مع تواصل وسرعة إنجازات قواتنا المسلحة على الأرض وفشل الغرب الاستعماري وأدواته في عزل سورية سياسياً لدى المؤسسات الدولية بفضل تصدي الدول الصديقة وتعزيز موقفها الثابت من الأزمة في البلاد كانت الحكومة على موعد مع استحقاق هام يتعلق بصد العدوان الاقتصادي القديم الجديد الذي بات العنوان الأبرز والأساسي خلال الأشهر والأسابيع الأخيرة للحرب الكونية على سورية.

العدوان الاقتصادي لجأ له أعداء سورية بعد يقينهم بعدم قدرتهم على النيل من صمود السوريين الذين التفوا بكل شرائحهم وفئاتهم داعمين لمهمة جيشهم الوطنية الهادفة إلى تخليص البلاد من الإرهاب ليكون مخططهم الجديد ممارسة أساليب الحصار وضرب الليرة السورية واستهداف القطاع الاقتصادي بمؤسساته الوطنية في خطوة لمعاقبة الشعب السوري عبر لقمة عيشه.

ولم يكن حصار مدينة حلب خلال الأسبوعين الماضيين من قبل الإرهابيين ومحاولات تجويع أبنائها الذين وقفوا رغم كل ما يتعرضون له من إجرام ضد المجموعات الإرهابية المسلحة إلا دليلا واضحا على هذه الحرب الاقتصادية التي اتخذت من الحصار والتضليل الإعلامي عناصر جديدة تضاف إلى عمليات استهداف شاحنات نقل المواد الغذائية التي ازدادت وتيرتها مع المخطط العدواني الجديد.

المخطط الذي حاول أعداء الوطن من خلاله إفقاد السوريين ثقتهم بعملتهم الوطنية من خلال تدخل بنوك خليجية لسحب الليرة من البلاد ورفع أسعار صرف الدولار وفق ما يرى مراقبون للأوضاع الاقتصادية في البلاد تزامن مع ارتفاع غير مسبوق لأسعار المواد والسلع الغذائية أدت إلى معاناة معظم المواطنين ولاسيما أن هذا الارتفاع كان مع بداية شهر رمضان الذي لطالما كانت ترتفع فيه الأسعار بشكل تلقائي.

معاناة السوريين دفعت الحكومة للتدخل بشكل مباشر عبر عدة إجراءات سريعة لمعالجة هذا الواقع بدأت بزيادة عدد السلع التي تدخل في إطار الدعم التمويني والاتجاه نحو التسعير الإداري لبعض المواد الأولية وزيادة مراقبة الأسواق وطرح كميات كبيرة وكافية من المواد في المؤسسات الاستهلاكية التي خصص بعضها للبيع بأسعار تقل عن السوق بنسب تتراوح بين 10 و40 بالمئة بينما شملت فيما يتعلق بسعر صرف الدولار عدة تدخلات من قبل مصرف سورية المركزي وإقرار مشروع قانون يقضي بتجريم التعامل بغير الليرة السورية تحت عقوبات حسب المبلغ المتعامل به تبدأ بالسجن من سنة إلى ثلاث سنوات إذا كان المبلغ دون 500 دولار لتصل إلى الأشغال الشاقة حتى عشر سنوات في حال تجاوز المبلغ المذكور مع فرض غرامات مالية طائلة ومصادرة المبالغ التي تم التعامل بها.

ولا يخفى على أحد دور أصدقاء سورية وتقديمهم سياسياً كل ما يلزم من أجل منع التدخل الخارجي في البلاد والتخفيف من معاناة السوريين الذين يتعرضون لحصار غربي عربي جائر ليتركز هذا الدور على الجانب الاقتصادي من خلال خط الائتمان مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية اضافة الى تعاقد المؤسسة العامة الاستهلاكية مع شركة اريا تجارت قارة الإيرانية لتوريد مواد وسلع غذائية ومنظفات ومواد تحويلية.

ذات الأمر بالنسبة لروسيا التي طالما أكدت أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام معاناة الشعب السوري ومحاولات استهدافه اقتصادياً بحسب محللين يرون أن دعم موسكو سيستمر ويتعزز خلال الأشهر القادمة في مختلف المجالات ومن بينها الجانب الاقتصادي وذلك لتعزيز قدرة السوريين على مواجهة الحرب الاقتصادية الشاملة التي يتعرضون لها من قبل الغرب الاستعماري وأدواته في المنطقة.

وبالعودة إلى الإجراءات الحكومية التي تتوجه نحو فتح منافذ بيع في مختلف الوزارات والجهات الحكومية والعمل على تفعيل ثلاثة آلاف منفذ بيع جديد في مختلف المحافظات فهي تعمل اليوم لافتتاح معارض تسوق ضخمة في الصالات الرياضية ومدينة المعارض مزودة بمختلف المواد الغذائية والالبسة بأسعار مدعومة قبل قدوم عيد الفطر السعيد مع وجود خطة مماثلة لتزويد السوق بمختلف المواد التموينية وخاصة الفروج والسمن والزيوت والسكر والرز بهدف كسر احتكار بعض التجار للسلع وتأمين احتياجات المواطن الأساسية.

ولا تزيد تصريحات الحكومة عن التوسع في سياسة الدعم وتأمينها خلال الأيام القادمة جميع المواد الغذائية والاستهلاكية وإغراق السوق المحلية بها تباعا المواطنين إلا ارتياحاً وثقة لاسيما بعد أن نجحت السياسات النقدية التي اعتمدها مجلس النقد والتسليف والمصرف المركزي بخفض سعر صرف الدولار أمام الليرة بما يقارب 100 ليرة خلال أسبوع في إعادة الثقة والاستقرار بشكل تدريجي إلى العملة الوطنية والأسواق.

ويشير مواطنون إلى أن الحكومة مطالبة اليوم بمزيد من الإجراءات والرقابة على الأسواق ومحاسبة التجار الذين لا يزالون يحتكرون بعض المواد مؤكدين في الوقت ذاته أنهم يقدرون حجم الأعباء التي تفرضها ظروف الحرب الاقتصادية على البلاد والتي ستفشل كما فشلت قبلها الحرب السياسية والإعلامية في النيل من صمود السوريين الذين سيزيدون من تكافلهم وتعاونهم للتغلب على هذه الظروف.

وإلى أن تثمر الإجراءات الحكومية بشكل كامل وتنعكس بوضوح على الأسواق وحياة المواطنين في ظل الحرب التي تتعرض لها البلاد يؤكد السوريون أنهم سيواصلون الصمود مع جيشهم الباسل ومع حكومتهم في التصدي للعدوان الاقتصادي ومحاسبة المستغلين وتجار الأزمة لتخليص كامل تراب الوطن من وجود الإرهاب ولتبقى سورية عصية على كل أشكال العدوان وقلعة لا يستطيع أحد اختراقها.

التعليقات