ظهرت في الفترة الماضية تصريحات إعلامية حول استهلاك السوريين الوسطي من الخبز ليتبين أن الاستهلاك السنوي يقارب 1،18 مليون طن من الخبز تقريباً، كما أشار وزير المالية إلى أن تكلفة إنتاج الربطة تقارب 200 ليرة وهي مدعومة بمقدار 150 ليرة للربطة. فبماذا تعلمنا أرقام الخبز السابقة؟
لا يزال سعر ربطة الخبز السوري، ذات الـ 1 كغ وسبعة أرغفة، ثابتاً نظرياً منذ عام 2016 عند سعر 50 ليرة، بينما تم تخفيض وزنها من 1300 غرام إلى 1000 غرام، وفق ما وضحه وزير التجارة الداخلية، ما يعني رفع سعر الكغ بنسبة 30%. ورغم أن بعضاً من التغيرات الاقتصادية التي دفعت إلى رفع أسعارها وتخفيض عبء دعمها قد تغيرت، إلا أن هذا لم يغير من سعر الربطة أو يزيد من وزنها.
 

وزير المالية يقول: إن تكلفة الربطة تقارب 200 ليرة، ما يعني أنه وفق إنتاج 3،23 مليون ربطة يومياً، وحوالي 1،18 مليون طن سنوياً، فإن الدعم السنوي يقارب 177 مليار ليرة، واليومي: 485 مليون ليرة.
فما مكونات هذه التكلفة تقديرياً؟
القمح 92 ليرة من كلفة الربطة
إذا ما بدأنا من القمح حيث كل كغ من الخبز يحتاج إلى حوالي 0،8 كغ من القمح، فإن إنتاج الخبز السوري حالياً يتطلب أقل من مليون طن قمح، وقرابة 944 ألف طن. فما هي تكلفة القمح ضمن الربطة؟
التكلفة التقريبية للقمح ضمن الربطة تقارب 92 ليرة تقريباً. وقد قدرناها بأخذ سعر للقمح من وسطي بين السعر العالمي في منتصف العام الماضي والمقارب لحوالي 90 ليرة للكغ، والسعر المحلي المقارب لـ 140 ليرة للكغ. أي: حوالي: 115 ليرة للكغ من القمح.
أما على مستوى المكونات الأخرى فهي عديدة، وتدخل ضمن عمليات الطحن، والخبز المحلية، وما تطلبه من وقود. وسنعتمد على معلومات تفصيلية حصلنا عليها في عام 2013 حول تكاليف دعم الخبز، ونجري عليها تغييرات بناء على تغيرات مستويات الأسعار، لنقدر التكلفة الحالية.
الطحن 20 ليرة والخَبْز 29
قد تقارب اليوم تكاليف الطحن للكغ من القمح في المطاحن العامة حوالي 26 ليرة. ما يعني أن تكاليفه في كغ الخبز قرابة 20 ليرة. (بناء على أن كغ الخبز يتطلب 0،8 كغ قمح وسنعتبر أن كل القمح يدخل في الطحين وليس فقط 90% استخراج). وهي تفوق عمولة الطحن في مصر التي تعطيها الحكومة المصرية للمطاحن بعد تحرير سعر الدقيق، والبالغة 14 ليرة للكغ بعد تحويلها للعملة السورية، كما أن موازنة عام 2016 وضحت أن تكلفة إنتاج طن الطحين المحلي 107 آلاف ليرة، أي: كلفة طحن للكيلو بعد اختصار تكلفة القمح: 15 ليرة تقريباً.
حيث كانت تصريحات من المطاحن في 2013 تشير إلى أن تكلفة عمليات الطحن تقارب 10 ليرة سورية، وارتفعت كلفها بنسبة 260% بناء على تغيرات الأسعار بين 2013 ونهاية 2017.
أما المرحلة الثالثة، أي: في المخابز، فالتكلفة التقديرية للكغ تبلغ 29 ليرة، وذلك لعمليات الخَبْز فقط، دون احتساب سعر الدقيق. حيث كانت في عام 2013 حوالي 11 ليرة للكغ الواحد.
ما يعني أن التكلفة المتضمنة كلفة القمح الوسطية، وكلفة عمليات إنتاج الخبز: سواء في المطاحن، أو في المخابز قد تبلغ للكغ من الخبز 142 ليرة. يدفع منها السوريون 50 ليرة، ويكون الدعم حوالي 92 ليرة للكغ.
هل تُحسب المحروقات؟
وحتى لو عزلنا تكاليف المحروقات، وهي التي من المفترض أن تدخل ضمن تكاليف الطحن والخبز، وأضفناها لتكلفة كغ الخبز، فإنها عملياً تقارب 12 ليرة في الكغ. على اعتبار أن صناعة طن من الخبز تحتاج إلى 67،5 لتر، بسعر 180 ليرة للتر. أي في هذه الحالة ترتفع التكلفة إلى 154 ليرة للكغ. ما يعني أن دعم الخبز يصل في هذه الحالة إلى 104 ليرة للكغ، وحوالي 122 مليار ليرة سنوياً.
وضمن كل العمليات الحكومية التي تدخل فيها المحروقات، فإن المفارقة تبقى موجودة... فالمحروقات المنتجة محلياً تسعر كالمحروقات المستوردة عالمياً، ورغم تضاعف الإنتاج المحلي من 2000 برميل في 2016 إلى 20 ألف برميل في 2017، إلا أن هذا لم يؤثر على تكاليف إنتاج الخبز وعلى عداد التصريحات الحكومية لتكاليف الدعم. فبينما الدعم السنوي للخبز قد لا يتعدى 100-122 مليار ليرة، فإن التصريحات الحكومية توصله إلى 177 مليار ليرة.

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات