واستمر ارتفاع أسعار مادة البيض (320) ليرة سورية.


انتقاد بدون فائدة ...
أما الجهة المسؤولة فقد انتقدت مديرة الأسعار في وزارة الاقتصاد والتجارة وفاء الغزي عبر تصريحها الصحفي لجوء بعض التجار إلى استغلال الظروف التي تمر بها البلاد حالياً واستثمار الأزمات والتحكم بالأسواق وأسعار السلع ورفعها بشكل مبالغ فيه، وقالت: «إن المديرية تتابع وتراقب الأسعار وبخاصة أسعار السلع المستوردة بهدف ضبط هذه الأسعار من خلال ضبط التكلفة الحقيقية لها وعدم رفعها أكثر من النسبة التي ترتفع بها أسعار القطع الأجنبي في الأسواق». وأوضحت أن الارتفاع في أسعار بعض السلع يمكن أن يطول المنتجات المحلية التي تدخل فيها نسب معينة من المواد الأولية المستوردة التي تتأثر أيضاً بارتفاع أسعار القطع التي تتذبذب صعوداً وهبوطاً خلال هذه الأيام.


أسباب كثيرة ساعدت التجار
من جهة ثانية أكد رئيس جمعية حماية المستهلك عدنان دخاخني لجريدة بورصات وأسواق وجود أسباب كثيرة ساعدت التجار على رفع الأسعار منها ارتفاع سعر الصرف، مما أدى إلى رفع سعر المواد الأولية المستوردة من الخارج إضافة إلى صعوبة نقل المنتجات بين المحافظات ، ارتفاع أسعار المواد في بلد المنشأ وإنتاج بعض المواد الغذائية في غير موسمها كالخضار، أما الأسباب غير الموضوعية فتتمثل باستغلال بعض ضعاف النفوس حاجات المواطنين والشائعات التي تسهم في خلق أزمة إضافة إلى جشع التجار واستغلالهم للأسباب المنطقية لرفع الأسعار إلى حد غير معقول، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع إلى أكثر من 50 %، وأيضاً إلى انخفاض راتب الموظف بحدود 25 % من قيمته.


الوضع الأمني هو السبب
وحول موضوع ارتفاع الاسعار الغير طبيعي يقول الدكتور عمار اليوسف محلل اقتصادي لجريدة بورصات وأسواق أنه من الملاحظ الارتفاع الجنوني للأسعار لكن قبل السؤال عن الحد من هذا الارتفاع لابد من السؤال عن سبب ارتفاع الأسعار ولاشك أن السبب الأساسي لارتفاع الأسعار هو الوضع الأمني الذي تشهده سورية والحرب الخارجية والداخلية على الوطن العربي السوري مع حجم كبير من العقوبات التي استهدفت المواطن السوري في لقمة عيشه وفي حاجياته الأساسية أدت هذه المجموعة من العقوبات والوضع الأمني إلى حدوث خلل في الخارطة الاقتصادية السورية مما استتبع بالتالي ارتفاع سعر صرف الدولار تجاه الليرة السورية الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار المواد في الأسواق السورية بشكل عام ,وبلغت مستويات قياسية , وارتفاع أسعار العقارات ومواد البناء ماهو إلا منعكس جانبي لارتفاع سعر صرف الدولار كون مواد البناء معتمدة بالغالب على الاستيراد إضافة لتوقف المصانع المحلية عن الإنتاج وخروجها خارج الخدمة نهائياً بسبب الأوضاع الأمنية وعدم توفر المواد الأولية . أما الحل المثالي لهذا الارتفاع فلابد من العودة إلى المشكلة الأساسية وهي السبب فلابد من عودة الهدوء وانتهاء المشكلة الأمنية وتوقف الضغط الخارجي على سورية لتعود الأمور إلى طبيعتها وهي بالنتيجة منعكس سياسي، لاشك أن هناك علاقة كبيرة فكما تحدثنا سابقاً غالبية المواد الأولية للمنتجات السورية تعتمد على الاستيراد من الخارج وارتفاع سعر الدولار يجعل سعر المستوردات عالية جداً مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار .


