د.موسى شتيوي

يُعقد حاليا، في واشنطن العاصمة، المؤتمر السنوي لصندوق النقد والبنك الدوليين، والذي يُشارك فيه عدد كبير من الرسميين، وممثلي المجتمع المدني، ومراكز البحوث من دول العالم كافة.

النمو الاقتصادي العالمي الفعلي للعام 2014، والمتوقع حتى نهايته، جاءا مخيبين للآمال، بحسب تقرير البنك الدولي، وبمعدل 2.5 %. ومن المتوقع أن تكون نسبة النمو للعام المقبل 3.2 %. وبالرغم من التحسن في أداء الاقتصادين الأميركي والبريطاني، إلا أن تباطؤ النمو الاقتصادي في أوروبا واليابان والصين يؤثر سلباً على هذه النسبة، وعلى الاقتصاد العالمي بشكل عام. ويؤكد خبراء البنك الدولي أن الاقتصاد العالمي لم يستطع التخلص من نتائج الأزمة الاقتصادية للعام 2008.

 

إن أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي هي المديونية المرتفعة لأغلب الدول النامية، والبطالة المرتفعة في أغلب دول العالم، وبخاصة في الدول النامية. إذ تصل نسب البطالة الى مستويات غير مسبوقة تتجاوز 25 %، وترتفع أحياناً إلى ضعف هذا الرقم لدى الشباب. وكلا هذين التحديين يشكلان قنابل موقوتة للاقتصادات المحلية.

 

وتبدو النظرة أكثر سوداوية بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ إذ إن نسبة النمو الفعلي للعام 2014 تبلغ 3 %، وهي أقل من المعدل العالمي. وإذا ما استثنينا الدول المصدرة للنفط، فإن نسبة النمو الحقيقية تتراجع إلى أقل من 1 % لمجموع الدول غير النفطية.

والسببان الرئيسان من وجهة نظر البنك الدولي للأداء المتواضع في منطقتنا، هما: أولا، استمرار العنف السياسي في المنطقة بشكل خاص، والحرب في سورية والعراق، والتي تؤثر بشكل أكبر على هاتين الدولتين، لكن آثارها السلبية تمتد للدول المجاورة وعلى رأسها الأردن ومصر ولبنان.

أما السبب الثاني، فيرتبط بشكل خاص بالدول التي تمّر بمرحلة انتقالية، مثل مصر وتونس، والدول التي شهدت إصلاحات سياسية مثل الأردن والمغرب، ويتمثل في الاختلالات في الاقتصاد الكلي؛ كالعجز في الموازنة؛ إذ يذهب أكبر جزء من الإنفاق العام على السلع المدعومة ولاسيما الطاقة، وعلى الرواتب التي تدفع للموظفين والمتقاعدين في القطاع العام.

وبالرغم من إدراك هذه المؤسسات الاقتصادية وتحليلها للآثار السلبية للعنف السياسي والصراع الداخلي في سورية والعراق تحديداً، والأثر الكبير الذي خلفته الأزمة السورية على الأردن ولبنان من ناحية كلفة اللاجئين السوريين على البلدين، وما أدت اليه الحرب من تقطع طرق التجارة، وبخاصة كون سورية شكلت منطقة "ترانزيت" للأردن وسورية على حد سواء، إضافة الى الأجواء السياسية العامة في المنطقة التي تؤثر سلباً على الاستثمار والسياحة، إلا أن البنك الدولي يعتقد أن العلاج هو بإلغاء الدعم عن السلع النفطية والتموينية التي تدعمها الحكومات من وجهة نظره

قد يكون قرار إلغاء الدعم من الناحية الاقتصادية له ما يبرره، إلا أنه من الناحية السياسية، ربما لا يكون حكيماً. إذ تدل المؤشرات على أنه لا تغير يذكر لا في الظروف الإقليمية ولا المحلية، فسيسهم ذلك في غلاء المعيشة، وزيادة الضغط الاقتصادي لدى غالبية المواطنين

سيرياديلي نيوز


التعليقات