تناول تقرير الإصلاح القضائي الذي أقرته الحكومة مؤخراً مجموعة من المشكلات التي يواجهها السلك القضائي. وأرجع التقرير تلك المشاكل إلى عدم تناسب الكم الهائل والمتزايد من القضايا مع عدد القضاة والعاملين المساعدين، مقدراً عدد القضاة في سورية بـ1505 وعدد العاملين في السلك القضائي بـ5045. وأوضح التقرير الذي نشرته الوطن أن وزارة العدل تعاني ضعفاً في البنى التحتية سواء لجهة الأماكن أم البنى التقنية والإمكانات المادية، مشيراً إلى أن نسبة الأبنية المؤهلة للمرحلة القادمة هي بناء وزارة العدل القائم على أوتوستراد المزة فقط.. أما نسبة الأبنية القابلة للتأهيل فقدرها التقرير بـ41%، في حين أن الأبنية غير المؤهلة إطلاقاً والتي تحتاج إلى استبدال فتقدر نسبتها بـ59% من مجموع الأبنية القضائية الوطنية. ورأى التقرير ضرورة تأمين أبنية مؤازرة لعدليتي دمشق وريفها، وتأمين الأرض المناسبة لبناء قصر عدلي يليق بالمحافظتين السابقتين، والبدء بالبناء فوراً للحاجة الملحة، لافتاً إلى أنه لابد من استكمال بناء قصور العدل قيد الإنجاز بأقصى سرعة ممكنة، إضافة إلى تأمين حماية قصور العدل، والمجمعات القضائية، والمحاكم، من خلال زيادة القوى الأمنية المدربة مع تزويدها بأفضل التجهيزات للقيام بعملها على أفضل وجه. وعلى صعيد استقلال السلطة القضائية أشار التقرير إلى وجوب استقلاله عن السلطة التشريعية عبر عدم إصدار تشريعات من شأنها سلب جزء من الاختصاص القضائي أو النيل من صلاحياته، ومنح تلك التشريعات إلى جهات قضائية تتولى النظر فيها بصورة مستقلة، معتبراً أنه ليس من حق المشرع أن يحجب حق التقاضي عن أي شخص طبيعي أو اعتباري. واعتبر التقرير أنه لا يحق للسلطة التشريعية إصدار تشريعات، أو أنظمة، أو لوائح تنفيذية من شأنها حماية أشخاص طبيعيين، أو اعتباريين من المساءلة والملاحقة القانونية. وبيّن التقرير عدم جواز إلغاء الأحكام القضائية، أو تعطيل تنفيذها، أو وقف هذا التنفيذ، مشيراً إلى أن إصدار مثل هذه التشريعات يتضمن تدخلاً من جانب السلطة التشريعية في عمل السلطة القضائية، لأن الغاية هو احترام الاختصاص القضائي واحترام الأحكام القضائية. وأضاف التقرير: لا يجوز المساس بحصانة النقل، أو العزل، على اعتبارها أحد أقوى الامتيازات التي تؤكد استقلال القضاء وإقبال القاضي على عمله دون خوف، مشيراً إلى أن حصانة القاضي من العزل أو النقل لا تعني عدم قابلية صرفه من الخدمة، إذ يمكن أن يتم ذلك بقرار من مجلس القضاء الأعلى في الحالات المشينة لمسلكيته. وتابع التقرير: إن الرقابة البرلمانية على الحكومة لا يشمل العمل القضائي، ضارباً مثلاً أنه لا يجوز للبرلمان السؤال عن سبب الحكم في قضية معينة، أو البحث في شكوى مقدمة إلى الهيئة التشريعية بدعوى منظور بها أمام القضاء. واقترح التقرير ضرورة دعم استقلال مجلس القضاء الأعلى عن السلطة التنفيذية، وذلك من خلال ثلاثة مقترحات: أولها أن يكون رئيس مجلس القضاء الأعلى هو رئيس الجمهورية وينوب عنه رئيس محكمة النقض، أو أن يكون رئيس مجلس القضاء الأعلى هو رئيس الجمهورية وينوب عنه نائب يسمى لشؤون القضاء، أو الإبقاء على الوضع الحالي لجهة تشكيلته. واقترح التقرير بقاء مجلس القضاء الأعلى -مرحلياً- كما هو عليه، مع تعزيز دوره وتفعيله في أداء المهمات المسندة إليه، واستقلاله عن السلطة التنفيذية، وغلبة الطابع القضائي عليه، إضافة إلى استقلال أعضائه في طرح ما يريدون بمنتهى الحرية والديمقراطية. وأوضح التقرير أنه ليس للسلطة التنفيذية الحق بالتدخل في ترقية القضاة أو تقييمهم أو ترفيعهم وترك هذا الأمر للسلطة القضائية وحدها، إضافة إلى خضوع القضاء لنظام خاص فيما يتعلق بالمساءلة المسلكية، وذلك بألا يسأل القاضي من الناحية المسلكية إلا أمام هيئة قضائية. واعتبر التقرير أنه لا يجوز إكراه القاضي المسيء المحال إلى مجلس القضاء الأعلى على تقديم الاستقالة، مطالباً بتخييره بين الاستقالة أو متابعة المساءلة المسلكية، وإذا اختار المساءلة فتعتبر الاستقالة باطلة، إضافة إلى أنه لا يجوز وضع القاضي تحت تصرف التفتيش القضائي لعدم دستورية هذا الإجراء، معتبراً أن ذلك من مهام المجلس القضائي الأعلى. ورأى التقرير ضرورة تفعيل إدارة التشريع القضائي عبر تعديل نظامها ورفدها بقضاة من أصحاب الكفاءات العالية، وتفرغ مديرها لهذا العمل، مشيراً إلى أهمية منح قضاتها بعض المزايا التي تخصهم لوجودهم، فتصبح الإدارة مكاناً لتكريم المتميزين، والموثوق بهم. وتابع التقرير: لابد من تعاقد الإدارة السالفة الذكر مع المحامين المتميزين، والقضاة المتقاعدين وأساتذة الجامعات وعدد من المختصين في اللغة العربية والمتخصصين المتقاعدين لدى الجهات العامة المشهود لهم بالعلم، والكفاءة، والسمعة الجيدة. وأشار التقرير إلى ضرورة تفعيل إدارة التفتيش القضائي بتعيين مفتشين مؤهلين وتفرغ مديرها بمرتبة رئيس غرفة في محكمة النقض، على أن يعين بمرسوم، وأن يكون أعضاؤها بدرجة مستشارين، إضافة إلى أنه لابد أن يكون ندبهم إلى هذه الإدارة لفترة محدودة. وأشار التقرير إلى ضرورة تطوير محاكم الصلح والأحداث والسير وبداية الجزاء والجنايات والنقض إضافة إلى تطوير النيابة العامة، ودوائر التحقيق، ودوائر التنفيذ. وتناول التقرير أهمية تزويد المحاكم بكل التجهيزات اللازمة للقيام بعملها «آلات نسخ أجهزة كمبيوتر فاكسات»، مشيراً إلى ضرورة تشكيل لجان دائمة مشتركة مع الجهات المختصة لمتابعة أحوال تلك المباني، وبيان مدى صلاحيتها. وتوزع التقرير على ستة أقسام تفرعت إلى 11 محوراً، وضم القسم الأول الأهداف والرؤى العامة والمبادئ والمنطلقات الأساسية والمشكلات العامة، أما القسم الثاني فضم محاور الإصلاح القضائي، والثالث تطوير الإدارات المرتبطة بعمل القضاء ووزارة العدل، والرابع تطوير الجهات القضائية غير المرتبطة بقانون السلطة القضائية، أما الخامس والسادس فتناولا المحاماة ومقترحات تدعم عملية الإصلاح القضائي   سيريا ديلي نيوز  

التعليقات