تبدو مطالبات الصناعيين في هذه الفترة ورفع الصوت حول فاتورة الكهرباء مسألة لا تخص الصناعة فقط بل تمتد آثارها لعدة جوانب تؤثر في الاقتصاد الوطني بشكل خاص وفي المواطنين بشكل عام، ونحن نناقش هذا الموضوع ننطلق من حقائق ثابتة بأن الحكومة أبدت دائماً استعداداً لدعم الصناعة الوطنية وقدمت الكثير من التسهيلات للصناعيين، وهي الآن تعلن بشكل واضح أنها مستعدة أيضاً للحوار مع الصناعيين بما يخدم شعار «صنع في سورية».
وفي موضوع الكهرباء بالذات حرصت الحكومة مع ما في الواقع الكهربائي من سوء على تأمين الكهرباء للمناطق الصناعية على مدار الساعة، وهو الأمر الذي لم يحصل عليه المواطنون وكان على حساب الكثير من القطاعات الأخرى.
النقطة الثانية أن الحكومة أعلنت أنها غير قادرة على تحمل المزيد من تقديم الدعم، وهي خلال الفترة الماضية أقدمت على مقاربة جديدة لموضوع الدعم حيث لا يكون عنصر تشويه في العملية الاقتصادية، فليس من المعقول أن تقدم الحكومة دعماً لمنتجات تباع بالسعر العالمي على حين تحصل على الكهرباء بسعر خاص.
لكن أهم نقطة في الموضوع أن كتلة الدعم التي يمكن أن تقدمها الحكومة لقطاع ما ستكون على حساب قطاعات أخرى، فالصناعيون يدركون مثلاً أن دعم مرضى السرطان وتأمين الأدوية مجاناً هما من مسؤولية الحكومة أكثر من تقديم دعم كهربائي لرجال الأعمال.
ومع ذلك تنوي الحكومة – حسب الوطن – أن تبدأ حواراً مع الصناعيين يكون بعنوان دعم تحفيزي للصناعيين في مجالات معينة، مثل الصناعات القادرة على التصدير أو تلك التي تغني عن الاستيراد والتي تؤمن فرص عمل أكبر، بحيث يصبح هذا الدعم محفزاً للإنتاج وخاصة الإنتاج التصديري.
ما تفكر فيه الحكومة الآن هو مقاربة جديدة للدعم، بحيث يكون محرضاً على المزيد من الإنتاج ويُقدم للصناعات المميزة التي تشكل رافعة للاقتصاد الوطني، وتدرك الحكومة حجم الصعوبات التي تعاني منها الصناعة الوطنية، وتريد أن تتعامل بعقل منفتح مع كل المقترحات التي يقدمها اتحاد غرف الصناعة السورية، والنظر بإيجابية لمبادرة الاتحاد للدفاع عن الإنتاج الوطني، لكنها تأمل من الصناعيين إدراك حقيقة أن الحكومة كانت حريصة كل الحرص على تقديم متطلبات تعافي قطاع الأعمال ضمن الحدود الممكنة ولن تضحي الحكومة بالقطاع الصناعي كرمى توفير بعض المليارات من الليرات في ملف الدعم.
ولا نظن أن الحكومة يمكن أن تتعامل بهذه السطحية مع قضية اقتصادية جوهرية بهذا الحجم، لكن بشكل واضح فإن المعطيات الحالية للدولة لم تعد تسمح بمزيد من الدعم غير المخطط.
وتتمنى الحكومة من الصناعيين التعامل مع هذا الموضوع بكل مسؤولية، فالقول إن بند الكهرباء يمثل 30 إلى 40 بالمئة من تكاليف القطاع الصناعي أمر غير مقبول وإن حدث فهذا خلل في العملية الإنتاجية.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات