د. محمد أكرم القش

 

ملخص تنفيذي   
يُقاس مدى تقدّم المجتمعات البشريّة، عادة، بوساطة جملة من المقاييس المستندة إلى باقة من المفاهيم والمؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية... وأيضاً الديموغرافية. وتأتي في مقدَّمة مثل هذه المقاييس والمؤشرات الديموغرافية الدالة على مدى تطور المجتمعات وتقدمها: ارتفاع متوسط العمر، والعمر الوسيط، والأجل المتوقع للفرد في المجتمع، وانخفاض معدل الوفيات، وبخاصّة وفيات الرضّع والأمهات، ومقاييس ديموغرافية عديدة أخرى لا مجال لذكرها هنا، وتتصف –أي المؤشرات الديموغرافية– بالتغيُّر المستمر، وتشكل عمليات تقديرها واستشراف اتجاهاتها أحد أهم شروط نجاح السياسات التنموية بمكوناتها كافة.
وتنطلق ورقة العمل من تأكيد أنَّ السكانَ متغيّرٌ تابعٌ لظروف المحيط الاجتماعيّ الذي يوجدون فيه، وأنه لا توجد قوانين عامة مطلقة تخضع لها الديناميات السكانية في مراحل التطور. وغنيّ عن البيان أن طبيعة ومستوى تطور المؤشرات الديموغرافية في أي مجتمع متلازمة مع طبيعة ومستوى تطور مختلف المؤشرات المجتمعية الأخرى، وبوساطة هذا التلازم في التغير (أو التطور) ومعه وبسببه، تتحول التغيرات الكميّة في الظواهر والعمليات المجتمعية (بما فيها الديموغرافية) إلى تغيرات نوعية يحاول الباحثون استناداً إليها تصنيف مسيرة الظواهر والعمليات المجتمعية في مراحل نوعية متعاقبة؛ ذلك لتسهّل عليهم دراستها وبحثها وتقصّي الحقائق بوساطتها ليُصار إلى التحكم بها والتنبؤ بصيرورتها مستقبلاً.
وقد شهد المجتمع السوري طوال العقود الخمسة الماضية تحولات ديموغرافية هامة، نتجت عنها زيادات كبيرة في أعداد السكان وتبدلات في خصائصهم وبنيتهم الهيكلية، إذ شكلت الزيادة السريعة والمطردة في حجم السكان، والتغيرات المستمرة في التوزع الجغرافي للسكان، عائقاً إضافياً في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في سورية. ومن المعلوم أن هذه الزيادة تعود بشكل رئيس إلى ارتفاع مستوى الخصوبة التي جعلت عدد سكان سورية حالياً يتجاوز خمسة أمثال حجمه في عام 1960.
يضاف إلى ما سبق، أنَّ سنوات الأزمة وتداعيتها أفرزت تحديات وصعوبات كبيرة في متابعة تنفيذ الخطط الموضوعة قبل الأزمة التي بُذلت فيها جهود حثيثة، من أجل تطوير وإقرار سياسات سكانية واضحة ومحددة الأولويات، تستجيب لمتطلبات الواقع ومستجداته المتصلة بالتغيرات السكانية التي بدت ملامحها الجوهرية المبشرة بتحوّل ديموغرافي باتجاه انفتاح النافذة الديموغرافية وإمكانية تحولها إلى فرصة تنموية مع نهاية تسعينيات القرن الماضي.
من هنا، تركز هذه الورقة على تحليل مؤشرات الواقع السكانيّ في سورية ضمن الإطار الزمني 1960-2010 بحسبانها الأساس الذي بنيت على أساسه وثائق السياسة السكانية التي اعتمدت مطلع العام 2011، وتعذر تنفيذ برامجها التنفيذية بسبب الأزمة، ليتم في فقرات لاحقة التعرف إلى تداعيات الأزمة وانعكاساتها على المؤشرات السكانية في الأمد الواقع بين 2011-2017، ليكون ذلك أساساً لمعاودة العمل الممنهج لتحديث وثائق السياسة السكانية لتسريع الوصول إلى مرحلة التوازن أو الاستقرار السكانيّ، وتعظيم أثر الحركة الاتجاهية للمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية، واستثمار حركة بقية المتغيّرات الاجتماعية-الثقافية بفعالية وفق تدخلات سياساتية تكون جزءاً من البرنامج التنموي لسورية في ما بعد الحرب.

مقدمة
تعاظم اهتمام المفكرين والكتّاب والهيئات الدولية ومراكز البحث العلمي بالمسألة السكانية منذ انعقاد المؤتمر السكانيّ العالميّ الأول في مدينة روما عام 1954، فمنذ ذلك التاريخ هناك سيل عارم من الكتب والورش والمؤتمرات الدولية التي تهتم بهذه المسألة التي يطغى عليها تشاؤمٌ واضح. وهذا التشاؤم  نابع من الرؤية المالتوسية للمسألة السكانية التي نظرت إليها على أنها تجسيد لقانون أبدي، طبيعي لا يمكن مقاومته. والحقّ أنَّ هذا النوع من التفكير قد عجز عن الإحاطة الجذرية بمشكلة السكان، وتأكيد ذلك أن مناهج الحلول التي بنيت على أساسها، مثل برامج تنظيم الأسرة، قد فشلت في غالبية الدول التي طبقتها.
ولقد تباين الموقفُ النظريُّ والتطبيقيُّ من المسألة السكانية في سورية وارتباطها بعملية التنمية، بين اتجاه يرى في النموّ السكاني عامل قوة إيجابية على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وآخر يرى أن معدلات النمو السكاني التي بلغت ذروتها في العقد الرابع من القرن الماضي عامل ضعف يستنزف عوائد التنمية ويعرقل مسيرتها.
هذا، ولتوضيح ارتباطات المسألة السكانية بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، لا بد من الولوج عبر بوابة المراحل الأساسية للتحول الديموغرافي التي تمر بها المجتمعات البشرية، من أجل فهم أفضل للخصائص العامة للتركيب العمري للسكان، وتبيان ارتباط اختلاف هذه الخصائص باختلاف المرحلة الديموغرافية التي يمرُّ بها المجتمع.

