توصف تجربة التمويل الصغير في سورية بالقصيرة لم تتجاوز عشرة سنين بعد، وبالتالي يفتقر تقييم فاعليتها خلال هذه الفترة إلى الدّقة لكون الفترة غير كافية لأخذ التغذية الراجعة التي تُبنى عليها النتائج، هذا ما أكّده مسؤول إقراض التمويل الصغير في مؤسسة تمويل إنمائية، وقال: «ظهرت، في ظل الظروف الراهنة، حاجة أكبر لدى المشاريع الصغيرة للتمويل الصغير الذي يعتبرها الهدف الأساسي له، ولكن بدأ هذا النوع من التمويل يفقد فاعليته التي لا ترتبط فقط بالأموال المقدّمة لهذه المشاريع وإنّما بقدرة هذه المشاريع على تدوير رأس المال الصغير المستلم من قبلها بحيث يعود عليها بالفائدة، وقد انخفضت هذه القدرة فأصبح هذا الرأسمال يشكّل أحياناً عبئاً عليها بسبب ظروف العرض والطلب على منتجات المشاريع الصغيرة وظروف النقل وغيرها في السوق». وأضاف سلّوم: إنه رغم وجود بعض الدراسات حول فاعلية التمويل الصغير إلا أن معظمها لم يجزم بأن التمويل الصغير أثبت فاعليته على أصحاب المشاريع الصغيرة أو الفقراء أو قيادة عملية التنمية، ولكن الدراسات التي تمّت في العديد من دول العالم أثبتت فاعلية نسبية لهذا النوع من التمويل على الفقراء والمشاريع الصغيرة، ولاسيما أنه يتقاضى فوائد مرتفعة نسبياً بالمقارنة مع المؤسسات المالية التقليدية التي تقدّم القروض الكبيرة التي يتعذّر على الفقراء الاستفادة منها، ويدفع ذلك الفقراء للقبول بدفع فوائد عالية من خلال التمويل الصغير ذي الكلفة الإدارية العالية في هذه المؤسسات، يمكن أن نبيّنه من خلال الفرق بين إقراض مبلغ 10 ملايين ليرة سورية لجهة واحدة في مؤسسة تمويل تقليدية أو توزيع هذا المبلغ على 1000 مستفيد في مؤسسة تمويل صغير وما يرتبط بذلك من مصاريف إدارية للكادر الذي سيقوم بذلك وبمتابعة التحصيل وكل الخطوات الوسيطة، ومن هنا فإن رفع الفائدة يغطي جزءاً من ارتفاع النفقات الإدارية وجزءاً من نسبة الديون المعدومة المرتبطة بمخاطر العمل في هذا المجال. وبيّن سلّوم ارتباط الفاعلية في قطاع التمويل الصغير بتحقيق الهدف المتمثّل في التخفيف من حدّة الفقر وتخفيض البطالة وتحسين الوضع المعيشي وأنه تحقيق غير واضح ويحتاج إلى دراسات متعمّقة وخبرات للوقوف على النتائج الحقيقية للتمويل الصغير، ولكن يمكن القول إن الفاعلية غير مؤكّدة. وأوضح سلّوم تأثر كل من الأرباح والنسب المالية في قطاع التمويل الصغير في هذه الفترة لدرجة أنها بدأت بمرحلة الخسارة من النصف الثاني لهذا العام، لذا اعتمد بعضها بغية استمراره على مصادر التمويل الخارجي من منح وأموال منها ما هو محلي أو من جهات خارجية مقابل انحسار قدرتها على التمويل الذاتي بشكل كبير، وهذا مكّنها من تغطية جزء من الخسارة والنفقات الإدارية وبالتالي الاستمرار والمحافظة على موظفيها. وكشف سلّوم أن مؤسستين من أصل 4 مؤسسات تمويل صغير عاملة في سورية لهما فترة طويلة في العمل ضمن السوق تتجاوز 8 أو 9 سنوات، وأن كلتيهما حققتا أرباحاً مهمّة لغاية عام 2010 قبل الظروف الراهنة فاستفادتا مما تشكّل لديهما من احتياطيات لأغراض التوسع في القروض والخدمات والوصول لعدد أكبر من الفقراء من جهة، ومن جهة أخرى خصصتا جزءاً من هذه الاحتياطيات لمواجهة المخاطر إلا أنه في ظل الظروف التي تواجهها حالياً بدأ يتآكل بشكل كبير. سيريا ديلي نيوز- الوطن

التعليقات