لم تفلح المساعي الحكومية حتى اليوم في إيجاد صيغة مناسبة لتطوير ودعم المشروعات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي طالما دعت الجهات العليا إلى ضرورة إعطائها الأولويات على اعتبارها الأجدر في تطوير قطاع الأعمال وتحسين بيئة اقتصاد السوق بحيث تكون هذه المؤسسات والمشروعات الدافع والمنسق والمشجع للاقتصاد الوطني. ولطالما سمعنا من الحكومة السابقة عن قرارات وخطط لإحداث هيئة وطنية لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي أعدت لها العديد من الدراسات والمناقشات في أروقة الحكومة بين صد ورد بين الوزارات واللجنة الاقتصادية وصولاً إلى رئاسة مجلس الوزراء إلا أنه لم تصدر الحكومة أي قرار بشأنها.. علماً أنه تم إعداد مشروع مرسوم تشريعي لإحداث الهيئة الوطنية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ومؤخراً تم رفع مشروع مرسوم إلى الحكومة لإحداث صندوق يسمى صندوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة حيث تم تكليف وزير الاقتصاد والتجارة بتشكيل لجنة جديدة تضم ممثلين عن الوزارات لإعادة صياغة مشروع المرسوم المذكور بصيغته النهائية، وبعد ذلك يتم تأجيله بناء على طلب المستشار القانوني في رئاسة مجلس الوزراء الذي خاطب الحكومة في كتاب حصلت «تشرين» على نسخة منه قال فيه: بعد الاطلاع على مشروع المرسوم التشريعي القاضي بإحداث صندوق يسمى صندوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة الهادف إلى تمويل هذه المشروعات عن طريق الإقراض وتقديم الدعم الفني لها وتشجيع الإبداع والابتكار فيها وتحقيق الربط بين هذه المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبين المشروعات الكبيرة في سلاسل القيمة، وبالعودة إلى المرسوم التشريعي رقم 39 الصادر عام 2006 الذي أحدثت بموجبه الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات وحددت المادة (3) منه الأهداف الأساسية للهيئة ومن بينها تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبالغة الصغر القائم منها والمحدث عن طريق التخطيط والتنسيق والترويج لها وتمويل هذه المشروعات ومساعدتها في الحصول على ما تحتاجه من خدمات... الخ. تبين – حسب المستشار القانوني – أن هناك ازدواجية في المهام والأهداف بين الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات والصندوق المزمع إحداثه من حيث إنهما يهدفان إلى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة من خلال ذات الآليات ما يخلق في المستقبل إرباكاً لتلك المشروعات من حيث الجهة التي ترعاها. وأضاف المستشار القانوني: إن المادة /10/ من مشروع المرسوم نصت أن يكون رأس المال الافتتاحي للصندوق كحد أدنى (5) مليارات ليرة سورية وهذا قد يشكل عبئاً في ظل الظروف الراهنة على الخزينة العامة للدولة. وبناء عليه تم الاقتراح بإعادة المشروع إلى وزارة الاقتصاد والتجارة للتدقيق مجدداً ولكن بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لجهة وجود الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات المحدثة بموجب المرسوم (36) 2006 والتي تهدف أساساً لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وفيما يخص التمويل اقترح المستشار أن يكون لوزارة المالية رأي واضح لأنه ثمة شركات وصناديق أحدثت بصكوك قانونية رسمياً.. إلا أنها لم تباشر أعمالها أو دفع رأسمالها حتى تاريخه..؟! رأى وزير الاقتصاد والتجارة باعتباره المكلف من قبل مجلس الوزراء بتشكيل لجنة لإعادة صياغة مشروع المرسوم  أن هناك أسباباً موجبة وضرورية لإصدار مشروع المرسوم المشار إليه تتمثل في أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تلعب دوراً محورياً في كل مفاصل الاقتصاد، كما أنها تساهم في رفع معدل النمو وخلق القيمة المضافة وتوفير فرص العمل بالتنسيق مع الجهات الأخرى. وأوضح الوزير أن التحدي الأكبر الذي تواجهه هذه المشروعات في الولوج إلى التمويل وكما هو معلوم فإن صفقة التمويل لا يمكن أن تكون ناجحة إلا إذا ارتأت الجهة الممولة أن مخاطر العملية التمويلية مقبولة، مشيراً إلى أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة في سورية تواجه الكثير من الصعوبات من حيث توفير الضمانات المطلوبة نظراً لحجمها ورأس مالها وهيكليتها التنظيمية وانخفاض مستوى رأس المال التراكمي لديها.. إضافة إلى أن المصارف العامة والخاصة تنتهج نهجاً متحفظاً تجاه إقراض هذه المشروعات حيث إنها تطلب ضمانات كبيرة تساوي على الأقل ضعف مستوى التمويل المطلوب وتقتصر تلك الضمانات على الأصول الثابتة فقط ولا تمتد لتشمل الأصول المادية أو المنقولة، الأمر الذي يتطلب حاجة هذه المشروعات للتمويل وهذا بالأصل لا يتوافق والبنية التحتية الناشئة للمؤسسات المالية في سورية بقطاعيها العام والخاص.. ومن هنا يأتي الدور المهم للدولة في ردم هذه الهوة الكبيرة بين العرض والطلب من خلال إحداث صندوق لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة مع العمل بالتوازي لتشجيع ثقافة التمويل وتعزيز بنيتها التشريعية والمؤسساتية وإن استكمال متطلبات نجاح هذه المؤسسة المالية يتطلب العمل بالتوازي على إيجاد هياكل مؤسساتية داعمة لقطاع الأعمال ومقدمي الخدمات وتطوير القوانين والأنظمة التي تنظم بيئة الأعمال. وللوقوف على أهمية الموضوع التقينا مديرة التخطيط في وزارة الصناعة ريم حللي والتي أكدت أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تعتبر من مقومات عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويعود ذلك لمردودها الاقتصادي الإيجابي على الاقتصاد الوطني من حيث دورها الرائد في توفير فرص عمل جديدة، وتحقيق زيادة متنامية في حجم الاستثمار وتعظيم للقيمة المضافة، وزيادة حجم المبيعات، بجانب دورها التنموي الفعال بتكاملها مع المشروعات الكبيرة في تحقيق التكامل بين الأنشطة الاقتصادية، ويظهر دورها الحيوي في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال مساهمتها في زيادة الصادرات. وأضافت: وبالنظر لدور المشروعات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فنجد أن هذا القطاع مازال لا يحقق المساهمة المتوقعة منه كقطاع اقتصادي فعال وعنصر محفز لدفع عجلة التنمية، حيث تعترض هذه المشروعات بعض العقبات والصعوبات، بالإضافة إلى ضمور في دور الجهات المعنية بتنمية وتطوير هذا القطاع سواء كانت جهات حكومية أو غير حكومية. وأشارت حللي إلى أن النهوض بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة يتطلب بداية تأمين الحوافز والمميزات المقدمة لهذه المشروعات من حيث الحوافز الكمية، إلى التأهيل لتلبية متطلبات السوق، وذلك عبر إيجاد مميزات نوعية تدخل بها المشروعات الصغيرة والمتوسطة سوق التنافس العالمي، ولا يأتي ذلك إلا من خلال دعم هذه المشروعات وتعزيز وسائل الاتصال الحديثة بينها وبين المستهلكين، وبشكل خاص الارتباط بشبكات المعلومات الدولية، والإنترنت، وتطوير القدرات الفنية، وإنشاء مراكز للبحث والتطوير الإنتاجي بما يتناسب مع أوضاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وأشارت حللي إلى وجود عدة عقبات أساسية تعترض وصول الشركات إلى التمويل أولها: - عدم وجود بيانات مالية صحيحة وموثوقة لدى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. - عدم كفاية توفر الضمانات لدى رواد الأعمال وأصحاب المشروعات. - إحجام بعض المؤسسات المالية عن إقراض المشروعات الصغيرة لارتفاع درجة مخاطرها. - الإجراءات الروتينية التي تستغرق وقتاً كبيراً لإنجازها. - ارتفاع تكلفة التمويل نتيجة الرسوم والضرائب المفروضة على الرهن والحجوزات اللازمة للضمان. - محدودية مجالات البحث العلمي ودراسات الجدوى اللازمة لإقامة هذه المشروعات. تحت المجهر     syriadailynews

التعليقات