أولاً- التحول الديموغرافي على المستوى الوطني
انطلقت مسيرة التحول الديموغرافي في سورية باتجاه الانتقال إلى مرحلة النمو السكاني السريع مع بداية القرن العشرين، وقد بلغ عدد سكانها يومئذٍ قرابة المليون نسمة فقط؛ بينما وصل حجم سكانها (منتصف عام 2010) إلى (20.619) مليون نسمة، أي ما يعادل أكثر من (20) مرةً لحجمهم في بداية القرن الماضي.
وعلى المستوى المفاهيمي الإجرائي، يقصد بمراحل التحول الديموغرافي هنا ، خمس مراحل أساسية:
 تسمى الأولى منها بمرحلة التوازن السلبيّ، وفي هذه المرحلة تكون معدلات الوفيات (وبخاصة وفيات الرضّع) والمواليد (الخصوبة) مرتفعة جداً، وقد مرت المجتمعات البشرية المختلفة بهذه المرحلة في حُقب تاريخية متباينة.
والمرحلة الثانية من مراحل التحوّل الديموغرافي تسمى بمرحلة الانفجار السكاني، ذلك عندما تنخفض معدلات الوفيات بشدّة وتبقى معدلات المواليد مرتفعة جداً.
 أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة التوازن الإيجابي، ففيها تنخفض معدلات المواليد إلى جانب بقاء معدلات الوفيات في مستوياتها الدنيا.
 والمرحلة الرابعة تسمى بمرحلة التناقص النسبي للسكان، ذلك عندما تبدأ معدلات الوفيات بالارتفاع التدريجي نتيجة التغيرات الحاصلة في التركيب النسبي لبنية السكان العمرية لصالح فئات كبار السن، وتستقر معدلات الخصوبة عند أدنى مستوى لها.
أما المرحلة الخامسة والأخيرة، فيمكن تسميتها بمرحلة الترميم السكاني (أو التوازن اللاذاتي للسكان) بوساطة العناصر الوافدة من الخارج.
ويُستفاد من تتبُّع التطور السكانيّ للمجتمعات المختلفة، أنَّ لكل مرحلة من مراحل التحول الديموغرافي التي تمر بها المجتمعات البشرية بنية عمرية تتناسب والمؤشرات المجتمعية المتعددة بما فيها المؤشرات الديموغرافية، وكل مرحلة من هذه المراحل من التحول الديموغرافي للمجتمعات تؤثر في المرحلة التي تليها، كما تأثرت هي بالمرحلة السابقة عليها، فدورات الهرم السكاني، بحسبانه صورة شعاعية لواقع التطور السكانيّ لمجتمع ما، متصلة في ما بينها، وإن بدت للعيان متباعدة زمانياً ونوعياً.
التغيرات في التركيب العمري للسكان في سورية وبوادر انفتاح النافذة الديموغرافية
أتاحت صورة مضلّع الأعمار للسكان في سورية للعام 1994 ملاحظة وجود تغيراتٍ جديةٍ في التركيبة العمرية للسكان في سورية، عندما تراجع الحجم النسبي للفئة العمرية الأولى (0-4) بشكلٍ واضحٍ مقارنةً بما كان متعارفاً عليه في المضلّعات العمرية السابقة التي كانت فيها هذه الفئة العمرية الأكبر حجماً بين الفئات العمرية-الخمسيّة كافةً (خمس سنوات). فبعد أن كانت فئة العمر (0-4 سنة) تشكّل ما مقداره نحو خمس سكان سورية طوال المدّة السابقة (1960-1981)، تراجعت هذه النسبة لتصل إلى أقل من (15%) من مجموع السكان، وبعد أن كانت هذه الفئة (0-4) تزيد عن الفئة التي تليها (5-9) بنحو (4%) من مجموع السكان، أصبحت تقلّ عنها بنحو (0.5%).

 

 

 

 

وغنيّ عن البيان، أنَّ هذا التغيّر في الحجم النسبيّ للفئة العمرية الأولى يعكس تغيراتٍ ديموغرافيةً مهمةً لا يمكن إرجاعها فقط إلى الظروف الآنية التي مرّ بها المجتمع السكاني في سورية في تسعينيات القرن الماضي، إذ رغم أنَّ الظاهرةَ الديموغرافية تجسيدٌ كميٌّ في لحظةٍ زمنيةٍ محدّدةٍ، فإنها تعبير أو نتاج سلوكٍ ديموغرافي في مرحلةٍ أو مراحل سابقة.
هذا، ونظراً إلى مضلّع الأعمار للسكان في سورية في العام 2010، تتأكّد مسألة استمرار حركة التغير في التركيبة العمرية للسكان باتجاه الانفتاح المستقبلي للنافذة الديموغرافية، فلقد تراجعت نسبة الفئات الطفليّة لأول مرة إلى ما دون خمسيْ السكان في سورية، ووصلت إلى (37.1%)، ما رفع من نسبة السكان داخل القوة البشرية إلى (58.8%)، رغم الارتفاع الطفيف في نسبة المسنين إلى (4.1%) مقارنةً بنسبتهم في العام 1994، والبالغة (3%).

 

 

شكل رقم (2)
مضلع الأعمار للسكان في سورية للعام 2010


ويشير تقارب الحجم النسبي للسكان في الفئات العمرية الثلاث الأولى إلى استمرار حركة التغير في التركيبة العمرية للسكان، إذ لا يتعدى الفارق بين فئة عمرية وأخرى (1.6%)، وهذا الأمر ينسحب أيضاً على تقلص الفارق بين الفئات العمرية الثلاث التالية للفئات الطفليّة الممتدة من (15 إلى 29 سنة)، إذ إنَّ هذا الفارق لم يتجاوز الـ (2.6%)، ما يعني أن استمرار هذا الاتجاه في التغير والمتمثل في أحد جوانبه في تقلص الفروق بين الفئات العمرية المتتالية من المفترض أن يفضي إلى تبدل الشكل الهرمي الملازم لمرحلة النمو السكاني السريع، مستقبلاً باتجاه النمط الأسطواني المنسجم مع مرحلة التوازن أو الاستقرار السكانيّ.
إنَّ الاستمرار في تقلص الحجم النسبي للفئات الطفلية إلى أقلّ من (30%) من السكان، وتنامي حجم السكان داخل القوة البشرية إلى نحو ثلثي السكان، وتقلص الفارق النسبي بين الفئات العمرية المتتالية بحيث تتدرج الفئات العمرية الثلاث الأولى من قاعدة مضلّع الأعمار (0-14) ضمن حدودٍ وسطيةٍ لا تزيد عن الـ (10%) من السكان لكل فئةٍ، وتتدرج الفئات العمرية التالية (15-64) سنةً ضمن حدودٍ وسطيةٍ تتراوح ما بين (4-8%)، ولا تقل في المتوسط عن (6.7%) هو التعبير الكميّ عما نُطلق عليه بوادر انفتاح النافذة الديموغرافية في سورية.
هذا، وبتتبع حركة التغير في التركيب العمريّ للسكان في سورية، استناداً إلى فئات العمر الموسعة، يلاحظ أنَّ أساس الحركة الاتجاهية لما تشهده التركيبة العمرية للسكان في سورية باتجاه انفتاح النافذة الديموغرافية قد بدأ منذ أكثر من ثلاثة عقودٍ مضت. لكن هذه الحركة اتسمت بالبطء الشديد في انطلاقتها، إذ استغرق تراجع أقل من (1%) في نسبة الأطفال ما دون (15 سنة) من مجموع السكان نحو (10) سنوات، عندما أصبحت نسبتهم (48.5%) في العام 1981 بعدما كانت (49.3%) في العام 1970.
إلا أن وتيرة هذه التغيرات أخذت بالتسارع في الأمد الواقع بين (1980-2010)، لتصل نسبة الأطفال (دون سن 15 سنة) عام (2010) إلى نحو (37.1%) من مجموع السكان متراجعةً ما مقداره (11.4%) نقطة عما كانت عليه في العام (1981)، وبالمقابل ارتفعت نسبة السكان داخل القوة البشريّة طوال هذه المدّة بالنسبة نفسها تقريباً لتصل إلى (58.8%) في العام 2010 بعد أن كانت (48.3%) في العام 1981.

