نهوض أية دولة يبدأ بالتعليم والقضاء ثم بالزراعة والصناعة
كتب الخبير الاقتصادي الدكتور عمار يوسف :
الاقتصاد السوري غير واضح الملامح , وهو قائم على التجريب وتعديل القرارات بعد أن يتبين خطأها وعدم صوابيتها ، وأكبر مثال على ذلك التدمير الممنهج للزراعة، والصناعة , والأخطر كان في تدمير قطاع التعليم ، وهذا الواقع موجود من قبل الحرب لذلك ليست هي المتهم فقط  .
قبل الحرب كان الاقتصاد بشكل عام يعتمد على دعم الدولة، وعندما تم التوجه لإلغاء الدعم عن بعض القطاعات، وتحولت الحكومة من الرعاية للجباية، بدأت تظهر الآثار المدمرة لهذه السياسة.
من هنا أستطيع القول بأننا لسنا اقتصاد اشتراكي ولا رأسمالي، أما اقتصاد السوق الاجتماعي فكان الضربة الأخيرة للاقتصاد السوري ما قبل الحرب، وجاءت الحرب لتكمل الكارثة .
والسؤال الذي يطرح نفسه :  هل الاقتصاد السوري اليوم اقتصاد  معتمد على الدولة أم لا !
عندما تتحول الحكومة من الرعاية للجباية ويكون الهدف الأساسي لها تأمين نفقاتها من جيوب مواطنيها، فنحن أمام تعسف تجاه المواطن، واليوم الحكومة لا تجد ولاتحاول أن تجد حلول بديلة خلاقة وعظيمة ، فهي دائما ميالة لاعتماد الحرب والعقوبات كشماعة لأخطائها وسياساتها الغريبة إن صح التعبير ، وهذا غير واقعي لأننا اليوم نجد بالأسواق كافة أشكال الرفاهيات المستوردة ومتطلبات الطبقات الغنية والمخملية و بما فيها طبقة أثرياء الحرب , وكأن العقوبات فقط على الرز والسكر والدواء، وهي أساساً غير مشمولة بها.
الحكومة تحدد للمواطن كل شيء من طعامه وشرابه ولباسه وتتحول تدريجياً إلى عدوة له فقط لتريح نفسها من إيجاد الحلول، لذلك يمكن القول و ضمن المعطيات الحكومية الحالية والأشخاص الموجودين فنحن نتجه من سيء لأسوأ، إذ نحتاج الآن أشخاص   - وليس منظومة حكومية- قادرين على اجتراح الحلول البديلة للوضع الاقتصادي، وأجزم أنّ هناك خبرات موجودة وجاهزة للعمل , إذ يمكن الاستفادة من تجارب دول كسنغافورة وماليزيا التي قامت على أشخاص حققوا النهضة الاقتصادية فيها، لكن يجب أن يعطى هؤلاء صلاحية كاملة، فعندما يأتي اقتصادي بحل ما ويعطله موظف بأرشيف وزارة فنحن أمام "قلة أدب" اقتصادية.
يجب اعتماد أسلوب اقتصاد الحرب وإيجاد الخطط البديلة، وتشجيع المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، والحلول الاقتصادية السياسية  .
 نهوض أية دولة يبدأ بالتعليم والقضاء ثم بالزراعة والصناعة ضمن خطة ممنهجة، لكن بالحالة السورية بدأ تدمير قطاع التعليم في عام 2003 إثر انخفاض دخل المدرس، وانتشار المدارس الخاصة التي دمرت التعليم العام لحساب الخاص، والآن تتجه الحكومة للتعليم المأجور الذي يقلص إمكانية التعليم ويسبب تدمير القطاع التعليمي  مع التأكيد هنا على أن التعليم والصحة والأمن من واجبات الدولة الأساسية كي لا يكون لغط وخلط .
اليوم يستبيح الجميع المال العام، فكل يفكر بمصلحته الخاصة، لأن الحاجة المادية دمرت المواطن وجعلت منه مشروع فاسد.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات