يبدو أن الحكومة السورية تتجه نحو تشجيع عمليات التجميع في صناعة السيارات، بما يحقق نوعاً من القيمة المضافة في هذه الصناعة، إذ صدر المرسوم رقم 114 لعام 2018 الذي أخضع مستوردات مكونات السيارات للشركات المرخصة لصناعة السيارات -التي تعمل وفقاً لنظام الصالات الثلاث- لرسم جمركي مقداره 5 بالمئة،مقابل 30 بالمئة على مكونات السيارات والمستوردة من الصناعي المرخص للصالة الواحدة، بينما أخضع السيارات الكاملة المستوردة لرسم جمركي بنسبة 40 بالمئة.

وأوضح وزير الماليّة في تصريحاتٍ صحافيّة، أنَّ تحديد رسوم جمركيّة بنسبة 5 بالمئة، يشمل فقط المنشآت المرخصة على نظام الصالات الثلاث لتجميع السيارات، بحيث يتم استيراد قطع السيارات مفككة بالكامل، ومن بلد المنشأ، وفق ضوابط عالية الدقة، بحيث يتم في الصالة الأولى جمع المكونات الأولية بواسطة عمليات لحام دقيقة، في حين تتم في الصالة الثانية عمليات الدهان، باستخدام فرن حراري متطور، ليتم تركيب الإكسسوارات في الصالة الثالثة، وهكذا يتم تجميع السيارات بالكامل، وفق عملية دقيقة، تبدأ بقطع مفككة، غير متصلة، أبداً، ما يدعم عملية التصنيع في سورية، كما يشجع على خلق المنافسة السعرية عبر تخفيض التكاليف، من خلال استبدال بعض مكونات السيارات مثل الزجاج والإطارات الأجنبية بمكونات محلية الصنع، مما يخلق مزيداً من القيمة المضافة، كما يسهم في تطوير العديد من الصناعات المرتبطة بتجميع السيارات. وفيما يخص المنشآت المرخصة على نظام الصالة الواحدة، بيّن الوزير أنها لا تقوم إلا بعملية تركيب الإكسسوارات فقط للسيارات، لذا فهي غير مشمولة بالرسوم الجمركية التشجيعية (5 بالمئة)، إذ خصصت برسوم قدرها 30 بالمئة

يستنتج مما سبق وجود مقومات أولية، تجعل الاعتماد على سلسلة العرض العالمية وتمكين التجارة الرأسية في سورية خياراً منطقياً، يتوافق مع المرحلة الراهنة والقادمة، ويمكن التخطيط له في سياق استراتيجية تصديرية وطنية، أكثر واقعية، من السياقات المطروحة، لكن ذلك يتطلب تهيئة الظروف المناسبة، مع مراعاة إمكانية الانطلاق بالعملية وفق المتاح حالياً، في ظل التدمير الحاصل في البنى التحتية جراء الحرب، مع إمكانية التخطيط لتوسيع العملية، بالترافق مع إعادة الإعمار، وفق قائمة أولويات واضحة، وتدريجية، وهنا يمكن اقتراح الآتي:

  • دراسة جدوى دقيقة للصناعات المحتملة التي يمكن الدخول من خلالها إلى سلسلة العرض العالمية، مثل: الهواتف الذكية، والمكننة الصناعية، والأجهزة الطبية، وغيرها، ودراسة الميزات التنافسية بهدف رفع مستوى التصنيع في هيكل الصادرات.
  • وضع استراتيجية وطنية للتصدير، تنطلق من أولويات اعتماد التجارة القائمة على سلسلة العرض وتمكين التجارة الرأسية، عبر رفع حصة القيمة المضافة محلياً.
  • دراسة التشريعات والأنظمة والقرارات المتعلقة بالاستثمار والتجارة والصناعة والتمويل والضرائب والتأمين، بغية ضمان توافقيتها مع نهج التجارة القائمة على سلسلة العرض والتجارة الرأسية.

 

  • إحداث مكتب في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية متخصّص في التجارة القائمة على سلسلة العرض والتجارة الرأسية، بحيث يتولى أمور الدراسات المتعلقة بها، وتحديد العوائق أمام سلسلة العرض، وتحديد متطلبات إزالتها، كما يتابع عمليات التنسيق مع الجهات المشتركة، بين القطاعين، العام والخاص، لضمان عدم التضارب في المصالح، وسير العملية في الاتجاه المخطط له.
  • تركيز جهود الدبلوماسية الاقتصادية، بالتعاون بين وزارتي الخارجية والاقتصاد، على تعزيز فرص التوسع في سلسلة العرض، مع الدول الصديقة والتكتلات مثل (BRICS).
  • التركيز على خيارات تحسين مؤشرات الأداء اللوجستي، بدلاً من خفض الرسوم الجمركية فقط، والعمل على تخفيض تكاليف التجارة المباشرة وغير المباشرة، وتقليل المخاطر، والتخطيط لشبكة النقل والبنية التحتية وقطاع الاتصالات وتكنولوجيا الاتصال والمعلومات والحكومة الإلكترونية والأتمتة، حالياً،وخلال مرحلة إعادة الإعمار، بما يعزز فرص نجاح وتطور سلسلة العرض والتجارة الرأسية.
  • التركيز على العوائق التي تؤثر سلباً في سلسلة العرض، للحدّ منها، وإزالتها، وفق مخطط جدي، حاسم، خاصة فيما يتعلق بكفاءة وشفافية الإدارة الحدودية والفساد في الجمارك، وتسهيل إجراءات الاستيراد والتصدير، وإلغاء ترشيد الاستيراد الذي فتح التهريب على مصراعيه، وإعادة النظر بإجازات الاستيراد، وسياسات القطع الأجنبي فيما يتعلق بالتصدير على المدى الطويل،وغيرها من الإجراءات التي تسهّل التجارة بالاتجاهين، مع ضمان منافسة عادلة بين الأطراف المشاركة في سلسلة العرض، وعدم حدوث احتكار، والعمل على إشراك المشاريع الصغيرة والمتوسطة في سلسلة العرض والتجارة الرأسية.

 

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات