أكد "  المدير التنفيذي لسوق دمشق للأوراق المالية " " الدكتور مأمون حمدان " أن الأزمة الحالية أثبتت أن قوانين وإجراءات البورصة ممتازة، فحتى الآن لم تفلس شركة مدرجة رغم استمرار الأزمة منذ أكثر من عامين، بل إن معظمها مازالت رابحة وهذا أمر إيجابي للبورصة ويثبت أن الشركات المدرجة درست بعناية فائقة، ولن نقدم على إدراج أي شركة لا تلبي المعايير حتى لانخدع المساهم ونتمنى أن تحل المشكلات الموجودة في بعض شركاتنا المساهمة غير المدرجة حتى ندرجها، وهناك من قام فعلاً بحلها، والآن لدينا شركات مؤهلة للإدراج وأطالب بإدراجها بأسرع وقت ممكن، مؤكداً أن البيئة التشريعية لدينا جيدة، مع وجود بعض الأمور التي قد تكون متعلقة بظروف القطع لدى المستثمر الأجنبي لأنها ليست بالشكل المطلوب، رغم أن قوانين سوق دمشق تسمح لأي مستثمر أجنبي بالتعامل معها.

وأوضح حمدان أن عدد الشركات المدرجة في سوق دمشق للأوراق المالية وصل حالياً إلى اثنتين وعشرين شركة بعد أن كان عددها عند افتتاح السوق ست شركات، وحالياً بسبب الأزمة الموجودة في سورية فإن الشركات ( وكما هو معروف عالمياً) لا تدرج أسهمها، رغم أن لي رأياً مختلفاً لأن البورصة هدفها خدمي والشركة المساهمة يجب أن تدرج مهما كانت الظروف، لكن البعض يعتقد أن الظروف غير المستقرة ستؤثر على سعر السهم وهذا أمر ممكن، لكن ليس بدرجة كبيرة يخشى منها، وعلى سبيل المثال عندما هبطت أسعار الأسهم في بورصتنا فقد رافقها هبوط في أسعار أسهم الشركات غير المدرجة، مع وجود أفضلية للشركات المدرجة لأن لدينا شفافية بينما غير المدرجة ليست لديها شفافية، لذلك أدعو الشركات إلى إدراج أسهمها ، وحتى الآن لدينا نقص في الشركات، إذ إن تركيبة الشركات المدرجة في بورصتنا لا تعكس واقعنا الاقتصادي بشكل كامل، فالاقتصاد السوري ليس مصارف وتأميناً فقط، ولدينا الزراعة والسياحة والصناعة والعقارات، والتي كان من المفروض أن تؤسس شركات تمثل قطاعاتنا الاقتصادية المختلفة ونحن نتمنى ذلك، وبالنسبة للشركات المساهمة العامة الموجودة في سورية وغير المدرجة في البورصة فذلك يعود إلى أنها لا تحقق شروط الإدراج في سوق دمشق، وهذه الشروط وجدت لحماية المساهمين فنحن لا نريد أن ندرج شركات لا تلبي الشروط لنكتشف بعد ذلك وجود مشكلات وثغرات في تلك الشركات.

وفي رده على سؤالنا عما ينقص سوق دمشق للأوراق المالية من ثقافة استثمارية في المجتمع أو تشريعات بيّن حمدان بحسب صحيفة " تشرين " أنه ليس من السهل على أي شخص أن يتعامل مع البورصة لأن ذلك يحتاج إلى ثقافة استثمارية (ولو كانت أولية)، والمستثمر السوري معروف تاريخياً بطبعه أنه من السهل إرشاده إلى الاستثمار مقارنة بأي من شعوب المنطقة فهو مميز بتجارته، وهذا ما أثبتته البورصة بالفعل فالاكتتاب على أسهم الشركات تضاعفت خمس مرات بسبب الإقبال الكبير خلال الظروف التي كانت مواتيه، وحالياً فإن الظروف ليست جيدة بشكل كاف لسوق الإصدارات (الأولية) لكنها جيدة بالنسبة للاستثمار في السوق الثانوية، وسوق دمشق تأخرت حتى أقلعت لكنها درست بعناية وتم الاطلاع على معظم البورصات في الدول المجاورة وعلى مستوى العالم واستفدنا من أخطاء البورصات الأخرى وطورنا الأنظمة والقوانين بعناية، واطلع الكثير ممن زارونا وزاروا هيئة الأوراق المالية ومن ضمنهم خبراء من شركتي مورغن و وول ستريت على الأنظمة والقوانين وأقروا بأنها جيدة- وبعضهم أجرى لدينا دورات تدريبية لعاملينا- وأثنوا على أنظمتنا وقوانيننا وإجراءاتنا وفقاً لمستوى بورصتنا، ونحن نطمح إلى الأفضل وأن تصبح بورصة دمشق من أفضل البورصات في المنطقة وسورية وشعبها مؤهلان لذلك، فالبيئة السورية بيئة استثمارية وجاذبة للاستثمار،  لكن الظروف الحالية حجبت الاستثمارات، وأنا على ثقة أنه عند عودة الاستقرار ستأتي الاستثمارات.

عن خسائر البورصة نتيجة للأحداث الحالية أشار حمدان إلى وجود عجز في البورصة لأن إيراداتها تأتي من رسوم التداول وعندما تنخفض أحجام وقيم التداولات تنخفض إيراداتنا، كما أن إدراج الشركات المساهمة يحقق النسبة الأكبر من إيراداتنا، وبسبب توقف وتأخر عمليات الإدراج فهناك جزء كبير من إيراداتنا لم يتحقق، لذلك حاولنا ضغط مصاريفنا إلى أقصى حد ممكن بشكل لا يؤثر فنيا على البورصة، وهذا عجز مؤقت نتمنى ألا يستمر، ففي الفترة الأخيرة لاحظنا ارتفاعاً في حجوم التداولات ما عدل إيراداتنا، مشيراً إلى أن ارتفاعاً كبيراً حصل في إيرادات السوق خلال عامي 2010- 2011 نتيجة للارتفاع الكبير في أسعار الأسهم بسبب الظروف الجيدة والإقبال الكبير من المواطنين، وارتفع مؤشر سوق دمشق من 1000 نقطة عند إطلاقه بداية عام 2010 إلى 1700 نقطة عام 2011 ، وبعدها بدأ الانخفاض لعدة أسباب لا تعود جميعها إلى الأزمة الحالية وإنما تأثرت البورصة ببعض الإجراءات والقرارات التنظيمية التي اتخذت في سورية مثل زيادة رؤوس أموال المصارف والتي ساهمت في جذب السيولة، ما نجم عنه انخفاض أسعار الأسهم، لأن زيادة الاكتتاب تدفع الناس إلى الاستثمار في الأسهم، حتى يحققوا أرباحاً مباشرة من خلال شراء الأسهم الجديدة التي يقل سعرها عن سعر السوق وبيعها فيما بعد لتحقيق الأرباح، فانخفضت أسعار الأسهم نتيجة زيادة عمليات البيع فيما بعد، كما صدرت قرارات برفع أسعار الفوائد المصرفية ما ساهم أيضاً في جذب السيولة إلى الودائع المصرفية على حساب البورصة، ونحن نقبل بهذا الأمر لأن الاقتصاد الوطني يهمنا بالدرجة الأولى وكذلك قرارات بيع القطع للمواطنين خلال هذه الأزمة، ما أدى إلى نشوء تجارة العملات لدينا.

وبين حمدان أن سوق دمشق حققت العديد من الميزات والفوائد لمستثمرينا واقتصادنا الوطني، إذ استفاد المستثمر أو المساهم حالياً من قرارات البيع والشراء للأسهم، لأنه في حال عدم وجود البورصة فإنه سيكون مضطراً للذهاب إلى مقر الشركة والسؤال عن وجود من يرغب في شراء أسهمه وسيتعرض لأمور ليست في الحسبان، ما قد يؤدي إلى سوء تقييم أسهمه فيضيع حقه لأنه غير قادر على معرفة القيمة الحقيقية العادلة لأسهمه، ومن هنا تأتي أهمية البورصة من أجل عملية تداول هذه الأسهم، ونقل ملكيتها من شخص إلى آخر، وبالتالي فإن وجود البورصة من أجل عملية نقل ملكية السهم بعدالة وتحديد السعر بشفافية وبشكل اقتصادي، إذ يحدد سعر السهم ضمن البورصة من خلال تفاعل قوى العرض والطلب، فتتلقى إدارة البورصة أوامر البيع وأخرى للشراء على الأسهم المتداولة فيها، فتتفاعل هذه الأوامر بشكل إلكتروني بعيداً عن تدخل الأشخاص عن طريق الوسطاء، ليقوم النظام الإلكتروني بالتوفيق بين أوامر الشراء والبيع، وهنا نضمن عدداً من الأمور أولها أن السعر لا يمكن لأي شخص أن يحدده وإنما يتم ذلك عن طريق تفاعل قوى العرض والطلب، كما أن سعر السهم يتأثر بأداء الشركة، وبالتالي تزويد البورصة بأي معلومة طارئة عن هذه الشركة سواء أكانت إيجابية أم سلبية وهنا يجب على البورصة أن تنشرها مباشرة، وفي حال إغفال أي معلومة من الشركة فإنها ستحاسب وفق الأنظمة والقوانين من قبل هيئة الأوراق المالية المشرفة على هذا القطاع، لذلك أصبح المستثمر غير محتاج لسؤال أي شخص آخر عن المعلومات وما عليه إلا أن يذهب إلى الموقع الإلكتروني للشركة أو البورصة أو هيئة الأوراق المالية وأن يتفاعل مع هذا الواقع، والموقع الإلكتروني لسوق دمشق مصمم بشكل بسيط يمكن لأي شخص أن يتفاعل معه. وأضاف حمدان: إن البورصة هي السوق الثانوية التي أوجدت لدعم السوق الأولية (سوق إصدار الأسهم) والبورصة لم توجد بغرض تحقيق الربح، وإنما هدفها تقديم الخدمات وإفادة الاقتصاد الوطني وتشجيع المستثمرين السوريين والعرب والأجانب على تأسيس شركات مساهمة.

التعليقات