سيريا ديلي نيوز - يونس أحمد الناصر

 سايكس بيكو انتهى تاريخيا بعد مرور قرن من الزمن على تلك الجريمة التاريخية بحق العرب و هو الذي قسم شرقنا العربي إلى دول متعددة تحت الانتداب الغربي و قد نالت دولنا استقلالا عن أنظمة الانتداب بتضحيات أجدادنا إلا أن الجريمة الأكبر التي كانت من مفاعيل سايكس بيكو و لا زالت جرحا نازفا في الجسد العربي هي اغتصاب فلسطين و منح أرضها للعصابات الصهيونية و تشريد أهلها العرب في دول الشتات و لا زال الشعب الفلسطيني إلى اليوم يعاني آثار تلك الجريمة. و لا زال العرب أيضا إلى اليوم يعانون من هذا الكيان السرطاني الذي زرعه الاستعمار في خاصرة العرب ليبقى الجسد العربي مريضا و منهكا و ليكون هذا الكيان أداة للعربدة على كل بلد عربي يسعى للتحرر من قيود المستعمر الخبيث من العدوان الثلاثي على مصر إلى حروب هذا الكيان مع الدول العربية لاحقا مما جعل دول جوار فلسطين المحتلة تتحمل أعباء لجوء الفلسطينيين إليها و أعباء المواجهة مع هذا الكيان الغاصب الذي وضع حدوده من النيل إلى الفرات.
و بقراءة تاريخية لتلك الفترة و أعني اتفاقية سايكس بيكو و تقاسم النفوذ فالانتداب البريطاني على فلسطين كان نظام السلطة على فلسطين والأردن لما يزيد عن عقدين ونصف ابتداءا من 1920 وبالحدود التي قررتها بريطانيا وفرنسا بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية إثر الحرب العالمية الأولى وبموجب معاهدة سيفر. في 11 سبتمبر 1922 أقرت عصبة الأمم الانتداب بشكل رسمي على أساس وعد بلفور و غطت منطقة الانتداب ما يعرف اليوم فلسطين التاريخية , و البريطانيين وفوا بوعدهم للعصابات الصهيونية بتسليمهم أرض فلسطين العربية و مواقع القوات البريطانية في فلسطين تحت الانتداب و دعمهم بالأسلحة للعدوان على العرب الفلسطينيين , فاعتمد اليهود من ناحية عسكرية على عصابة "الهاجناه" التي كانت ميليشيا شبه سرية تعاونت مع السلطات البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية في العدوان على العرب و في تلك الفترة نشطت أيضا منظمات يهودية أكثر تطرفا مثل "إرجون" ومجموعة شتيرن (ليحي) التي قامت بعمليات إرهابية وشنت حملة عنيفة ضد الأهداف العربية.
 كل ذلك بات معروفا و لكن ما أريد قوله اليوم و في العدوان الجديد على شرقنا العربي هو كيان جديد مشابه للكيان الصهيوني يتم التأسيس له في شمال العراق هو الدولة الكردية و بظروف مشابهة تماما لما حدث تاريخيا في اغتصاب فلسطين فتحت عناوين المظلومية للشعب الكردي سعت الدول الاستعمارية مجددا لمنح اقليم كردستان حكما ذاتيا و استقلالا كاملا قد يكون قريبا جدا إذا كانت الظروف مؤاتية لذلك , فالكيان الصهيوني تم تبريره تاريخيا بالمحرقة النازية و العداء للسامية و التي تبين إنها كذبة تاريخية مبالغ فيها جدا لتمرير جريمتهم التاريخية باغتصاب فلسطين و تشريد أهلها تأتي اليوم مسألة الأكراد ومظلوميتهم التاريخية و جرائم صدام حسين ضدهم كمبرر لقيام الكيان الكردي لتهديد دول الجوار في كل من العراق و سورية و تركيا و إيران و بنفس الآلية التاريخية التي قام فيها الكيان الصهيوني يتم اليوم التأسيس لقيام الكيان الكردي مع اختلاف المسميات فالأمريكيون اليوم كالبريطانيون سابقا ساعدوا الأكراد لتأسيس كيانهم بعنوان فدرالية العراق و دعمتهم بالمال و السلاح لتأسيس جيش كردي/ البشمركة / مماثل لعصابات الهاكانا الصهيونية و تقسيم جديد لشرقنا العربي مماثل لتقسيم سورية الطبيعية تاريخيا ومع إدراكنا بأن الظروف التاريخية اليوم مختلفة , فالقوى الوطنية اليوم عبر محور الممانعة أكثر وعيا و قوة ،  و لا أظن بأن ما يخطط له المستعمرون الجدد غائب عن مراكز القرار من دمشق إلى طهران و لكن المطلوب هو وعيا شعبيا لهذا المخطط الشرير تمهيدا لإسقاطه.


 

هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة أن يعبر عن رائي الموقع

 

syriadailynews


التعليقات