امر مؤسف، ومقلق في الوقت نفسه، ان نعلم عن الهجوم الصاروخي الاسرائيلي على مخازن للصواريخ السورية الروسية الصنع من طراز "ياخوند" البحرية المتطورة من مصادر امريكية وليس من مصادر سورية، والمأمول ان لا ننتظر طويلاً "الرد الاستراتيجي" الذي سيتعاطى مع مثل هذه الهجمات الاستفزازية التي تستغل ضعف دولة عربية وانخراطها في حرب اهلية دموية لممارسة مثل هذا العدوان.
الاسرائيليون، ومن خلفهم الامريكيون، ورهط من العرب، لا يريدون ان تمتلك اي دولة عربية اسباب القوة، وبما يؤهلها للحفاظ على امنها الوطني، وحماية شواطئها واجوائها من اي عدوان خارجي، وهذا ما يفسر هذه الهجمات المتكررة على مخازن الاسلحة السورية على وجه التحديد.
ليس لدينا معلومات موثقة عن الاهداف التي استهدفها العدوان الاسرائيلي على مدينة اللاذقية قبل ستة ايام، ونجهل ما اذا كانت الهجمات الصاروخية الاسرائيلية، سواء كانت من الجو او البحر، قد حققت الغرض منها، اي تدمير هذه الخازن ومحتوياتها، ولكن ما نحن متيقنون منه ان هذا العدوان بحاجة الى رد باي صورة من الصور، ولابد ان هناك طرقاً عديدة في هذا الاطار تملكها الدول المعنية بالرد، سواء سورية او ايران او حزب الله.
كنا في الماضي نلوم الدول العربية التي تصمت على مثل هذا العدوان، ولكننا توقفنا عن توجيه اللوم، بعد ان بات واضحاً ان هناك دولاً وحكومات وجماعات ترقص طربا وهي ترى الطائرات الاسرائيلية "الصديقة" تقصف بلداً عربياً مثل سورية، بسبب احقادها ووقوفها في الخندقين الامريكي والاسرائيلي.
العداء للنظام شيء، والعداء لسورية الوطن شيء آخر مختلف كلياً، فعندما يكون هناك خيار بين الوقوف في خندق العدوان الاسرائيلي، او خندق الدفاع عن سورية الوطن، فاننا نختار الخندق الثاني دون اي تحفظ، فهذا ما تمليه علينا اخلاقنا وقيمنا وعقيدتنا.
اسرائيل التي تحتل المقدسات العربية، الاسلامية والمسيحية، في القدس، وتمارس ابشع انواع الاذلال لاهلنا في فلسطين المحتلة، من البحر الى النهر، هي العدو الاول للعرب والمسلمين جميعاً، والتصدي لعدوانها على اي بلد عربي ومسلم هو واجب اخلاقي وديني على الجميع بغض النظر عن الهوية والديانة والمذهب.
اختلفنا مع النظام السوري لاكثر من عشرين عاماً ومازلنا، ولكن هذا الخلاف لن يعمينا عن رؤية هذا العدوان الاسرائيلي على سورية الوطن والشعب. فلولا ان هذه الصواريخ السورية المستهدفة تشكل تهديداً حقيقياً لاسرائيل ومستوطنيها لما جرى استهدافها في الماضي، والحاضر وفي المستقبل ايضاً.
نعم نلوم النظام السوري وحلفاءه على عدم الرد، وامتلاك اسباب القوة للقيام بهذا الواجب الاخلاقي المشروع منذ عشرات السنين وليس اليوم فقط، ولكن لابد من رد فعل يكون على قدر العدوان، وبما يوازيه، او حتى اقل المهم الرد ووضع حد لهذه العربدة.
ندرك جيداً ان اسرائيل ترمي من وراء هذا الاستفزاز الى جر سورية النظام الى حرب تختار هي توقيتها، ولكن هذا لا يلغي اسقاط مبدأ الدفاع عن النفس وهو حق مشروع كفلته القوانين الدولية والالهية، فقد شبعنا اهانات واذلالاً، وادارة الخد الايمن والايسر للصفعات.
روسيا امام اختبار حقيقي باعتبارها مستهدفة ايضاً بمثل هذا العدوان، وعدم تزويدها سورية بما تحتاجه من اسلحة فاعلة، هو ضرب في العمق لمصداقيتها وصورتها امام العرب والمسلمين، بل العالم باسره.
نحن ندين وبقوة، استخدام الطائرات والصواريخ السورية لقتل المدنيين وتدمير الاحياء فوق رؤوس ساكنيها، واللجوء الى الحلول الامنية الدموية للتعاطي مع المعارضة والشعب المنتفض للمطالبة بحقوقه المشروعة في الحرية والديموقراطية والعدالة، واخذنا هذا الموقف منذ اليوم الاول للازمة ومازلنا نتمسك به، ولكن لا نتردد لحظة في الوقوف ضد اسرائيل عندما تستهدف سورية، فالسلاح الذي تدمره اسرائيل هو سلاح للشعب السوري باسره، تماماً مثلما كان السلاح العراقي للشعب العراقي، بل وللامة باسرها. نقول هذا لاننا ندرك ان هناك من سيشهر سيف الاتهامات في وجوهنا.
ختاماً وللمرة الالف نقول انه اذا خيرنا بين سورية والعدو الاسرائيلي فاننا سنختار الخندق السوري، مرددين مقولة الاندلسي الشهير المعتمد ابن عباد، بان رعي الابل عند ابن عمي اشرف من رعي الخنازير عند الفرنجة المستعمرين.

التعليقات


نبيل
الغاز دولار بدأ بالتحول بعد طرده من مجلة القدس ... الغاز دولار مازالت شخصيته غير موزونة ... الغاز دولار يريد العودة عن طريق التحريض الرد اذا طان في عدوان .... الغاز دولار سيحترق وينتهي ويتحول الى غاز خانق يقضي على مروجيه

tone zar
استاذ عبدالباري اشكر حماسك في الدفاع عن سورية والشعب السوري واقسم بالله العظيم ليس هناك الان ثورة في سوريا ولا علاقة للاعمال التي يقومها المجرمين باي ثورة على وجه الارض كل ما هنالك عصبات دولية ارهابية منظمة تسعى لحرق سوريا مولاة ومعارضة ليس الا وانت قد تكون من القليلين اللذين يفهون ما اقصد

issa
عبد الباري عطوان أنت كحماس لن تدخل قلوب السوريين ثانية مهما فعلت
كلام حق يراد به باطل .....!!!!! على من تقرأ مزاميرك ياداؤود.....!!!!!؟؟؟؟ أولاً لم تكن حضرتك في يوم من الأيام مع سورية والشعب السوري ,بل لم تكف صحيفتك عن بث السموم القاتلة حول الأزمة السورية .ولم نسمعك يوماً تدين العصابات الإجرامية التي تدمر سورية حجراً وبشراً وشجراً,لا بل كنت كل الوقت تهلل لما يسمى المعارضة السورية ,بالرغم من معرفتك الدقيقة لما جرى ويجري في سورية,وكيف حيكت المؤامرة الأمريكية الصهيونية العربانية عليها..........فمن خدم مثلك لصالحهم لا يمكن أن يكون على غير دراية .....!!!!! بالرغم من كل ذلك أريد أن أبشرك بأن سورية لا تنتظر منك نصيحة عن كيفية الرد وتوقيته.......هذا إذا كانت روايتك عن استهداف الصواريخ في اللاذقية صحيحة ,فنحن ذهبنا إلى الموقع الذي قيل أنه قصف من قبل إسرائيل .....وكانت النتيجة أن من قصف الموقع هي جبهة النصرة وبصواريخ مالون الفرنسية .أما نتيجتها فكانت {فالصو} لأنه ليس هنالك لا صواريخ ياخونت ولا من يحزنون .....فالموقع هو للتدريب وثكنة عسكرية عادية جداً ......هل تظن أن القيادة بهذه السذاجة لتضع صواريخ استراتيجية في هكذا موقع ؟؟؟؟؟!!!!! كبر الله عقولكم وأعادكم إلى حضن العروبة الحقة التي أضعتها منذ زمن بعيد ياأستاذ عبد الباري ........على كل شك الله سعيكم .