اعتبر أنه من نظرة واحدة إلى سوق الحوالات الداخلية، ندرك أن محتكراً لثلاث شركات فقط تعمل في سورية يساعدها على ذلك تأخر المصرف المركزي في منح المباشرات لعدد من شركات الحوالات الداخلية لتنطلق بعملها، بعد أن حصلت على التراخيص وجهّزت مقراتها من أجهزة وعمال.
البلاء عام والرحمة مخصصة
بعد الهزة التي أحدثتها شركة "العنكبوت" للحوالات المالية في هذه السوق، كان التوجه بمعاقبة الشركات الجديدة وليس بتصحيح إجراءات المراقبة والتدخل السريع لدى أي شركة حوالات، وذلك من خلال تعديل الأنظمة وتشديد الرقابة على عملها،  عبر التريث بالسماح لشركات حوالات جديدة بالعمل في سورية والسماح للشركات القديمة بزيادة عدد فروع ومقرات جديدة لها ، أي من دون العمل على حل المشكلة من جذورها.
في مهب الريح
عدد من المستثمرين تقدم بتراخيص لإنشاء شركات للحوالات الداخلية فقط (بدون الخارجية – أو الصرافة ) وقد تم منحهم التراخيص وقاموا بتجهيز المكاتب والمقرات من أثاث وأجهزة حاسب وبرنامج حوالات معتمد أصولاً والتعاقد مع موظفين ووكلاء بانتظار الموافقة النهائية من مفوضية الحكومة في مصرف سورية المركزي على تشكيل لجنة ثلاثية من مؤسسة البريد وأمن الاتصالات والمصرف المركزي للاطلاع على أرض الواقع لمنح المباشرة لكن هذا الأمر لم يحدث، فهناك طلبات موجودة في المفوضية منذ أكثر من عام، ولنا أن نتخيل الخسائر المالية التي يتكلفها أصحاب التراخيص لصدور أمر المباشرة.
لماذا السماح بالترخيص إذا كنت لن تمنح المباشرة بمزاولة العمل؟ هذا السؤال طرحه أحد أصحاب شركات الحوالات الذي تقدم بالترخيص منذ عام وينتظر أمر المباشرة، يقول «ع» : تقدمنا بطلب ترخيص إلى إدارة الشركات في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وتمت الموافقة عليه بتاريخ 13/2/2017 وقمنا بنشر القرار في الجريدة الرسمية للتأكد من عدم وجود اسم شركتنا نفسه، ومن ثم قمنا بفتح حساب مجمد بالمصرف التجاري السوري والتعاقد مع شركة تأمين على مقرات الشركة من الحريق والسرقة، ومن ثم قدمنا الأوراق أصولاً إلى شعبة التراخيص في المؤسسة العامة للبريد في دمشق وتم تحويل الكتاب منها إلى الجهات الخاصة لدراسة هذه الأوراق أصولاً، وبعد مراجعة مؤسسة البريد أخطرتنا بأن كتاب الترخيص أصبح لدى مفوضية الحكومة في المصرف المركزي في دمشق منذ بداية الشهر التاسع من العام الماضي، وهو إجراء روتيني لتشكيل لجنة للاطلاع على مقرات شركتنا وتجهيزاتها من أجل منحنا المباشرة بالعمل ونحن ننتظر من خمسة أشهر حتى اليوم، وبدل أن يصدر قرار بأمر مباشرتنا صدر قرار بالسماح لشركات الحوالات المرخصة القديمة لاستحداث فروع جديدة بدل أن يسمح للشركات الجديدة بمزاولة عملها، ولقد كلف مشروع شركتي حتى الآن أكثر من 100 مليون ليرة، إضافة لعمال الشركة الذين تعاقدنا معهم والعمال الذين تم التعاقد معهم لدى الوكلاء الذين يبلغون أكثر من 250 عاملاً، بعد أن قمت بفتح فروع للشركة في حلب ودمشق واللاذقية وحماة وطرطوس ودفع بدلات الإيجار وشراء التجهيزات ووضع الأثاث المكتبي فيها .
هل سيكون مصير شركات الحوالات مثل مصير شركات الصرافة ؟ فإذا كان مبلغ العملة الأجنبية محدداً سلفاً من قبل المصرف المركزي الذي سيبيعه إلى شركات الصرافة وهو يعلم حق العلم بأن رأسمال شركات الصرافة يغطي هذا المبلغ، فلماذا كان القرار برفع السقف إلى المليار إلا إذا كان خدمة لمصلحة عدة شركات صرافة تملك هذا المبلغ ويفتح الطريق أمامها لاحتكار سوق الصرافة؟
ضوابط ناظمة!
مدير عام المؤسسة العامة للبريد السابق، الذي أخذنا التصريح منه قبل إعفائه من منصبه أكد أن المؤسسة اتخذت كل الإجراءات المطلوبة التي يجب أن تقوم بها بهذا الخصوص، وقد رفعت الطلبات إلى المصرف المركزي لكن إلى الآن لم يرد منه أي جواب. وبيّن أنه حاليا ًيتم وضع الضوابط الناظمة لعمليات منح التراخيص لشركات الحوالات بالتعاون مع الجهات المعنية وذلك بعد صدور قانون البريد الجديد في عام 2017، ليصار بعد ذلك إلى إصدارها قريباً.
ويبدو أن شركات الحوالات في طريقها إلى هذا المصير بسبب شبه تجميد عمل الشركات الجديدة التي حصلت على تراخيص لمزاولة هذه المهنة التي تعتبر خدمية أكثر منها اقتصادية ليكون المواطن تحت رحمة احتكار عدة شركات لا يتجاوز عددها ثلاث شركات فقط على مستوى سورية.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات