أكدت الدراسة التي أنجزتها هيئة تنمية وترويج الصادرات بعنوان تحليل التجارة الخارجية في سورية 2006- 2012، أنه مع بداية الأزمة بدأت قيمة العملة بالانخفاض، وأصبح الدولار الأميركي يعادل نحو 67.48 ليرة العام الماضي، نتيجة الضغوط الاقتصادية المترافقة مع الأزمة وتوالي العقوبات الاقتصادية المفروضة، ومازال سعر الصرف يتجه صعوداً، وشددت الدراسة على أن الاقتصاد السوري يمتاز بارتفاع درجة انفتاحه على العالم الخارجي، وبالتالي فإن تأثير سعر الصرف على مستوى الأسعار المحلية كبير، ما يتطلب الاستمرار في سياسات الربط أو التثبيت لسعر الصرف والاعتماد على السياسات الأخرى البديلة لتصحيح الاختلال في الميزان التجاري. وأشارت الدراسة إلى وجود عوامل يتوقف عليها نجاح تخفيض قيمة العملة، إذ تتوقف أهمية هذا الانخفاض في تشجيع الصادرات على العوامل التالية: اتسام الطلب العالمي على المنتجات السورية بقدر كاف من المرونة (تخفيض قيمة الليرة يؤدي إلى زيادة الطلب العالمي على الأسعار)، واستجابة الجهاز الإنتاجي في سورية للارتفاع في الطلب العالمي الناتج عن زيادة الصادرات، ويجب توافر استقرار في الأسعار المحلية، واستجابة السلع المصدرة للمواصفات كالجودة والمعايير الصحية.. الخ. وكشفت دراسة هيئة تنمية وترويج الصادرات أن استمرار ارتفاع فاتورة المستوردات أدى إلى استمرار معدل التضخم، ويعود الجزء الأكبر منه إلى التضخم المستورد، إضافة إلى تأثر أسعار السلع المستوردة بالحالة العامة الاقتصادية والسياسية والعقوبات المفروضة على سورية، والتي أدت إلى صعوبة استيراد بعض السلع أو ارتفاع تكلفتها نتيجة رفع بعض الرسوم الجمركية وإيقاف بعض الصادرات إلى سورية وخاصة الأوروبية منها. وتبين الدراسة زيادة نسبة التركز في هيكل الصادرات السورية، أي انخفاض في القدرة التنافسية، والقدرة على تحويل هيكل الإنتاج استجابة للتغيرات العالمية، إضافة إلى ارتفاع صادرات المواد الخام عام 2012 بنسبة 10% مقارنة بعام 2011، كما تراجعت الصادرات من المواد المصنعة بنسبة 18.8% وذلك نتيجة استمرار تداعيات الأزمة والتأثير السلبي للعقوبات الاقتصادية المتصاعدة المفروضة ولاسيما من قبل الاتحاد الأوروبي وأميركا والدول العربية إضافة إلى الخراب والدمار الذي لحق بالعديد من الشركات والبنى التحتية. وأشارت الدراسة إلى أن الصادرات السورية تتميز من حيث استخدام المواد المعدة للتصدير بارتفاع نسبة السلع الوسيطة، إذ شكلت 68.4% من الصادرات الإجمالية العام الماضي وبارتفاع قدره 5. 2% مقارنة بعام 2011، وانخفضت نسبة المواد الاستهلاكية المصدرة إلى 31% العام الماضي، منخفضة 8.8% عن عام 2011، أما الصادرات من الأصول الثابتة فهي شبه معدومة ولا تتجاوز 0.6% العام الماضي. وهذا يبين وفقا للدراسة الفرص الضائعة أمام الاقتصاد الوطني في تحقيق التوسع المطلوب واستيعاب المواد الخام ونصف المصنعة وتصنيعها وثم تصديرها إلى الأسواق العالمية، وبالتالي تحقيق زيادة كبيرة في القيمة المضافة. ولاحظت الدراسة أن سورية تمتلك ميزة تنافسية في فئة الأغذية والحيوانات الحية والمشروبات والتبغ والزيوت والشحوم الحيوانية، وتحسنت هذه الميزة عام 2010، أما في العام 2011 انخفضت الميزة النسبية لعدد من هذه المنتجات لتصل إلى 1.14 وتراجعت فئة التبغ والمشروبات إلى 0.12 مقارنة بـ1.31 عام 2010، وبالتالي فقدنا الميزة النسبية في هذه الفئة بسبب تراجع الإنتاج الناجم عن توقف عدد من الشركات عن العمل في ظل الأزمة، أما فئة المواد الكيماوية ومنتجاتها والآلات ومعدات النقل وغيرها فكان مؤشر الميزة النسبية ضعيفاً. وانخفضت نسبة المستوردات من المواد الخام بنسبة 22% بين عامي 2011- 2012، بسبب العقوبات الاقتصادية وتداعيات الأزمة، التي أدت إلى صعوبة استيراد المواد النفطية ومشتقات الطاقة، الأمر الذي انعكس سلبيا على الواقع المعيشي للمواطنين، إضافة إلى انخفاض الإنتاج المحلي وبالتالي عدم القدرة على تلبية احتياجات السوق المحلي من السلع التامة الصنع، بينما اقتصرت المستوردات على الحاجات الأساسية للمواطنين من السلع المصنعة، وبقيت المستوردات النصف المصنعة مرتفعة، لتتراجع العام الماضي بنسبة 19.5% مقارنة بعام 2011 لصالح زيادة نسبة المواد التامة الصنع، التي ارتفعت بدورها إلى 61% العام الماضي وبنسبة ارتفاع 18% مقارنة بعام 2011. وتشير البيانات التي أوردتها الدراسة إلى انخفاض نسبة السلع الاستهلاكية 12% عام 2011 من إجمالي المستوردات، وذلك لصالح زيادة نسبة مستوردات السلع الوسيطة والرأسمالية، نتيجة توجه السياسة التجارية لتقليص فجوة العجز في الميزان التجاري من خلال السعي لتخفيض المستوردات من السلع الكمالية والاستهلاكية. وفي عام 2012 ارتفعت نسبة المستوردات من السلع الاستهلاكية بنسبة 192% مقارنة بعام 2011، لتلبية الحاجات الأساسية للمواطنين، مع الإشارة إلى أن ارتفاع مستوى الأسعار العالمية ساعد في زيادة قيمة المستوردات من السلع الاستهلاكية. وأكدت الدراسة امتلاك سورية ميزة تنافسية في مؤشر كفاءة تجارة المنسوجات والغزول، واحتلالها مركزاً متقدماً في مؤشر كفاءة تجارة الملابس الجاهزة، على حين تأخرت في مؤشر الأغذية المصنعة وجاءت بالمرتبة 106 من أصل 124 دولة. وأظهرت بيانات عام 2012، وفقاً لدراسة الهيئة، تراجعاً كبيراً في حصة الدول العربية من الصادرات السورية إلى 19% بانخفاض قدره 52% عن عام 2011، نتيجة العقوبات التي فرضتها معظم الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية على سورية، التي أوقفت جميع التعاملات المالية والاتفاقات التجارية مع سورية، باستثناء العراق والأردن ولبنان، كما انخفضت حصة الدول الأوروبية من إجمالي الصادرات السورية العام الماضي إلى 2.75% بانخفاض بلغ 93% بسبب العقوبات الاقتصادية وبصورة رئيسية على الصادرات النفطية. إلا أن التطورات الايجابية في السوق النفطية العالمية العام الماضي أدت إلى زيادة قيمة الصادرات الإجمالية إلى الدول الأسيوية، لتصل لأعلى مستوى لها بنسبة 53.8% وبمعدل زيادة قدره 45.2%. واحتلت العراق المرتبة الأولى من بين الشركاء الرئيسيين للصادرات السورية عام 2011 بنسبة 18.12% وايطاليا المرتبة الثانية بنسبة 12.5% ثم ألمانيا بنسبة 11% وعلى التوالي هولندا وفرنسا، في حين سجل تراجع حصة تركيا من الصادرات السورية بنسبة 8.2%. وفي مجال المستوردات، تبين وفقا للدراسة تراجع في حصة المستوردات السورية من الدول العربية العام الماضي إلى 11% بانخفاض قدره 19% مقارنة بعام 2011، وانخفضت حصة الدول العربية من إجمالي المستوردات السورية انخفاضاً كبيراً العام الماضي لتصل إلى 16% وبنسبة انخفاض 42.9%، واحتلت الدول الأسيوية المرتبة الأولى في المستوردات السورية بنسبة 44% العام الماضي، بارتفاع قدره 36% مقارنة بعام 2011، وجاءت بالمرتبة الثانية دول أوروبية بنسبة 17%. وجاءت الصين بالمرتبة الأولى بنسبة 33% وروسيا ثانيا بنسبة 17% . واستعرضت الدراسة المؤشرات الرئيسية لتمكين التجارة العالمية في سورية مستندة إلى تقرير التنافسية العالمي لعام 2011- 2012، الذي صنف الاقتصاد السوري في المرحلة الثانية من مراحل النمو والتطور الاقتصادي، وحل بالمرتبة 98 عالمياً بين 143 دولة مقارنة بالمرتبة 97 عام 2010، ورأت الدراسة أنه من أجل تحقيق كفاءة أسواق العمل (التي جاءت الأسوأ حسب تقرير التنافسية وحصلت على المرتبة 134) لابد من أن تنتقل اليد العاملة من عمل لأخر بمرونة وسرعة وبأقل التكاليف، وأن توضع معايير واضحة للعلاقة بين الحوافز والجهد المبذول في العمل، كما أشارت الدراسة لما أورده التقرير المذكور حول معاناة سورية من ضعف كفاءة استخدام الموارد البشرية وجاءت بالمرتبة 89 في مؤشر الأجور والانتاجية، والمركز 130 في مؤشر الاعتماد على الإدارة الكفوءة. ودعت الدراسة إلى ضرورة بذل المزيد من الجهود في مؤشر النفاذ للأسواق المحلية والأجنبية، كون سورية تأخرت بهذا المؤشر 6 مراتب، إضافة إلى ارتفاع في معدلات التعرفة الجمركية نحو 12% وسطياً، وإلى تخفيض عدد الأيام اللازمة للإفراج الجمركي من 7 إلى 5 أيام لزيادة التجارة 4% (التقرير يؤكد أن هذا الإفراج يحتاج 15 يوما ودراسة الهيئة وجدت في ذلك مبالغة وأكدت أنها فقط 7 أيام)، كما أن معدلات التعرفة الجمركية لا تزال مرتفعة مقارنة بدول أخرى وبلغت 12%.

التعليقات