شكل رقم (3)
تطور التركيب العمري للسكان في سورية (فئات العمر الموسعة) في الأمد الواقع بين 1960-2009

ومن جهةٍ ثانيةٍ، فإن الفروق في الحجم النسبي للفئات العمرية الخمسيّة المتتالية للسكان آخذة في التقلص التدريجي، ما يعني تعزيز احتمال تغير شكل مضلّع الأعمار، من الشكل الهرمي الملازم لخصائص المرحلة التقليدية من مراحل الانتقال الديموغرافي إلى الشكل المخروطي أو الاسطواني المصاحب لعملية النقلة نحو مرحلة التوازن والاستقرار السكاني.
انعكاس التغيرات في التركيب العمري على التركيب الوظيفي للسكان في سورية
يتمثل جوهر العلاقة بين السكان والتنمية في المجتمع في كون السكان هم هدف التنمية وأداتها الأساسية وهم المنتجون والمستهلكون في آنٍ معاً. ويأتي التركيب العمريّ للسكان في المجتمع وتطوره عبر المراحل الديموغرافية كأحد أهمّ محدّدات ملامح هذه الثنائية الوظيفية للسكان المحددة بدورها للعلاقة المتبادلة بين العامل السكانيّ والعوامل المجتمعية-التنموية الأخرى، ووفق هذه الثنائية الوظيفية يصنف السكان في المجتمع إلى فئتين داخل وخارج القوة البشرية.
وبالطبع، كلما كان الحجم النسبي للسكان داخل القوة البشرية أكبر من الحجم النسبي للسكان خارج القوة البشرية انخفض معدّل الإعالة العمرية، وتقلّص الضغط على عوائد التنمية، وكانت الإمكانية أفضل للاستفادة من عوامل الإنتاج وتعظيم معدلات الادخار والاستثمار. ولهذا سميت المدّة الزمنية التي يحدث فيها الرجحان النوعي-الملموس للسكان داخل القوة البشرية على من هم خارجها بمدّة النافذة الديموغرافية، وهي ديموغرافية، بمعنى: أنَّ التركيبة العمرية للسكان أصبحت مواتيةً سكانياً لتدخل تنموي وتحويل هذه النافذة الديموغرافية إلى “هبة تنموية”.
هذا، ووفقاً لتقريري حالة سكان سورية 2008 وحالة سكان سورية 2010، تبين أن سورية لمّا تنتقل بعد إلى مرحلة التوازن والاستقرار السكانيّ، وتحتاج إلى سنواتٍ عديدةٍ أخرى، ربما تصل إلى أكثر من ربع قرنٍ، حتى تبلغ هذه المرحلة، مع ملاحظة أنَّ طول مدّة النمو السكاني السريع وامتداد سنواتها نجم عنه أثران متداخلان عزز كل منهما الآخر، ويتمثلان في تضخم حجم المجتمع السكاني، وبالتالي تنامي حجم الزيادة السنوية في السكان من جهة، وهذا بدوره يفضي إلى إطالة المدّة الزمنية التي يمكن أن يتم فيها التحول إلى مرحلة التوازن والاستقرار السكاني وتأخير مرحلة بلوغها من جهةٍ ثانيةٍ. وبكلامٍ آخر، كلما زاد الزخم السكانيّ واستمر عبر السنوات المتتالية، بعُدت المسافة باتجاه الدخول في بدايات مرحلة التوازن والاستقرار السكانيّ، وامتدت سنوات تجاوز تداعياته، وطالت مدّته الزمنية.

ثانياً- ضرورة وأهمية تبني سياسة سكانية وطنية
أسهم كلٌّ من التقرير الأول والثاني لحالة سكان سوريّة 2008 و2010، في التأكيد على أنه إذا ما أريد التسريع في الوصول إلى مرحلة التوازن أو الاستقرار السكانيّ، فلا بدّ من ممارسة تدخل سياساتي مباشر يُعظّم من أثر الحركة الاتجاهية للمتغيرات الاجتماعية والاقتصاديّة، ويستثمر بفعاليةٍ أكبر حركة بقية المتغيّرات الاجتماعية-الثقافية المتصلة، ومثل ذلك التغيُّر الملحوظ في النظرة التقليدية-النمطية للمرأة التي كانت تقتصر على النظر إليها بحسبانها “أنثى  ولوداً”، وتحدد مكانتها وأدوارها وفقاً لذلك، باتجاه نظرة جديدة لا يطغى فيها الدور البيولوجيّ للمرأة على أدوارها الوظيفية-الاجتماعيّة كفرد من أفراد المجتمع.
لذلك كان السعي حثيثاً قبل الأزمة، من قبل المعنيين بالملف السكانيّ في سورية، للإسراع في إنجاز مشروع السياسة السكانية، واعتماده وتبنيه رسميّاً، بهدف:
تنشيط عمليّة التحوّل الديموغرافيّ، وتجاوز الركود الذي أصابها.
إيجاد الحلول التنموية المناسبة للمشكلات السكانيّة ذات الأبعاد المجتمعيّة التي أفرزتها مرحلة النموّ السكاني السريع التي امتدت في سورية لأكثر من خمسة عقود.
التصدي لتحديات الواقع الراهن والمستقبلي للمسألة السكانيّة، بما في ذلك الاستثمار الأمثل لفرصة انفتاح النافذة الديموغرافية، بحسبان أنَّ هذا الانفتاح المحتمل هو العنوان الرئيس لمرحلة التحول الديموغرافي في سورية طوال العقود الثلاثة أو الأربعة القادمة.
ملامح السياسة السكانية المعتمدة مطلع عام 2011
يُلاحظ مع استمرار معدلات النموّ السكانيّ المرتفع والزيادة السّنوية المتصاعدة في حجم السّكان، ومع انتظار إعلان وتبني سياسة سكانية وطنية في سورية، ووجود جهة مؤسساتية تدير وتتابع الملف السكانيّ، أنّه قد تنوعت الجهود الوطنية لمواجهة التحديات السكانية، فأحدثت اللجنة الوطنية للسكان، ووضعت الاستراتيجية الوطنية للسكان، وأقرت الرؤية الوطنية (سورية 2025) وأحدثت الهيئة السورية لشؤون الأسرة.
وانطلاقاً من قانون إحداث الهيئة السورية لشؤون الأسرة الذي يخولها إعداد السياسات والاستراتيجيات المتعلقة بالأسرة، وتنفيذاً للقرار/3705/ تاريخ 15/8/2006 والقرار رقم /2254/ تاريخ 29/5/2008، عملت الهيئة على تعميق المشاركة الوطنية بقضايا السكان؛ ذلك بإشراك جميع المعنيين في وضع توجُّهات السياسة السكانية عبر تنظيم ملتقى المشاورات الوطنية للسكان، وتنظيم مشاورات للسكان في جميع المحافظات السورية، وعقد ملتقى السكان الأول 27/4/2009. وشرعت في عام 2010 بالعمل على أكثر من صعيد، وبالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية المحلية كافةً وغير المحلية، للوصول إلى بلورة سياسة سكانية وطنية يتم اعتمادها وتنبثق عنها خطط وبرامج تنفيذية محددة يتم فيها التعاطي مع المسألة السكانية حسب المناطق واحتياجاتها.
وثائق السياسة السكانية لعام 2011
أنجزت الهيئة السورية لشؤون الأسرة تتويجاً لهذه الجهود وغيرها مشروع السياسة السكانية، وتم اعتماده بشكل رسمي من قبل اللجنة الوطنية للسكان في مطلع عام 2011، وقد تألف المشروع من أوراق خلفية متعددة في المجالات القانونية والديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ووثيقة مرجعية وعدة وثائق تضمنت البرامج التنفيذية القطاعية على مستوى الوزارات وعلى مستوى المحافظات، ولا سيما الأقل نمواً، وكذلك البرامج الاستهدافية التنفيذية على مستوى المناطق السكانية الأعلى في الزيادة السكانية والأقل على سلم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، إضافةً إلى الوثيقة الخاصة بقياس الأثر والمتابعة والتقييم.
الوثيقة الأولى: الوثيقة المرجعية
حملت هذه الوثيقة شعار السياسة السكانية وهو: “نحو مستقبل أفضل لنا ولأجيالنا القادمة”. وتضمنت هذه الوثيقةُ بياناً بمبررات تلك السياسة ومنطلقاتها ومبادئها وتوجهاتها وغاياتها الرئيسة التي ترجو تحققها بحلول عام 2025.
الرؤية الوطنية للسياسة السكانية في إطار الرؤية الوطنية الإجمالية
“تحقيق التوازن بين النمو السكاني ومتطلبات التنمية المستدامة، بما يضمن تلبية الاحتياجات المتنامية للسكان، والارتقاء بمستوى الأسرة، بما يؤدي إلى تمكين أفرادها اقتصادياً واجتماعياً وصحياً وتعليمياً وثقافياً، ويوسع خياراتهم ويرفع من مستويات مشاركتهم في تقدم المجتمع”.

عناصر الرؤية
ترتكز الرؤية الوطنية للسياسة السكانية، على عدد من المحاور التي تشكل إطار العمل لبناء السياسات المطلوبة لتحقيق مكونات هذه الرؤية:
محور النمو السكاني.
محور الصحة الإنجابية.
 محور التوزع المتوازن للسكان والهجرة.
 محور الخصائص النوعية للسكان.
محور القوة البشرية وقوة العمل والنافذة الديموغرافية.
الأهداف العامة حتى عام 2025
 خفض معدل النمو الطبيعي للسكان من (2.34%) عام 2011 إلى (1.8%) عام 2025.
 تحقيق توزع متوازن للسكان يتفق مع الإمكانات التنموية للمحافظات والأقاليم.
 تحسين مقومات الصحة الإنجابية.
 تحسين الخصائص النوعية للسكان.
 الاستفادة من فرصة انفتاح النافذة الديموغرافية.

الوثيقة الثانية والثالثة والرابعة: برامج العمل التنفيذية
تضمنت هذه الوثائق الإجراءات المطلوبة لتنفيذ السياسات التي ينبغي اتخاذها، على المستوى الوطني والقطاعيّ، وعلى مستوى كل محافظة من محافظات القطر، لتحقيق كل هدف من أهداف السياسة السكانية، والجهة الرئيسة المكلّفة بتنفيذ كل إجراء والجهات المشاركة أو الداعمة لها، والمدّة الزمنية اللازمة للتنفيذ، إذ أُخِذَ بالحسبان أن من الإجراءات ما يحتاج إلى مراحل طويلة نسبياً للتحقيق، ومنها ما يتحقق في حدود زمنية قصيرة، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بتغيير قوانين أو تعديلها أو تطويرها، أو عندما تكون الوسيلة فيها إنشاء أجهزة أو مراكز، بينما هناك إجراءات يتواصل تحقيقها باستمرار دون تحديد مدة زمنية لإنجازها (كرفع مستوى الوعي بقضية ما أو تحسين مستويات المعيشة أو ما شابه). كما تضمنت هذه الوثائق المخرجات المتوقعة من تنفيذ إجراءات كل هدف، والمؤشرات الكمية والنوعية الدالة على مدى تنفيذ كل من الإجراءات المذكورة.
الوثيقة الخامسة والسادسة: برنامج السياسة السكانية في المحافظات السورية الأقل نمواً والبرامج الاستهدافية للمناطق ذات الخصوبة السكانية المرتفعة في محافظات: الحسكة – دير الزور – الرقة – حلب – إدلب – درعا
تضمنت هذه الوثيقة برامج وآليات لتسريع انفتاح النافذة الديموغرافية، والتحضير لاستغلالها بشكل أمثل، بوساطة خفض معدّلات الخصوبة الزواجية والكلية في المحافظات المستهدفة؛ ذلك لتقترب من مثيلاتها على المستوى الوطني العام في السنوات الخمس المقبلة.
الوثيقة السابعة: دليل عمل المتابعة والتقييم
تضمنت هذه الوثيقةُ دليلاً تنفيذيّاً لتتبع التقدم المحرز في تنفيذ البرامج السكانية في كل مستوى من مستويات العمل، وفق مؤشرات قياسية تتمّ على أساسها معرفة نسب التنفيذ ومعوقاته.
وكان من المفترض البدء بتنفيذ المرحلة الأولى من برامج هذه السياسة السكانية بمستوياتها الأربعة الاستهدافية والقطاعية والوطنية (الكلية) ومستوى المحافظات في الأمد الواقع بين (2012-2015) بالتوازي والتكامل مع الخطة الخمسية الحادية عشرة، لتتبع ذلك مراحل لاحقة تصاغ برامجها وفق أهداف نوعية وكمية مستندة إلى ما سيتم إنجازه، أو تحقيقه في المرحلة الأولى. وكان من المأمول أن تسهم هذه السياسة في تنشيط عملية التطور الديموغرافي وتجاوز الركود الذي أصابها، بالإضافة إلى إيجاد الحلول التنموية المناسبة للمشكلات السكانية ذات الأبعاد المجتمعية التي أفرزتها مرحلة النموّ السكانيّ السريع التي امتدت في سورية لأكثر من خمسة عقود، والتصدي لتحديات المسألة السكانية، بما في ذلك الاستثمار الأمثل لفرصة انفتاح النافذة الديموغرافية.
إلا أن ما جرى في سورية من أحداث مع مطلع عام 2011 واستمرارها لعدة سنوات أدى إلى تعثُّر تنفيذ السياسة السكانيّة، وبات تحليل واقع حركة الظواهر الديموغرافية ومؤشراتها بالارتباط مع المؤشرات المجتمعية الأخرى بحاجة إلى تحديث لبناء وتصميم برامج وتدخلات سياساتية تتسق مع الفجوات التي أحدثتها الأزمة والأولويات التي فرضتها.

ثالثاً- قراءة في تطور أبرز المؤشرات الديموغرافية في سورية وانعكاسات الأزمة عليها
حجم السكان
شكّل حجم السكان في سورية عام 2010 والمقدّر بـ (20.619) مليون نسمة أكثر من (4.5) أمثال حجمهم في العام 1960 البالغ (4.565) مليون نسمة، حيث زاد حجم سكان سورية في هذه المدّة  بأكثر من (16.1) مليون نسمة، ما يشير إلى أن الزيادة السكانية طوال هذه المدّة كانت تسير بوتيرة تصاعدية عالية جداً.

جدول رقم (1)
الحجم والزيادة السنوية للسكان في سورية في الأمد الواقع بين 1960-2010
 
العام    حجم السكان (مليون نسمة)    الأمد الزمنيّ    حجم الزيادة الكلي
مليون نسمة    حجم الزيادة السنوية
ألف نسمة       
1960    4.565                      
1970    6.305    1970-1960    1.747    175       
1981    9.046    1981-1970    2.741    249       
1994    13.782    1994-1981    4.736    364       
2004    17.921    2004-1994    4.139    414       
2010    20.619    2010-2004    2.698    450    
المصدر: المكتب المركزي للإحصاء، نتائج التعدادات السكانية، والمجموعة الإحصائية لعام 2010، ص 43.

وكان من المتوقع أن يبلغ عدد السكان المقيمين في سورية منتصف عام 2017 نحو (25) مليون نسمة، وبسبب تداعيات الأزمة التي تمرّ فيها البلاد حالياً يقدر هذا العدد بنحو (21.8) مليون نسمة. وهذا التراجع في حجم السكان الآني لا يؤشر إلى تراجع الزخم (الدفع) السكاني للسكان السوريين، إذ ما زال متوسط الزيادة السنوية للسكان في تصاعد مستمر. وتقلص حجم السكان الحالي داخل سورية، مقارنة بحجمهم المقدر الاستمراري بافتراض عدم تعرض سورية لهذه الأزمة، يعود للحركة السكانية (الهجرة واللجوء) غير الاعتيادية طوال هذه المدّة.

 

شكل رقم (4)
تطور عدد السكان في الأمد الواقع بين 1994-2017 (ألف نسمة)

المصدر: بيانات حجم السكان المرجعي وتقديراته تمت بالاستناد إلى: المكتب المركزيّ للإحصاء، نتائج التعداد العام للسكان والمساكن لعامي 1994 و2004، والمجموعة الإحصائية لعام 2011. أما بيانات حجم السكان الآني فتم تقديرها من قبل الباحث بالاعتماد على بيانات ثانوية (استهلاك الكهرباء المنزليّ، أعداد التلاميذ والطلاب المسجلين في المدارس).

معدل النمو السكاني
رغم تراجعه التدريجي والبطيء نسبياً عن ذروته، بدءاً من العقد الأخير من القرن الماضي، بقي معدل النمو السنوي للسكان ينتمي إلى المستويات المرتفعة عالمياً، إذ تراجع من (3.29%) في الأمد الواقع بين (1981-1994)، إلى (2.66%) في الأمد الواقع بين (1994-2004) وإلى (2.37%) في الأمد الواقع بين (2004-2010).
ومن المرجح أن الأزمة الحالية أثّرت بشكل حاد في معدل النمو السكاني (العام)، وأدت إلى انخفاضه آنياً ليصبح سالباً في السنوات الأولى من الأزمة بمستوى وصل في ذروته إلى حدود (-0.5%)، ثم عاد إلى مستواه قبل الأزمة مع نهاية عام 2016. أما بالنسبة لمعدل النمو السكاني الطبيعي (أي بعد تحييد عامل الهجرة الخارجية أو اللجوء)، فمن المرجح أنه شهد ارتفاعاً طفيفاً من نحو (2.9 %) قبل الأزمة إلى حدود (3-3.1%) في الأزمة، ذلك نتيجة حدوث تغير سلبيّ في محددات السلوك الإنجابي واتجاهاته طوال هذه المدّة.

معدل الولادات
تراجعَ معدل المواليد من مستوياته العليا في بدايات مرحلة النموّ السكانيّ السريع وما قبلها إلى مستوى متوسط تقريباً في المرحلة التي تلت ذروة النموّ السكانيّ السريع في سورية، ووصل إلى (29.4) بالألف عام 1994 واستمر في التراجع إلى (27.6) بالألف عام 2004، إلا أنه سجل ارتفاعاً ملحوظاً غير متوقع عام 2010،  إذ وصل إلى (34) بالألف.
ومن المرجح أن هذا المعدل استمر بالارتفاع طوال سنوات الأزمة إلى حدود (38) بالألف، بسبب التغيرات السلبية التي طالت محددات السلوك الإنجابي لعدد كبير من الأسر ولا سيما المهجّرة قسرياً.
مستوى الخصوبة
تعدّ الخصوبة من أهم عوامل النموّ السكانيّ وأكثرها تأثيراً في حجم السكان وتركيبهم العمري والنوعي، وهي تعكس أنماط السلوك الإنجابي للأزواج، وتتأثر بالعديد من العوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية السائدة في المجتمع.
ويسود نمطُ الخصوبة المرتفع معظم المحافظات السوريّة، فرغم انخفاض معدّل الخصوبة الكلية (متوسط عدد المواليد الأحياء المنجبين للمرأة الواحدة في حياتها الإنجابية) من مستوياته العليا (7.9) مولوداً في بدايات مرحلة النموّ السكانيّ السريع وما قبلها إلى مستوى فوق المتوسط بقليل في المرحلة التي تلت ذروة النمو السكاني السريع في سورية، فإنه بقي بحدود (4.2) مولوداً عام 1994، و(3.6) مولوداً عام 2004، واستقر تقريباً عند هذا المستوى في العقد الأول من القرن الحالي، إذ بلغ عام 2010 نحو (3.5) مولوداً.
وتنسحب هذه الصورة على معدل الخصوبة الزواجية الكلية (وهو متوسط عدد المواليد الأحياء المُنجبين للمرأة الواحدة المتزوجة أو التي سبق لها الزواج في حياتها الإنجابية)، فلا يزال هذا المعدل مرتفعاً، رغم تراجعه من (7.4) مولوداً عام 1994 إلى (5.8)  مولوداً عام 2004، وأصابه أيضاً الركود النسبي كمعدل الخصوبة الكلية في الأمد الواقع بين (2000-2010)، إذ بقي عند حدود (5.4) مولوداً للمرأة الواحدة.
وعموماً، يرتبط مستوى معدل الخصوبة بمحددين اثنين يعبّر الأول عن طول المرحلة الإنجابية التي يعدّ متوسط العمر عند الزواج الأول عاملها الأساس، ويتعلق الثاني بعدد مرات تكرار الحمول أثناء الزواج، وتشير البيانات في سورية إلى ارتباط وثيق لهذين المحددين مع كلٍّ من:
المستوى التعليمي للزوجين وبخاصّة الزوجة، إذ إنَّ معدَّل خصوبة المرأة الأمية يساوي ضعف معدل خصوبة المرأة المتعلمة تعليماً ثانويّاً.
مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي، وبخاصّة في ما يتعلق بالحالة العملية للمرأة في القطاعات الاقتصادية خارج القطاع الزراعيّ، أو في العمل المأجور.
مستوى الوعي المجتمعي.
الواقع الاقتصادي والاجتماعي للزوجين (تأمين المسكن، ارتفاع تكاليف المعيشة).
هذا، ونظراً إلى أنَّ هذه العوامل كافةً تأثرت سلبياً بالأزمة، فمن المرجح في ظلّ هذا التغيّر السلبيّ لمحددات السلوك الإنجابيّ الذي صاحب الأزمة، أن يرتفع معدل الخصوبة الكلية إلى نحو (4.1) مولوداً لكل سيدة، ومعدل الخصوبة الزواجية إلى ستة (6) مواليد في العام 2017. علماً أنه كان من المتوقع أن يتراجع معدل الخصوبة الكلية إلى (3.1) مولوداً، والزواجية إلى (5) مواليد، وفق المسار الاستمراري (المرجعي)، أي في حال عدم تعرض سورية لهذه الأزمة الحالية.

 

 

شكل رقم (5)
تطوّر معدّلي الخصوبة الكلية والزواجية في الأمد الواقع بين 1994-2017 (مولود/للمرأة)
وفق المسار الاستمراري (المرجعي) والمسار الآني

 
           
الخصوبة الكلية    الخصوبة الزواجية    
المصدر: بيانات عامي 1994 و2004، المكتب المركزي للإحصاء، نتائج التعداد العام للسكان والمساكن لعامي 1994 و2004، والمسح الصحي الأسري 2009، مرجع سبق ذكره، بيانات 2017 وفق تقديرات الباحث.


معدلات الوفيات
أثمرت الجهود التنموية التي بذلت لعدة عقود تحسناً ملموساً في المستوى الصحي للسكان بعامّة، وصحة الأم والطفل بخاصّة، وتجلى ذلك بانخفاض معدل الوفيات الخام من (5.2) بالألف عام 1994 إلى (3.8) بالألف عام 2010.
وترافق الانخفاض المشاهد في معدل الوفيات الخام مع انخفاض مماثل في الاتجاه لمعدلات وفيات الرضع والأطفال دون سن الخمس سنوات ووفيات الأمهات، إذ انخفض معدل وفيات الرضع من (34.6) بالألف عام 1994 إلى (18.4) بالألف عام 2009، كما انخفض معدل وفيات الأطفال دون الخمس سنوات من (41.7) بالألف إلى (21.8) بالألف في المدّة نفسها، وسجّل معدل وفيات الأمهات بسبب الحمل والولادة والنفاس تراجعاً ملحوظاً من (107) وفاة لكل مئة ألف ولادة حية عام 1994 إلى (58) وفاة عام 2004، ثم إلى (52) وفاة عام 2009.
هذا، ورغم الجهود الاستثنائية التي تُبذل لتجاوز تداعيات الأزمة والحد من تأثيراتها في الصحة العامة، وصحة الأمهات والأطفال على وجه الخصوص، إلا أنه من الواضح أن هذه الأزمة قد أهدرت جهداً مبذولاً استغرق عدة عقود للوصول بالمؤشرات الديموغرافية-الحيوية إلى ذلك المستوى الذي كانت عليه قبل الأزمة، إذ تشير التقديرات الأولية إلى احتمال ارتفاع معدل الوفيات الخام طوال هذه المدّة إلى نحو (7) بالألف، ومعدل وفيات الأطفال الرضع إلى أكثر من (23) بالألف، ومعدل وفيات الأطفال دون الخمس سنوات إلى ما يقارب الـ (25) بالألف، ومعدل وفيات الأمهات إلى نحو (65) وفاة لكل مئة ألف ولادة حية.  

