اتّفقت دول «أوبك+» على الانتقال إلى المستوى التالي مِن التخفيضات الإنتاجية اعتباراً من الشهر المقبل، وسط تعافٍ بطيء للاقتصاد العالمي مِن جرّاء الجائحة، وقلقٍ من أن موجةً وبائية ثانية، ستجعل إعادة التوازن إلى السوق غاية في الصعوبة، بفعل تأثيرات انخفاض محتمل للطلب على الخام، تسبّبه موجة جديدة من الإغلاق. في اجتماع تقييم مسار اتفاق نيسان/ أبريل الماضي، تقرَّر رفع الإنتاج في آب/ أغسطس بواقع مليونَي برميل يومياً، أي تقليص التخفيضات السارية منذ أيار/ مايو، مِن 9.7 ملايين برميل يومياً، إلى 7.7 ملايين حتى نهاية العام الجاري. إلا أن السعودية، على لسان وزير الطاقة عبد العزيز بن سلمان، أكّدت أن الاقتطاعات الفعليّة هي في الواقع أكبر من الأرقام الواردة في وثيقة الاتفاق، كون الدول التي لم تمتثل في الشهرين الخامس والسادس (مثل نيجيريا وأنغولا)، ستنفّذ خفضاً إضافياً في الشهرين المُقبلَين للتعويض، فَيَصِل إجمالي الاقتطاعات إلى 8.1 – 8.3 ملايين برميل تقريباً (يرتفع الإنتاج بنحو 1.4 مليون برميل). وعقب اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة لـ«أوبك+»، قال ابن سلمان إنه في ظل التحرّك صوب المرحلة التالية من الاتفاق، فإن فائض الإمدادات الناجم عن تقليص خفض إنتاج النفط، سيتم استيعابه بفضل استمرار الطلب في مسار التعافي.

تخشى «أوبك» أن تُخفق التخفيضات التي تنفّذها في إعادة التوازن إلى السوق

تخشى منظمة «أوبك» أن تُخفق التخفيضات القياسية التي تنفّذها في إعادة التوازن إلى السوق، وفي التخلُّص من أسوأ تخمة للمعروض في التاريخ (أنتجتها أزمتا حرب الأسعار الروسية – السعودية وانهيار الطلب على الخام)، في حال قوّضت موجة عدوى ثانية التعافي الاقتصادي هذا العام. وهي إذ توقّعت، في تقريرها الشهري، أن يرتفع الطلب على النفط بواقع 7 ملايين برميل يومياً في 2021، بعد تراجعه بـ 9 ملايين برميل يومياً هذا العام، تفترض «أوبك» عدم تحقّق المزيد من المخاطر في الاتجاه النزولي في العام المقبل، مثل التوتر التجاري الأميركي – الصيني وارتفاع مستويات الدين أو موجة ثانية من العدوى، وخصوصاً في الاقتصادات الكبرى. لكن الأرقام المستهدَفة، وفق ما تؤكّد المنظمة ذاتها في بحث داخلي نشرته «رويترز»، ستكون في خطر في حال اضطرّت الحكومات حول العالم إلى فرض إجراءات عزل مجدداً، لاحتواء الوباء. ومِن شأن هذا التصوّر خفض الطلب بواقع 11 مليون برميل يومياً في 2020 وأيضاً، وهو الأهم بالنسبة إلى «أوبك+»، زيادة المخزونات التي تعتبرها المنظمة مؤشراً أساسياً لمراقبة مدى فاعلية إجراءات خفض الإنتاج: «في هذا السيناريو، ستصل الزيادة في المخزون الكلّي إلى مستوى غير مسبوق عند 1.218 مليار برميل في 2020»، ومثل هذا الرقم يعني تخزين ما يعادل أكثر من 12 يوماً من إنتاج النفط العالمي.

المرحلة الثانية من الاتفاق، أدّت إلى انخفاض طفيف في الأسعار، التي لا تزال متماسكة قرب 40 دولاراً للبرميل، بسبب عودة تشغيل المصانع والأعمال التجارية في الاقتصادات الكبرى المستهلكة للنفط. لكن مواصلة الأسعار تماسكها يعتمد أولاً وأخيراً على تحدّيات زيادة تفشي إصابات «كورونا» وبوادر انتعاش الطلب وانخفاض المخزونات العائمة في البحار خلال النصف الثاني من العام الجاري. على مستوى الطلب العالمي، ترى «وكالة الطاقة الدولية» أنه ارتفع بأسرع من المتوقع، لكن زيادة الإصابات بالفيروس في الأميركيَّتين تهدّد مستقبل الطلب، وتوازياً الأسعار التي تعافت بصعوبة بعد قرار «أوبك+» العودة إلى خفض الإنتاج لموازنة السوق. وإن كانت المصلحة الروسية – السعودية تتقاطع عند تحجيم صناعة النفط الصخري الأميركية (وخصوصاً بالنسبة إلى موسكو التي تريد بقاء الأسعار عند مستوى 40 دولاراً للبرميل لإبعاد شركات النفط الصخري عن السوق الأوروبية)، فإن السعودية التي تعاني ماليتها بفعل انهيار الأسعار، ربّما تلجأ، في نهاية المطاف، إلى رفع الإنتاج لزيادة مداخيلها من النفط.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات