كشف باحث وخبير اقتصادي في دراسة خاصة أن أهم أسباب غلاء العقارات في سورية تعود إلى عدم وجود نقابة لمهنة الوساطة العقارية وعدم وجود هيئة رسمية فاعلة للتقييم العقاري ما جعل الأسعار لا ترتبط بالمبدأ الأساسي في السوق وهو (العرض والطلب)، فالتخمين المالي لأسعار العقارات بعيد جداً عن الواقع ولا يرتبط بالقيم الفلكية لأسعار العقارات وهي مثلاً حتى في أغلى مناطق دمشق لا تتجاوز 100 ألف ليرة سورية، إضافة لارتفاع أسعار الدولار ما زاد كلفة البناء التي كانت تقدر بـ(5000 ل.س) للمتر المربع الواحد قبل الأزمة أصبحت اليوم تقارب (15000 ل.س).

وحسب المهندس ماهر مرهج الذي يشغل أيضاً منصب رئيس حزب «الشباب» السوري «معد الدراسة» فإن أسباباً أدت لارتفاع الأسعار ترتبط بعدم تطبيق قانون منع تجارة العرصات والاحتيال على القانون بطريقة أو بأخرى خصوصاً في ظل فقر التوسع في المخططات التنظيمية للبلدان والقرى ومراكز المدن والمحافظات إضافة لضعف الخدمات والتنمية في المدن البعيدة عن مركز العاصمة والمحافظات، وعدم تطبيق ضريبة القيمة المضافة على العقارات وخصوصاً السكنية منها، ما حول معظم المواطنين السوريين إلى تجار عقارات غير مسجلين وغير مشمولين ضريبياً من خلال استثمار مدخراتهم في مساكن على الهيكل ورفض بيعها أو بيعها بأسعار خيالية دون أن يطولهم بسبب عمليات البيع المتكرر ضرائب حقيقية بل ضرائب وهمية، لا تتناسب مع قيمة الربح التي يحصل عليها المواطن من تجارة العقار، وغياب الفرص الاستثمارية.

ويرى الخبير العقاري أن هناك قصوراً في دور المؤسسات الحكومية المعنية بشؤون عقار السكن وهي عاجزة عن مواكبة حاجة السوق العقاري والتي تقدر بمليون شقة سكنية تبعاً لتزايد عدد السكان وحاجة السوق، كما أن انتشار مناطق السكن العشوائي ساهمت لحد كبير في تأمين سكن رخيص للمواطن السوري وإن كان غير صحي ما تسبب بعدم تحريك سوق العقار النظامي وغيابه عن المشاركة في سد حاجة المجتمع للسكن، كما هناك ضعف للقدرة الشرائية للمواطن السوري وعدم وجود مؤسسات إقراض حقيقة تساعد المواطن على امتلاك منزل في ظل القيود المفروضة على المصارف في التسليف السكني، وغياب شركات الرهن العقاري التي تساعد في تنشيط سوق العقار ومساعدة المواطنين.

وذكر مرهج أن هناك غياباً لدور القطاع الخاص الحقيقي في المساهمة بحل الأزمة العقارية في ظل بيئة قوانين استثمارية شجعت الاستثمار في العقار الفاخر أو الترفيهي بعيداً من الاستثمار في مجال (السكن الاجتماعي) واكتفاء دور القطاع الخاص على الاستثمار في مناطق المخالفات، كما هناك تجميد وتهميش لدور الجمعيات السكنية التعاونية التي ساهمت في مرحلة الثمانينيات من القرن الماضي في بناء معظم المدن الحديثة.

وتوضح الدراسة مجموعة إجراءات إسعافية وذلك بتطبيق قانون القيمة المضافة على العقارات بشكل واقعي ينسجم مع أسعارها الحقيقة بحيث يدفع المواطن الذي يملك أكثر من عقار سكني وخصوصاً في منطقة واحدة ضريبة تجارية حقيقية تزداد سنوياً، وإنشاء مؤسسات متخصصة لتقييم أسعار العقار على اختلاف أنواعه تمنح شهادات تقييم سنوية لا يجوز إتمام البيع والشراء دونها هذا التقييم الذي يوزع دورياً على مكاتب أو شركات الوساطة العقارية التي يجب أن تكون مرخصة أصولاً.

كما طالب مرهج بإنشاء نقابة للوسطاء العقاريين والشركات العقارية تحافظ على حقوقهم وتطالبهم بدفع الضرائب عن عمليات البيع والشراء والوساطة، وتفعيل دور شركات الرهن والتقييم العقاري من خلال تأسيس شركة رهن عقاري ملك الحكومة السورية تكون بوصلة لشركات القطاع الخاص لتكون حلقة بين المؤسسات المُقرضة وبين العميل الراغب في تمليك العقار أو استئجاره، وتفعيل دور قطاع التعاون السكني من خلال تسهيل حصوله على القروض وتوزيع الأراضي المعدة للبناء على الجمعيات السكنية لتساهم في الدور المنوط بها للمساهمة في الخطط الخمسية للإسكان.

وأشار الخبير لضرورة تفعيل دور القطاع الخاص المنظم في عملية التطوير العقاري وخصوصاً (الرساميل المتوسطة والصغيرة) من خلال قوانين تطوير عقاري لصغار المستثمرين وليس فقط لكبار المستثمرين وإعطاء ميزات للاستثمار العقاري في مجال السكن (الاجتماعي) أو الرخيص، وفتح مجالات استثمار جديدة أمام المواطنين والمدخرين كتفعيل دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة وإعطائها ميزات حقيقية تدفع المدخرين لاستثمار أموالهم فيها بدل من دفنها في العقار ورفع ثمنه، والتوسع في المخططات التنظيمية للقرى والبلدات وزيادة مساحة الأراضي المعدة للبناء والتوسع الشاقولي من خلال زيادة عدد الطوابق وخصوصاً في مراكز المدن والبلدات وإلزام أصحاب الأبنية بإكسائها من خلال عدم منح رخص البناء إلا مع الكسوة وليس فقط على الهيكل كما هو الحال الآن.

كما اقترح وجود مخططات فورية لمناطق بالسكن العشوائي والمناطق المهدمة بسبب الأزمة وإشراك أصحاب المساكن في استثمارها والقطاع الخاص كما حدث في مرسومي إنشاء منطقتين منظمتين في محافظة دمشق وتعميم التجربة على مناطق السكن العشوائي في دمشق وريفها والمحافظات، وإعفاء مواد البناء من الرسوم الجمركية لتأمين حاجة السوق منها وخصوصاً بعد ارتفاع أسعار الدولار والتعويض عن ذلك بضريبة القيمة المضافة المفروضة على الاتجار بالعقار وخصوصاً السكني.

سيريا ديلي نيوز - الوطن


التعليقات