أشار تقرير نقابة عمال التبغ للعام 2012 إلى انتشار آلاف الباعة الجدد للدخان من كل صنف ونوع وبعضها خطر على الصحة وذلك إلى جانب الهجوم على معامل التبغ السورية ومحاولة إغلاقها من خلال ترهيب العاملين وعدم تمكنهم من العودة إلى العمل، ما أدى إلى توقف كلي وجزئي لبعض المعامل أو خطوط الإنتاج ونقص في الإنتاجية.


وبحس صحيفة " تشرين " الحكومية  بأن معملي التبغ في دمشق وحلب متوقفان عن العمل بشكل كامل، فيما يحاول معمل اللاذقية وحده سد النقص من مادة السجائر لتبلغ نسبة تنفيذ خطة مؤسسة التبغ إلى 42% فقط حتى شهر أيار. ويشير تقرير نقابة عمال التبغ إلى أن التهريب الكبير للتبغ استفحل بعد معاناة قطاع النقل والقطاع الزراعي.


بينما أفادنا رئيس الاتحاد المهني لعمال الصناعات الغذائية والتبغ ابراهيم عبيدو أنه بعد توقف معملي التبغ في حلب ودمشق، فإن معمل اللاذقية هو الوحيد الذي ينتج السجائر وقدم هذا العام ايراداً لخزينة الدولة وصل إلى 14 مليار ليرة وبناء عليه رصدت مكافآت للعمال من نسبة الربح بمبالغ متوسطة وصلت إلى 10 آلاف ليرة لكل عامل، وما زال العمال في معملي حلب ودمشق يتقاضون أجورهم وطبابتهم بشكل كامل.
وأفادنا مصدر آخر مطلع رفض الكشف عن اسمه بأن توقف معملي حلب ودمشق سبّب نقصاً خطراً في السوق من مادة التبغ، حيث إن الاستهلاك اليومي من هذه المادة يقدر بنحو 70 طناً، فيما لايتجاوز الإنتاج المحلي اليومي 50 طناً، مايعني أن التهريب اليومي من السجائر يقدر بـ 20 طناً يومياً.


في جولة لتشرين في الأسواق للاطلاع على ماركات الدخان الأجنبي المنتشرة في الأسواق وأسباب انتشارها، علمت بأن السعر الرخيص هو أهم الأسباب لذلك، وخاصة بعد أن حلقت أسعار الدخان الأجنبي المستورد عن طريق مؤسسة التبغ، حيث أصدرت المؤسسة لائحة أسعار جديدة لمبيع الكيلو غرام الواحد «خمسة كروزات من الدخان الأجنبي المستورد للسوق الداخلية، بحيث يصل سعر الكيلو غرام من صنف دخان «كنت» إلى 9275 ليرة ومن «روثمان» إلى 8250 ليرة و«اللوكي كرتون» 7250 ليرة و«اللوكي ورق» 6250 ليرة و«دينفر سليم» 3700 ودينفر 3200 ومن صنف «فيشر» 3200 ليرة وكينغدوم 3100 ومعسل «النخلة» بواقع كروزين 2400 ليرة.


وعلمت تشرين من أحد الباعة الجوالين أن أسعار الدخان ارتفعت خلال الأزمة بمعدل 3 أو 4 أضعاف حيث ارتفع سعر اللوكي مثلاً من 40 إلى 130 ليرة، مؤكداً أن الصنف الأجنبي يدخل إلى الاسواق حالياً عن طريق التهريب حصراً مثل ميكادو وماستر وبيكترا، وأن الأصناف الجديدة تباع بأسعار أرخص من الأسعار المتعارفة عليها مؤكداً أن كل أنواع السجائر متوافرة، لكن بعض المستهلكين لايستطيعون شراء الدخان الغالي لذا يفضلون هذه الأنواع الجديدة التي تباع بأسعار تتراوح بين 55 أو 80 ليرة للعلبة الواحدة. أما الجهات الرقابية وجهاز المكافحة فهو يأتي على الإخباريات بين الفينة والأخرى ـ حسبما أفادنا البائع نفسه ـ وفي كل مرة يهرب الباعة الجوالون من عناصر المكافحة ويعودون فور ذهابهم.


وقال آخر لتشرين إن الأنواع الجديدة من الدخان تهرب من العراق مثل ألود، مبيناً أن هذه الأنواع استطاعت أن تحل أزمة ارتفاع أسعار الدخان الأجنبي المتعارف عليه وخاصة أن هذه الارتفاعات وصلت إلى 80% حيث كانت علبة دخان الوينستون تباع بـ 65 ليرة وأصبح بـ 120 ليرة، بحيث كان التاجر يشتري بمليون ليرة 24 كرتونة واليوم يشتري بهذا المبلغ 9 كرتونات. مبيناً أن الدخان متوافر لكن أسعاره مرتفعة، أما الأجنبي مثل ايليغانس فهو كله تهريب، وبالنسبة لمؤسسة التبغ فهي توفر الكينغدوم فقط لاغير وتبيع الكروز للتجار بـ 625 وهم يبيعونه بـ 650 ليصل الباكيت للمستهلك بـ 70 ليرة.


وأفادنا صاحب إحدى محلات التبوغ في المرجة بأن الأنواع الجديدة من السجائر تباع على البسطات حصراً ولا توجد في المحلات المرخصة وهي تبيعها طمعاً برخص سعرها بعد أن ارتفعت أسعار الدخان المستورد بشكل نظامي إثر ارتفاعات الدولار


وقال واحد ممن يبيعون الدخان على البسطات في المرجة: كنا نربح بالباكيت الأجنبي 10 ليرات واليوم بعد ارتفاع الدولار نربح ليرتين ونصف الليرة فقط لأن رفع سعر الباكيت أكثر على المستهلك يعرضه للكساد بعد أن أصبح الدخان الرخيص متوفراً كميكادو وغيره، مبيناً أن تقلبات الأسعار ترخي بظلالها الثقيلة على ارتفاع أسعار الدخان، حيث أصبح صنف ايليغانس يباع بـ 85 ليرة مثلاً، مبيناً أن بعض الأنواع الغريبة عن السوق مهربة من لبنان وسبب توافرها هو التنويع في السوق وليس أكثر، أما الجهات الرقابية فلم تعد تدقق على انتشار مثل هذه الماركات كما قال، وصارت تغض النظر وخاصة بعد توقف أعمال الناس ومصالحهم.
وأضاف آخر إن هذه النوعية من الدخان تهرب عن طريق لبنان أوالعراق. وأسعارها أرخص بنسبة 30% عن الدخان المتعارف عليه، ورغم أنها «ستوك» حسب وصفه إلا أنها تلاقي إقبالاً لكونها أكثر رخصاً، وهناك أنواع ليس لها رواج، وبين أن سعرها الرخيص هو أهم العوامل لمنافستها الدخان الأجنبي المعروف الذي ارتفعت أسعاره لحدود خيالية فالمالبورو كان يباع بـ 80 ليرة واليوم صار بـ 340 ليرة، فيما يباع أرخص نوع من الأنواع الجديدة بسعر 70 ليرة. وأكد مبيناً أن الجهات الرقابية تأتي أحياناً وتصادر كل المخالفات ولكن أصحاب الرزق على العربات يعودون للعمل بعد ساعات.


فيما تفيد مصادر مؤسسة التبغ بأن إحجام الشركات الأجنبية عن التوريد والارتفاعات غير العادية لأسعار القطع الأجنبي اللازم اضطرها لرفع الأسعار لتوفير السلعة. علماً بأن المؤسسة كانت قد رفعت أسعار شراء أصناف التبوغ من المزارعين لموسم 2012-2013 في أيار من العام الماضي عن أسعار الشراء في الموسم الذي سبقه بنسبة تراوحت بين 15 في المئة و30 في المئة، وسبقها 5 زيادات على أسعار الشراء خلال الفترة الممتدة بين عامي2000 و2011 تراوحت نسبتها بين 15 في المئة و63 في المئة.


ومن واقع السوق إلى المعنيين في المؤسسة العامة للتبغ انتقلنا، حيث حدثنا مدير عام المؤسسة د. فيصل سماق عن أسباب انتشار الدخان غير المعروف في السوق وأخطاره والصعوبات التي تواجه عمل المؤسسة بالقول: نتيجة العقوبات الاقتصادية المفروضة على القطر بشكل عام وعلى مؤسسة التبغ بشكل خاص وفي ظل الأحداث التي يشهدها القطر فقد امتنعت العديد من شركات التبغ العالمية عن التعامل مع مؤسسة التبغ سواء منها التي تزودها بالمواد الأولية اللازمة للتصنيع أو التي نستورد منها بعض أصناف السجاير الأجنبية المرغوبة في السوق ونتيجة لذلك استغل الكثيرون هذا الوضع وصاروا يمارسون التهريب خاصة من ناحية الحدود التي تشهد توتراً أمنياً وإدخال العديد من الأصناف غير المعروفة والتي لم تكن المؤسسة تستوردها أصلاً مستغلين عدم تمكن المؤسسة من سد حاجة السوق المحلية من الأصناف الأجنبية لصعوبة استيرادها وانخفاض كميات الانتاج الأجنبي المتاحة.


وبين أن هناك أسماء لأصناف ماركات لاحصر لها غير معروفة المنشأ ولا المصدر في السوق وتدخل بكميات كبيرة إلى السوق المحلية بطريقة غير مشروعة وهي رديئة جداً وإن كانت تلقى رواجاً عند بعض المدخنين قياساً بأسعارها أولاً وبامبلاجها المقبول لديهم ثانياً إلا أنه ليس لدى المؤسسة حالياً أي احصاءات دقيقة عن كميات هذه الأصناف ويذكر منها على سبيل المثال (يونايتد، اليغانس، مانشستر، وينستر، ماستر، كورسا، ولسن، جيكور، ويلسن....) ونعتقد أن الأمر مرهون بتحسن الوضع الأمني للانتهاء من هذه الظاهرة، مبيناً أنه كان للوضع الأمني وعدم الاستقرار في بعض المناطق من جهة وانخفاض الانتاج المحلي وصعوبة الاستيراد من جهة ثانية الدور الأكبر لانتشار هذه الأصناف الرديئة غير معروفة المصدر والمنشأ، وأن المؤسسة تحاول في ظل الامكانات المتاحة لديها من خلال جهاز المكافحة العامل وبالتعاون مع بعض الجهات الأخرى الحد من انتشار هذه الظاهرة.
ولدى الاستفسار منه عن الجهة المسؤولة عن ضبط انتشار ماركات الدخان الأجنبي غير المعروف قال: الأمر عائد لتحسن الوضع الأمني وبالتالي فإن المسؤولية تقع على عاتق الجميع حتى على المستهلك الذي تجب عليه مقاطعة مثل هذه الأصناف، لأن المؤسسة غير قادرة وحدها على ضبط هذه الظاهرة في ظل الظروف الحالية.


وبالنسبة للدول التي من الممكن تهريب هذه التبوغ منها فهي منتشرة بين كل دول العالم حسب سماق، وإن كانت هذه الظاهرة عولجت في وقت سابق إلى حد ما ولكن الذي ساعد في انتشارها هو الوضع الأمني، مبيناً أن تهريب هذه الأصناف يتم عبر الحدود البرية والبحرية ومن كل دول الجوار دون استثناء ويساعدهم في ذلك بعض الوسطاء أو ضعاف النفوس ويستغلون الوضع الأمني حالياً.


يجهل معظم من يبيعون الدخان على البسطات غريمهم رغم أنهم يدعون حذرهم الشديد منهم في الماضي، حيث كانوا يترصدون للأجهزة الرقابية ويشيرون لبعضهم بوسائل خاصة متعارفة فيما بينهم حذراً من الرقابة، فأغلب من التقيناهم يدعون أنهم يهربون من التموين ويحذرون منه، ولكن الحقيقة هي أن عمل التموين بعيد كل البعد عن مراقبة بسطات السجائر حصراً، حيث أفادنا معاون مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك كمال العوض بأن التموين ليس مسؤولاً عن مخالفات الدخان، وإن جهاز المكافحة «الريجي» هو الجهة المسؤولة حصراً، وأن كثرة الشكوى على المواد الغذائية والأسعار لها الأولوية لدى جهاز التموين فيما تعد قضية الدخان ثانوية وخاصة في رمضان إذ لايجوز تعطيل الدورية وتضييع وقتها في ضبط مخالفات السجائر، مبيناً أن الضبوط الخاصة بالدخان من قبل جهاز المكافحة التابع لمؤسسة التبغ تسجل لكون هذه السجائر مهربة وليس لكونها مضرة صحياً وتحتوي مواد مخدرة أو غيرها.. ولكن العوض رغم ذلك اتصل ببعض الجهات الرقابية في مديرية التموين ليبلغهم بضرورة تحري مخالفات عربات الدخان.


فيما قال مصدر مسؤول في الجهاز العامل في المكافحة في المؤسسة العامة للتبغ لتشرين إن جهاز المكافحة يعتمد غالباً في ضبط التبوغ المهربة عن طريق المنافذ الحدودية، أما الأنواع التي تنتشر في السوق فهي مهربة وغير خاضعة للرقابة الصحية أو للمواصفات وفيها مواد مخدرة وسامة وليس فيها بيان جمركي وغير ممهورة بعبارة (مستوردة خصيصاً لصالح الجمهورية العربية السورية)، مشيراً إلى أن جهاز المكافحة كان يسطر نحو 50 ضبطاً يومياً على المادة 62 من القرار رقم 16 ل/ر لعام 1935، أما اليوم فهو يعمل على الإخباريات، حيث ترده اليوم بمعدل إخبارية شهرياً وهو يتجاوب مع الإخبارية حسب أمان المنطقة.

التعليقات