قال تقرير أعده صندوق الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" أن الأطفال في سوريا "يدفعون ثمناً باهظاً" لفشل العالم في وضع حد للحرب الأهلية الدائرة هناك منذ أكثر من أربع سنوات، موضحاً أنه في سوريا وفي البلدان المجاورة "صار الأطفال هم المعيلون الرئيسيون" لأسرهم، وهناك أطفال يعملون لا تتجاوز أعمارهم ست سنوات.

ويسلط التقرير الضوء على محنة الأطفال العاملين وتأثيراتها والاستراتيجيات الخاصة بمعالجة هذه الظاهرة. وتقترح اليونيسيف في تقريرها مجموعة من التوصيات على الجهات المعنية بغية التقليل من عمالة الأطفال بين السوريين، ومساعدتهم على "استعادة طفولتهم".

وأورد التقرير أنه "قبل الانزلاق الكارثي إلى الصراع المسلح، كانت سوريا دولة ذات دخل متوسط قادرة على توفير العيش الكريم لمعظم شعبها. كان الأطفال كلهم تقريباً يذهبون إلى المدرسة، وكانت معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة تفوق الـ90 في المئة. لكن بعد أربع سنوات ونصف السنة على بدء الأزمة، صار أربعة من أصل كل خمسة سوريين يعيشون في الفقر، وبلغ عدد المشردين 7.6 مليون نازح بحلول نهاية عام 2014، وتضاعف معدل البطالة أربع مرات تقريباً لتصل النسبة الى 57.7 في المئة".

وجاء في التقرير أيضاً أن البلدان المجاورة "تعاني أيضاً تداعيات ما أصبح أزمة إقليمية، تكافح للتعامل مع تدفق أربعة ملايين لاجئ، نصفهم تقريبا من الأطفال".

وأضاف أن "الأطفال في داخل سوريا، يتعرضون لعنف متصاعد وهجمات العشوائية، فضلاً عن الصدمات النفسية"، مشيراً إلى أن "بعضهم اضطر إلى حمل السلاح" بعدما "فقد الكثيرون أحباءهم أو اضطروا الى الفرار من ديارهم ومجتمعاتهم المحلية، وأحيانا مرات عديدة". وأكد أن "الأطفال في سوريا يدفعون ثمناً باهظاً لفشل العالم في وضع حد للنزاع".

ولفت الى أن "عمالة الأطفال كانت حقيقة من حقائق الحياة في سوريا قبل الحرب، لكن الأزمة الإنسانية تتفاقم إلى حد إشكالي كبير. ونتيجة لذلك، فإن العديد من الأطفال يشاركون الآن في أنشطة اقتصادية خطرة عقلياً أو جسدياً أو اجتماعيا تحد من- أو تنسف- حقهم الأساسي في التعليم"، موضحاً أن "أكثر أشكاله تطرفاً يتمثل في تجنيد الأطفال من القوات والجماعات المسلحة، أو في الاستغلال الجنسي".

وكرر أن "عمالة الأطفال تشكل انتهاكاً خطيراً لحقوق الطفل". ولاحظ أن "أزمة سوريا خفضت بشكل كبير فرص كسب الرزق وأفقرت الملايين من الأسر في المنطقة"، موضحاً أنه "سواء في سوريا أو في البلدان المجاورة، صار الأطفال في الغالب هم المعيلين الرئيسيين- أو حتى الوحيدين- لأسرهم". وأعطى مثلاً أنه في الأردن، يفيد 47 في المئة من أسر اللاجئين أنهم يعتمدون جزئياً أو كلياً على الدخل الناجم من عمل الطفل.

وصار نحو مليونين و700 ألف طفل سوري خارج المدرسة، مقابل زيادة عدد الأطفال الذين يجبرون على العمل. وأكد أن الظروف الاقتصادية للأسر "صارت أكثر قسوة"، وأن ظروف العمل التي يجد الأطفال أنفسهم فيها "تزداد سوءاً".

وأشارت اليونيسيف إلى أن الأطفال "يبدؤون العمل في سن مبكرة جداً، وغالبا قبل بلوغهم سن 12 سنة. بل إنه في بعض أجزاء لبنان، هناك أطفال يعملون لا تتجاوز أعمارهم ست سنوات"، مضيفاً أن "العمل يضر أجساد الأطفال وكذلك فرصهم في الحياة". وذكر أن "حوالي 75 في المئة من الأطفال العاملين في مخيم الزعتري للاجئين في الأردن يعانون مشاكل صحية، وقرابة 40 في المئة لديهم إصابة أو مرض أو حالة صحية سيئة. كما أن 35.8 في المئة من الأطفال العاملين في البقاع بلبنان غير قادرين على القراءة أو الكتابة".

وشدد على أن عمالة الأطفال تمثل أحد التحديات الرئيسية أمام تحقيق مبادرة "جيل غير ضائع" التي أطلقت عام 2013، بين "اليونيسيف" ومنظمة "إنقاذ الطفولة"، وغيرهما من الشركاء، التي تهدف إلى وضع حماية الأطفال وتعليمهم في صدارة الاستجابة الإنسانية للأزمة السورية.

سيرياديلي نيوز


التعليقات