 
شكل رقم (6)
تطور معدل الوفيات الخام في الأمد الواقع بين
1994-2017 (بالألف)    شكل رقم (7)
تطور معدلات وفيات الرضع والأطفال دون الخمس سنوات في الأمد الواقع بين 1994-2017 (بالألف)       
           
المصدر: بيانات عام 1994: المكتب المركزي للإحصاء، نتائج التعداد العام للسكان والمساكن لعام 1994. بيانات عام 2010: المجموعة الإحصائية لعام 2011. بيانات عام 2017: وفق تقديرات الباحث.    المصدر: بيانات عامي 1994 و2004: نتائج التعداد العام للسكان والمساكن لعامي 1994 و2004. بيانات عام 2009: المسح الصحي الأسري 2009، مرجع سابق. بيانات عام 2017: وفق تقديرات الباحث.       


شكل رقم (8)
تطور معدل وفيات الأمهات  في الأمد الواقع بين 1994-2017 (لكل مئة ألف ولادة حية)       
    

المصدر: بيانات عامي 1994 و2004: نتائج التعداد العام للسكان والمساكن لعامي 1994 و2004. بيانات عام 2009: المسح الصحي الأسري 2009، مرجع سابق. بيانات عام 2017: وفق تقديرات الباحث.

يُتوقّع في حال استمرار مدّة الأزمة، أن تزداد المؤشرات الديموغرافية-الحيوية تدهوراً، في ظلّ الأعباء والتحديات الهائلة التي أفرزتها الإجراءات والتدابير غير الإنسانية وغير القانونية التي اتخذتها بعض الدول العربية والإقليمية والغربية على سورية ومؤسساتها الاقتصادية والخدمية، وعلى إداراتها التنفيذية، وقد انعكس هذا الأمر سلباً بشكل مباشر وغير مباشر على حياة المواطن السوري ومستوى معيشته وتلبية احتياجاته الأساسية من غذاء ودواء واستشفاء. وترافق ذلك مع الأضرار البالغة التي أصابت منظومة العمل الصحية جراء تخريب البنى التحتية للعديد من المستشفيات والمراكز الصحية ومؤسسات تقديم خدمات الرعاية الصحية والمنشآت الاقتصادية العاملة في صناعة الأدوية والأجهزة الطبية ومستلزمات الصحة العامة. ورغم ذلك تستمر المنظومة الصحية الوطنية بمواصلة عملها في توفير الخدمات الصحية لجميع المواطنين، إذ تقدّمها لهم مجاناً في المؤسسات الحكومية العامة.
لكن ذلك لا ينفي أنَّ الضرر الذي أصاب القطاع الصحي وتردي الأوضاع الأمنية في بعض المناطق انعكسا سلباً على توفير الخدمات الصحية وشمولها لمختلف مناطق القطر وتمكين جميع فئات المجتمع من الاستفادة منها، ولعل أكثر الشرائح الاجتماعية تضرراً تلك التي كانت تتلقى اهتماماً أكبر ورعاية خاصة ومنتظمة قبل الأزمة، أي الأطفال والنساء، إذ تناقصت قدرة النساء طوال مدّة الأزمة على الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية، فتراجعت نسبة الإشراف الطبي على الحمل والولادة، وحُرمت بعض الأمهات من الرعاية والخدمات الطبية التي كانت تقدم لهن ولأجنتهن ولأطفالهن في مرحلة الحمل وأثناء وبعد الولادة. كما تأثرت برامج اللقاح المنتظمة التي بلغت نسبة تغطيتها قبل الأزمة درجة الشمول شبه التام لجميع الأطفال في سنّ اللقاح وفي جميع مناطق القطر.
الهجرة الخارجية
يُلاحظ بسبب غياب بيانات دورية وشاملة حول الهجرة بنوعيها الداخليّ والخارجيّ، أنّه قد تشكِّل سجلات الأحوال المدنية والتعدادات السكانية الدورية والتقديرات السكانية السنويّة المصادر الرئيسة الرسمية التي يمكن الاعتماد عليها في استنباط مؤشرات الهجرة الخارجية، فالتعدادات السكانية وتقديراتها السنوية توفر بيانات عن عدد السوريين داخل البلاد، إضافة لغير السوريين؛ بينما تشمل سجلات الأحوال المدنية أعداد السوريين في الخارج والداخل.
هذا، وبمقارنة بيانات المصدرين، يتبين أنه حتى قبل الأزمة التي عاشتها سورية منذ عام 2011 كان ميزان صافي الهجرة الخارجية سالباً، أي أنَّ عدد المغادرين يفوق عدد القادمين، وبمعدل تصاعدي قُدّر في الأمد الواقع بين عامي (1994-2004) بنحو (0.8) بالألف، ارتفع إلى (9.2) بالألف في الأمد الواقع بين (2004-2010)، وبحجم صافي هجرة سنوي (سالب) بلغ في المتوسط (12.6) ألف مهاجر في المرحلة الأولى، وارتفع بشكل ملحوظ إلى نحو (177) ألف مهاجر في المرحلة الثانية.

جدول رقم (2)
تطور معدل (بالألف) وحجم صافي الهجرة الإجمالي والسنوي في الأمد الواقع بين 1994-2010 (ألف نسمة)
 
المدّة الزمنية    الحجم التراكمي لصافي الهجرة في الأمد الزمنيّ    متوسط حجم صافي الهجرة السنوي    معدل صافي الهجرة السنوي       
1994-2004    126    12.6    0.8       
2004-2010    1061    177    9.2    
المصدر: حسابات الباحث بالاستناد إلى نتائج التعداد العام للسكان والمساكن لعامي 1994 و2004، والمجموعات الإحصائية لعامي 2005-2011.

وبالمحصلة العامة، ارتفع الحجم التراكمي لصافي الهجرة من (1.889) مليوناً عام 1994 إلى (2.015) مليوناً عام 2004 ثم إلى (3.076) مليوناً عام 2010.

شكل رقم (9)
الحجم التراكمي لصافي الهجرة (سالب) في الأمد الواقع بين 1994-2010 (ألف نسمة)

المصدر: حسابات الباحث بالاستناد إلى نتائج التعداد العام للسكان والمساكن لعامي 1994 و2004، والمجموعات الإحصائية لعامي 2005-2011.

ويُرجّح أنَّ معدل صافي الهجرة الاعتيادية (للدراسة أو للعمل أو لأسباب اعتيادية أخرى) قد ارتفع بشكل ملحوظ ليتراوح طوال سنوات الأزمة ما بين (1-1.5) مليون مهاجر، ليصبح الحجم التراكمي لصافي الهجرة الكلي لمرحلة الأزمة وما قبلها بحدود (4.5) مليون مهاجر. هذا بالطبع لا يشمل حالات اللجوء الاضطرارية التي بدأت بوتيرة بطيئة ومحدودة في عام 2011، وتسارعت وتيرتها في العامين (2012-2014)، لتخف من ثَمَّ حدتها بشكل ملموس في عامي (2015-2016)، وتصبح بالمجمل عكسية، بدءاً من عام 2017 مع عودة أعداد متنامية من السوريين إلى بلدهم لاسيما من دول الجوار (لبنان، تركيا، الأردن).
وتتباين التقديرات حول العدد الإجمالي لحالات اللجوء إلى دول الجوار أو لبعض الدول العربية والأجنبية الأخرى. ويعود هذا التباين لأسباب عديدة بعضها موضوعي يتصل بتعدد دول اللجوء، وصعوبات التسجيل والرصد والمتابعة، أو الخلل وعدم الدقة أو الخبرة في التسجيل أو نقص الكوادر المدربة والمؤهلة للتعامل مع مثل هذه الحالات ... وبعضها الآخر مُتعمّد يهدف إلى تضخيم حجم الظاهرة، إما لكي تتنصل الدول المستقبلة من واجباتها تجاه اللاجئين، أو لتمرير أهداف سياسة، أو لجني مكاسب مالية إضافية عبر الأعداد الوهمية المضافة على العدد الحقيقي أو الفعلي، فيتم تسجيل المهاجرين الاعتيادين أو الزائرين أو السياح أو العابرين ... ضمن قوائم اللجوء.
وفي ضوء تقدير حجم السكان الآنيّ ومقارنته بحجم السكان وفق المسار الاستمراري (بفرض عدم تعرض سورية للأزمة الحالية)، ومع أخذ تغير حركة المؤشرات الديموغرافية الحيوية والمكانية (الولادات والخصوبة والوفيات والهجرة الخارجية الاعتيادية)، ونسبة عدم الشمول في البيانات السكانية لمرحلة ما قبل الأزمة بالحسبان، فمن المرجح أن عدد حالات اللجوء التراكمي-الفعليّ حتى منتصف عام 2017 هي بحدود (3.5-4) مليون نسمة، ويشمل هذا التقدير الحجم التراكمي للزيادة السكانية طوال سنوات اللجوء.

رابعاً- السياسة السكانية في ظل الأزمة “التعثر والتحديث”
التعثُّر
إنَّ مرور البلاد بظروف استثنائية والتداعيات السلبية للأزمة التي تمر فيها سورية منذ مطلع عام 2011 التي دمّرت جهود عدة عقود بذلت لتحسين المؤشرات الديموغرافية والتنموية، أدى إلى:
تعثر /إيقاف العمل على تنفيذ برامج السياسة السكانية بالشكل المناسب “التي كانت تهدف إلى تحسين الخصائص النوعية للسكان، وضبط معدلات النمو السكاني، وتجاوز الاختلالات في التوزع السكاني، وردم الفجوات التنموية بين المحافظات والمناطق المتعددة والريف والحضر ضمن كل محافظة”.
اقتصار التنفيذ على بعض البرامج الاستهدافية التي تقوم بها الهيئة السورية لشؤون الأسرة بالتعاون مع بعض الوزارات المعنية (الزراعة/الصحة)، أو على بعض البرامج الواردة أصلاً في خطط وبرامج الوزارات والجهات المعنية التي تصب في خدمة مشروع السياسة السكانية، سواء أكان ذلك بطريقة مباشرة، أم غير مباشرة.
كما أن تردّي الوضع الإنساني في سورية وحدوث تغيرات كبيرة في الديناميكيات السكانية، ولَّدا مجموعة من التحديات ذات الأولوية في هذا الإطار أهمها:
مسألة النزوح السكاني والحيلولة دون تحوله إلى انزياحات دائمة، وتجنب حدوث تغيرات في التركيبة السكانية.
أدّت ظروف الحرب وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والإجراءات القسرية أحادية الجانب إلى فقدان عدد كبير من السكان لأماكن سكنهم الدائمة ولفرص عملهم ومصادر الدخل، إضافةً إلى صعوبة وصولهم إلى الخدمات العامة المجانية التي تتيحها الحكومة، من تعليم وصحة وخدمات اجتماعية أخرى، ودفعت العديد من الشباب وأحياناً الأسر للهجرة أو اللجوء.
تدني الخصائص النوعية للسكان (التعليم، الصحة، العمل): أهدرت الحرب على سورية والإجراءات القسرية أحادية الجانب عدة عقود مضت، من الإنجازات المتحققة في بناء وتحديث وتطوير البنى التحتية، وتأمين المستلزمات التعليمية والصحية، وتأهيل وتدريب الكوادر.
احتمالية ضياع فرصة انفتاح النافذة الديموغرافية.
وعليه، فإنَّ تداعيات هذه الأزمة ستفاقم ما ذكر آنفاً من مخاطر، وسينتج عنها مخاطر أخرى، بعضها متوقع وبعضها الآخر ستكشفه حركة المتغيرات الديموغرافية في علاقتها مع المتغيرات السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية.
ولعلَّ أس المخاطر المحتملة هو التأخر في إعادة إعمار البنى التحتية والوحدات السكنية المتضررة، وبالتالي بقاء قسم كبير من السكان بحالة عدم استقرار جراء الأزمة. ومن جملة المخاطر المحتملة أو المتوقعة أيضاً، يمكن الإشارة إلى ما يأتي:
حدوث فجوات دورية في مضلّع الأعمار بمسافة جيل سكانيّ، ويتوقّعُ أن تستمر هذه الفجوات في الظهور لأكثر من أربعة أجيال سكانية.
تغير خصائص السلوك الإنجابي باتجاه زيادة عدد الأطفال المرغوب بإنجابهم، ما يعني عودة مستويات الخصوبة لتقترب من مستوياتها في مرحلة النموّ السكانيّ السريع.
تعمق الفجوات التنموية بأنواعها المختلفة (بين: المناطق، وبين الريف والحضر، وبين الذكور والإناث... الخ).
تعمق الاختلالات في التوزع السكاني بين المحافظات والمناطق السورية، وارتفاع الكثافة السكانية العامة والمجالية في مناطق معينة، على حساب مناطق أخرى نتيجة حركة الانزياحات السكانية غير المسبوقة وغير المنتظمة.
تفاقم مشكلة السكن العشوائي أثناء وبعد الأزمة.
تدني المؤشرات التنموية الكمية والنوعية للموارد البشرية.
تدهور المستوى المعيشي لشرائح واسعة من السكان محدودي الدخل، لترتفع نسبة السكان دون خط الفقر المدقع من عشر السكان تقريباً (11.4%)، حسب تقديرات ما قبل الأزمة إلى أكثر من ثلث السكان.
خسارة قسم كبير من الكفاءات السورية ومن العمالة الماهرة والمدربة.
تراجع مساهمة إسهام القطاع الخاص في استيعاب الراغبين بالدخول إلى سوق العمل، وتفاقم مشكلة البطالة بجميع أنواعها.


التحديث
“المسألة السكانية تحتاج إلى نوع جديد من التخطيط الاستراتيجي للدفع باتجاه تبني سياسة سكانية ذات طابع اجتماعي واقتصادي”.
بطبيعة الحال، وبعد مرور أكثر من ثماني سنوات على تعثر تنفيذ برامج السياسة السكانية التي كانت معدة وفق واقع مؤشرات ما قبل الأزمة، بات من الضروري صياغة سياسة سكانية جديدة تستجيب بشكل عاجل للواقع الحاليّ ومؤشراته، وتستشرف، في الوقت ذاته، السياسات والتدخلات المطلوبة على المستوى التنموي متوسط وبعيد الأجل كجزء لا يتجزأ من الخطة الوطنية لإعادة البناء والتنمية على كامل الجغرافية السورية، تسهم في التصدي للقضايا والمشكلات الديموغرافية الناجمة عن تداعياتها.
وتشكل جهود وعمليات مساعدة الأسر لتعزيز صمودها وتعافيها، كما تشكل مقومات دعم جميع أوجه معيشتها الأولوية القصوى في هذا المجال، إذ يتم العمل على الاستجابة لاحتياجات السكان المحليين واحتياجات الوافدين، ومساعدة المجتمعات المتضررة على تجنب المزيد من الفقر والتهميش والاعتماد على المساعدات الإنسانية؛ ذلك بوساطة المشاركة التكاملية الفاعلة والمؤثرة لجميع القطاعات والفئات في عملية التنمية، فبناء التنمية الشاملة والمتوازنة يتطلب المشاركة الفاعلة لجميع القطاعات (حكومي، خاص، أهلي، منظمات ونقابات شعبية) وكذلك لجميع فئات المجتمع (شباب، نساء، مُسِنّون، أطفال، أسر الشهداء، الجرحى، الفقراء...) بما يحقق الإفادة من إسهام الجميع، كلّ حسب دوره وإمكاناته، وتكامل هذه الأدوار، لتحقيق غايات التنمية، بهدف تخطي تأثيرات الحرب من إرهاب وتهجير، والعمل على إحياء قيم الهوية والمواطنة والمشاركة الاجتماعية.
وتعمل الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية الحكومية الرسمية والأهلية على تحديث وثائق السياسة السكانية، وأنجزت في هذا السياق وثائق السياسة السكانية المحلية والبرامج الاستهدافية في ثلاث محافظات، هي: حمص، وطرطوس، والسويداء كمشروع رديف ضمن المشروع التنموي الشامل لسورية ما بعد الحرب.
وتضمنت الوثائق المحدثة مصفوفة البرامج الاستهدافية الآنية لعام 2018 والمتوسطة لغاية عام 2030 في مجالات:
العودة والاستقرار السكاني.
القوة البشرية وقوة العمل والتشغيل والاستخدام.
الالتحاق بالمدرسة، والحدّ من التسرب، ومتابعة التعليم.
الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة.
مع التركيز على:
المناطق الجغرافية الأكثر تضرراً جراء الأزمة التي مرت فيها سورية.
الفئات العمرية: (أقل من 15 سنة) و(15 وأقل من 25 سنة).
النساء المعيلات، والأرامل، والمطلقات، وكبار السن.
أسر ذوي الشهداء والجرحى.
كما تم تصميم وإعداد بطاقات للبرامج الاستهدافية في خمسة مجالات وهي (التشغيل، والاستقرار والعودة، والتعليم، والصحة، ودعم الأسر ذات الهشاشة (المعاقون وذوو الجرحى والشهداء) وفقاً لكل محافظة وهي:
التشغيل: تحسين مستويات النمو الاقتصادي وزيادة فرص العمل.
العودة والاستقرار: إعادة النازحين واللاجئين إلى مناطق إقامتهم الأصلية.
التعليم: الارتقاء بكفاية وشمول المستويات التعليمية.
المعاقون: التمكين للمعاقين من أجل المشاركة في النشاط الاقتصادي والاجتماعي لتعزيز إدماجهم في المجتمع.
أسر الشهداء والجرحى: التمكين لأسر الشهداء والجرحى ببرامج ومشاريع خاصة بدعم سبل العيش.
الصحة: زيادة العمر المتوقع عند الولادة؛ ذلك بتحسين مستويات الصحة والصحة الإنجابية للسكان.

خامساً- التوصيات والمقترحات
النمو السكاني
بناء قاعدة معلومات سكانية ترصد التغيرات في حركة المؤشرات؛ ذلك بهدف التدخل الآنيّ، بوساطة برامج العمل التنفيذية السنوية، بالإضافة لرسم السياسات بعيدة المدى لتحسين هذه المؤشرات.
توفير المقومات الاقتصادية والاجتماعية اللازمة لخفض معدلات الخصوبة التي يظهر بوضوح تأثرها الكبير بعاملين مباشرين:
سن الزواج وبخاصّة للإناث الذي يتحدد بناءً على المستوى التعليمي لهن ومشاركتهن بالعملية التنموية (النشاط الاقتصادي) ومستوى الوعي المجتمعيّ.
عدد مرات تكرار الحمل أثناء الزواج، الذي يتأثر بالإضافة إلى العوامل السابقة بمستوى خدمات الصحة الإنجابية ومقدرة الأسر على الحصول عليها.
الهجرة
رسم سياسة وطنية واضحة تجاه الهجرة الخارجية.
الحد من الهجرة الداخلية بالعمل على:
تحقيق عدالة أكبر في توزيع الاستثمارات العامة والخاصة جغرافياً.
تحقيق عدالة أكبر في توزيع الخدمات الاجتماعية وخدمات البنى التحتية.
إحداث تنوع اقتصادي بما يتوافق مع الميزات النسبية للمحافظات والمناطق.
التوجه نحو البرامج الاستهدافية لتخفيف التفاوت التنموي.
الاهتمام بموضوع الاقتصاد المعرفي والاستثمار في رأس المال البشري.

التطوير النوعي للخصائص السكانية
تتطلب الاستفادة من فرصة النافذة الديموغرافية توفير مقومات استثمارها، ويتعلّق جزء كبير من هذه المقوّمات بالجانب النوعي للسكان الذي سينعكس بشكل مباشر على تحسين مجمل عملية التنمية، وهذا يستدعي العمل على:
تحسين الخصائص النوعية التعليمية والثقافية والصحية للسكان.
التمكين للمرأة من أجل تفعيل مشاركتها في عملية التنمية.
تحسين مقومات المعيشة المختلفة المتعلقة بالقضايا الخدمية والاقتصادية.
بناء قدرات مؤهلة متخصصة في السكان، ودعم السياسة السكانية القائمة على الحدّ من الفقر، وزيادة معدلات التشغيل.
زيادة الوعي بالقضايا السكانية
رفع مستوى الوعي السكاني والسلوك الإنجابي للمواطنين، من أجل الحفاظ على الموازنة بين النمو السكاني والنمو الاقتصادي.
إدخال البعد السكانيّ في المناهج التعليمية، واستخدام وسائل الإعلام لتوعية المواطنين بقضايا السكان.
التوسع في استخدام وسائل تنظيم الأسرة.
تحفيز المجتمع الأهلي والجمعيات على القيام بدورهما في قضايا السكان، بوساطة العمل التطوعيّ، وتعميق مفهوم المسؤولية الاجتماعية.

المراجع
زكي، رمزي. المشكلة السكانية وخرافة المالتوسية الجديدة. الكويت: عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1984.
صندوق الأمم المتحدة للسكان، القضايا السكانية: مجموعة مواد إعلامية 1997.
صندوق الأمم المتحدة للسكان، حالة سكان العالم عام 1999.
القش، محمد أكرم. “السكان وقوة العمل في الجمهورية العربية السورية”، مركز الدراسات والبحوث الاستراتيجية، جامعة دمشق، 1998.
القش، محمد أكرم. “الواقع السكاني في سورية وآفاق تطوره”، ورقة خلفية لمشروع رؤية استشرافية لمسارات التنمية في سورية (سورية 2025)، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 2005.
المكتب المركزي للإحصاء، المجموعة الإحصائية للأعوام 1976-2010.
المكتب المركزي للإحصاء، المسح الصحي الأسري 2009.
المكتب المركزي للإحصاء، نتائج مسح قوة العمل، 2010.
الهيئة السورية لشؤون الأسرة، “التقرير الوطني الأول عن حالة سكان سورية 2008”. دمشق: 2008، الفصل الثالث.
الهيئة السورية لشؤون الأسرة، “حالة سكان سورية 2010: التقرير الوطني الثاني –انفتاح النافذة الديموغرافية –تحديات وفرص”. دمشق: 2011، الملحق الإحصائي.

 

هيئة الإشراف
د. إنصاف حمد
د. عقيل محفوض
د. كريم أبو حلاوة
د. كنان ياغي

 

 

سيريا ديلي نيوز_ مركز دمشق للأبحاث والدراسات مِداد


التعليقات