التاجر يساهم بزيادة الأسعار
وأشار اليوسف أنه لابد من ملاحظة أن جشع هؤلاء التجار يساهم إلى حد كبير في زيادة الأسعار نتيجة ما يقومون به من احتكار ومن مضاربة بسعر المواد مما يساهم أكثر في ارتفاع الأسعار وخاصة أن غالبية التجار قد تحولوا إلى تجار أزمات لا يهمهم إلا تكديس الأموال ‘ إضافة إلى أن التجار عندما يرتفع سعر الدولار نقطة يقومون برفع أسعارهم نقطتين تحسباً للارتفاع القادم للدولار,مما سيؤدي إلى سلسلة متعاقبة من الارتفاعات .


المركزي له دور
وبين اليوسف أنه لا يمكن أن نبخس المصرف المركزي دوره فيما يقوم به من عملية تدخل في سعر الصرف للسيطرة على الارتفاع الغير طبيعي للدولار وعلى الجميع أن يعلم انه لولا سياسة المركزي في التدخل لأصبح سعر صرف الدولار بالنسبة لليرة السورية 2000 ألفين ليرة سورية نتيجة الهجمة الغاشمة التي يقوم بها الخارج خاصة على الاقتصاد السوري، وحتى الآن وبرغم جميع من يخالفنا الرأي فان أزمة القطع الأجنبي وارتفاع الدولار تسير بالاتجاه الصحيح ولابد للدولار أن ينخفض بل وينهار تجاه الليرة السورية وذلك عندما يتحقق عاملين وهما سيتحققان: العامل الأول: هو هدوء الوضع الأمني وعودة الاستقرار إلى ربوع الوطن العربي السوري والعامل الثاني: هو عند البدء باستخراج الغاز والنفط وتتحرك عجلة الاقتصاد السورية من خلال الاستثمارات الجديدة ,مما سيؤدي بالنهاية إلى عودة سعر الدولار إلى اقل من سعره قبل الأزمة . وأضاف اليوسف لاشك أن الأسعار ستنخفض في سورية وهذا أمر حتمي عند استقرار الأوضاع في سورية وإعادة التواصل بين أرجاء القطر العربي السوري وكذلك عند توقف الهجوم الخارجي خاصة الاقتصادي على سورية,لكن الانخفاض ليس بأي حال عودة إلى الأسعار القديمة لكن سيتم الانخفاض بحدود النصف وأكثر ولكن ليس العودة إلى ما كانت عليه الأسعار لذلك المعالجة تكون بتحسين الوضع المعيشي للمواطن السوري من خلال حزمة إجراءات لا تكون زيادة الرواتب عاملا أساسيا فيها بل ضمن إجراءات اقتصادية الهدف منها دعم معيشة المواطن.


الحركة بطيئة
أما بالنسبة لحركة السوق قال اليوسف أن الحركة في السوق السورية السمة الغالبة فيها هي البطء نتيجة عدم وجود سيولة لدى المواطنين نتيجة انخفاض الدخل وزيادة الادخار وعملية الاحتكار التي يقوم بها التجار للمواد في ظل غياب كامل للرقابة التموينية ,فالمواطن السوري حالياً لا يشتري إلا ما هو ضروري لمعيشته وبأقل الكميات الضرورية التي تلزم لاستمرار الحياة ,وهذا يؤدي بدوره إلى بطء في العجلة الاقتصادية .


وأخيراً وليس أخراً
يأمل المواطنين أن تزول هذه “المحنة”، ويتمكن المسؤولين عن الأسواق من ممارسة رقابتهم الاعتيادية على السلع وتنهي الحالة الجنونية للأسعار في الأسواق وصولاً إلى تحقيق نوع من العدالة ما بين مدخول الفرد والأسعار ، ، من خلال تفعيل دور وزارة الاقتصاد مجدداً في السوق لتعاود سيطرتها على التجارتين الداخلية والخارجية وإلغاء تحرير الأسواق الذي كان لها الأثر البالغ في تدهور الاقتصاد السوري

نور ملحم - Syriandays


التعليقات