انطلق تجار الخدمات والسلع على اختلافهم بزيادة كيفية في أسعارهم، وسط أجواء مواتية عززها الغياب التام لسلطات التسعير المعنية وذلك منذ الخميس الماضي، وعقب القرار الحكومي بزيادة أسعار المازوت من 35 إلى 60 ل.س.

وولج المواطنون ساعة إعلان القرار حلقة جديدة من الاستغلال والجشع الذي يطولهم، وتحديداً ساعة انتقالهم عبر وسائل النقل العامة التي ما أن تناهى إلى مسامعها قرار رفع المازوت، حتى بدأ أصحابها وضع التعرفة التي توائم كلاً منهم، وما المانع ما دامت المؤسسات الحكومية المعنية تقبع في مكاتبها بانتظار انعقاد الاجتماعات ذات العلاقة، خلال أيام قادمة قد لا تفيد كثيراً نظرا لصعوبة عودة أصحاب الفعاليات ولو "قيد قرش" عن ما رأوه مناسباً لهم من تعرفة.

وفي باصات النقل العام، سارع السائقون ومن خلقهم أصحاب الشركات إلى وضع تسعيرة متجددة وبالخط العريض في مقدمة سياراتهم تشير إلى أن أجرة الراكب 25 ليرة سورية لأي مسافة، وذلك على الرغم من أنهم كانوا يتقاضون لأشهر وبشكل زائد عن التسعيرة ما مقداره 15 ليرة يتم تبريرها بشراء ليتر المازوت بأكثر من قيمته السابقة 35 ليرة، ما يشرعن لهم -ذاتياً- رفع التعرفة لـ25 ليرة توازيا مع ارتفاع المازوت رسمياً إلى 60.

وتبعاً للعقل الجشع، فثمة خطأ حسابي بات ظاهرة عامة يتم من خلالها رفع سعر المواد الاستهلاكية والخدمات، على أساس رقم مطلق يوازي الارتفاع الذي يطرأ على أحد مكوناتها، ولعل المازوت بطبيعته وسعة تأثيره يشكل نموذجاً لذلك، فترى صاحب السرفيس أو الباص أو التاجر يهرع سريعا لرفع سعر خدمته أو سلعته بقدر يوازي تقريباً الارتفاع آنف الذكر، وكأن الراكب يستهلك لتر المازوت كاملاً على شكل شراب وليس لنقله مع عشرات آخرين يركبون الباص نفسه.

وكذا الأمر بالنسبة للخضار والفواكه التي شهدت خلال اليومين الفائتين ارتفاعات بحدود 40- 50% وسط تخلخل واضح في الأسعار، تارة له ما يبرره حين نتحدث عن اختلال سعر الصرف، وما يستدعيه من تنشيط للتهريب إلى دول الجوار، وتارة أخرى لا يمكن تبريره حين تزداد الأسعار إلى مستويات تزيد بأضعاف عن الزيادة في أسعار المازوت.

ويتحضر المستهلكون لزيادات متوالية في أسعار السلع والخدمات ظهر بعضها، كما في أسعار المنظفات وبعض المواد الأساسية كالسكر، بينما ينتظرون مصير البقية الباقية وخاصة الخضار والفواكه، التي غالباً ما تشكل مساحة رحبة يستطيع التجار التلطي خلف مشاكل النقل التي لا يمكن الوقوف على مدى صدقها، وها هم يحصلون اليوم على سبب جديدة لرفع أسعارهم التي لا يمكن للمستهلك معرفة دقتها من جشعها.

"الله يكون بعونكم".. لربما كانت هذه العبارة أكثر العبارات التي سمعها الركاب من سائقي الحافلات والميكروباصات الجمعة، وذلك فور دخولهم الحافلة ودفع مبلغ 25 ليرة سورية للتذكرة الواحدة دون تلقي أي باقي.

أحدهم مع زوجته وولديه صعد إلى باص "جوبر -مزة أوتستراد"، أخرج من جيبه 100 ليرة ثمناً لأربعة تذاكر لأسرته، معتقداً أن السائق يمازحه عندما قال له: "الأجرة 25 ليرة "على كل رأس"، وما كان منه إلا أن انضم لجمهور الركاب المصفوعين بهذا الرفع المباشر والكيفي لتعرفة الركوب بحجة رفع سعر المازوت.

الملاحظ في الأمر أن التعرفة التي كان تتقاضاها وسائل النقل خلال الأشهر الماضية، بعد رفع سعر المازوت من 25 إلى 35 ليرة لليتر الواحد داخل مدينة دمشق وهي 15 ليرة، كانت بحجة أن وسائل النقل تحصل على ليتر المازوت بأسعار عالية ومتفاوتة تتراوح بين 70 - 90 ليرة سورية.

وفي السياق، شهدت شوارع دمشق الجمعة حركة سير نشطة جداً وعلى غير العادة قياساً بحركة السير المنخفضة، نسبياً والتي تشهدها المدينة هذا اليوم من كل أسبوع خلال الفترة الماضية.

التعليقات