إنّ أي مشروع .. أو أي نشاط اقتصادي أو خدمي أو ثقافي أو اجتماعي، أو من أي صنف آخر يكون، ويمكن أن يستقطب فرص عمل، ويفتح المجال أمام العاطلين عن العمل – ولاسيما الشباب منهم – للانخراط في العمل والإنتاج الفعليين، من المفترض أن يلقى اهتماماً بالغاً من مختلف الأطراف المعنية بإيجاد وخلق فرص العمل، والمعنية أيضاً باحتياجاتها للقوى العاملة، سواء كانت مؤسسات حكومية أم خاصة أم مشتركة.
وليس فقط كذلك، فحالة البطالة التي وصلنا إليها تستوجب العمل المستمر على خلق وإحداث استثمارات حكومية وخاصة من أجل استيعاب الشباب الذين يتوافدون إلى سوق العمل بمئات الآلاف سنوياً، حيث تشير التقديرات إلى انضمام نحو / 250 / ألف شخص سنوياً إلى سوق العمل، فما العمل ..؟ لم تُفلح حتى الآن الشعارات الطنّانة بربط الجامعة بسوق العمل، وما يزال أغلب الخريجين يودّعون جامعاتهم إلى عالم مجهول مُشبعٍ بالخيبة المزنّرة بالحظ والصدفة، أكثر من التوق إلى الاختصاص الذي لا يجده الخريج مربوطاً بأي مكان، بل منفلت الرباط ليضيع الكثيرون في متاهات البحث عن فرصة عمرهم ..! في عام 2017 أشارت آخر التقارير الرسمية إلى أن عدد العاطلين عن العمل في سورية يصل إلى / 663 / ألف شخص، منهم ما لا يقل عن / 108 / آلاف خريج جامعي متعطّلٍ يقضي أيامه باللهاث وراء عمل، هذا يعني أنّ عدد العاطلين عن العمل بالمجمل قد وصل اليوم إلى نحو / 800 / ألف شخص على الأقل، فليس كل الوافدين إلى سوق العمل يبقون بدون فرصة، وليس كل المتواجدين في هذا السوق يستمرون بلا أملٍ ولا عمل، ولكن المشكلة أننا ما نزال نفتقد إلى المعايير الكفيلة بتوفير حالة تكافؤ الفرص، ولا يزال عرض السوق أكبر بكثير من الطلب عليه.
لا حلّ أمامنا سوى العمل على زيادة الطلب، ولا يزيد الطلب سوى الاستثمارات .. ولا يزيد الاستثمارات إلاّ وقفة وطنية صادقة من الحكومة والنقابات، ورجال الأعمال وكيانات القطاع الخاص من اتحادات وغرف وما إلى ذلك ليبدأ البحث بلا كللٍ ولا ملل عن أي باب يمكن من خلاله تأمين ولو فرصة عملٍ واحدة.
الكل يعلم مخاطر البطالة وارتداداتها على الأفراد والمجتمع ولا داعي للتنظير حول هذا الأمر، وإن كان هناك من يرى بأنّ / 108 / آلاف خريج من الجامعة لن يُشكّلوا خطراً لأنهم يمتلكون من الوعي والثقافة ما يُحصّنهم ضد أي مخاطر محتملة، فإننا نقول لهؤلاء بأن من بين العاطلين عن العمل أيضاً / 234 / ألف شخص آخر لا يحملون سوى الشهادة الابتدائية ومادون، وذلك في عام 2017 أيضاً، وقد ازدادوا الآن عشرات الآلاف بالتأكيد، فهنا يكمن الخطر الداهم الذي لا يقبل التأخير في إيجاد الحلول السريعة، والتفاف هذا الخطر مع ذاك المنبثق من الجامعات .. وكذلك من الثانويات والمعاهد، كلها تُشكّل حالة ملحّة لبحثٍ لا يتوقف لتوفير .. بل وحتى لاختراع فرص العمل الكفيلة بإنهاء هذه المشكلة.

سيريا ديلي نيوز- علي محمود جديد


التعليقات