أكد تجار في دمشق أن تثبيت السعر الرسمي لا يعكس واقع السوق، في حين يبدو هبوط الليرة السورية الحالي الأكبر من ناحية القيمة اليومية منذ أن أعاد مصرف سوريا المركزي إصدار نشراته وأشاروا إلى تأثر هذا الانخفاض بالتوترات الجيوسياسية والأمنية المتصاعدة في المنطقة التي تزيد الضغط على الليرة وسط غياب أدوات تدخل فاعلة لدى السلطات النقدية.
وقال رجل الأعمال السوري وعضو غرفة تجارة دمشق محمد حلاق، "لا توجد أية ظواهر أو أسباب اقتصادية جوهرية تدفع الدولار إلى الارتفاع مقابل العملة المحلية"، مرجعاً ذلك إلى أسباب نفسية وسياسية وأمنية، فضلاً عن الرغبة المستمرة لدى السوريين في الاكتناز (تخزين العملات الأجنبية)، وهذا ليس جديداً ويعود لأعوام طويلة خلت، اعتاد خلالها السوريون على ادخار أموالهم بعيداً من الجهاز المصرفي المحلي".
في الوقت نفسه قلل حلاق من تأثير موسم الحج ودوره في زيادة الطلب على الدولار، بالتالي ارتفاعه، قائلاً "بفضل لجوء الناس إلى الحفاظ على مدخراتهم بالدولار، فإن من سيؤدي فريضة الحج ستكون لديه العملة الأجنبية أو الدولار الأميركي، كذلك من يرغب في شراء سيارة أو يستورد سلعاً فلديه مدخراته". وأشار إلى أن السوريين تعلموا الدرس منذ وقت طويل وأصبح سلوكهم الادخاري جله بالدولار والذهب، موضحاً أن "كلها مخبأة تحت البلاطة"، مؤكداً أنه حتى خلال عهد فرع الخطيب الشهير (أحد أفرع الأمن التي كان يستدعى إليها المتهمون بالتعامل والمتاجرة بالدولار في عهد النظام السابق وفقاً لقانون تجريم التعامل بالدولار)، كان الاقتصاد السوري "مدولر" (التركيز على التعامل بالدولار بعيداً من العملة المحلية للبلاد) وكل شيء يسعر ويدفع بالدولار بصورة غير علنية.
وأكد حلاق أن "استمرار المركزي في سياسة تقييد الكاش وحبس السيولة، ليس في مصلحة سعر الصرف ولا في مصلحة الاقتصاد"، قائلاً "حان الوقت للتفكير من خارج الصندوق واللجوء إلى سياسات داعمة للعمل والإنتاج وليست مقيدة له"، لافتاً إلى تأثير الاستيراد الكبير في سعر الصرف، إذ بلغت واردات سوريا منذ سقوط النظام وحتى نهاية أبريل (نيسان) الماضي نحو 8 مليارات دولار مقابل صادرات لا تتعدى الـ200 مليون دولار"، وأضاف أن "تلك القيمة ليست كبيرة، إذا ما قورنت بواردات سوريا قبل الحرب". وأردف أنه "إذا أخذنا عامل التضخم في الاعتبار فإن قيمة واردات سوريا يجب أن تكون حالياً 60 مليار دولار"، واصفاً القيمة بـ"الطبيعية"، وأوضح "لولا أن التصريف سيئ وقدرة الناس على الإنفاق أقل من الحدود الدنيا لكانت هذه القيمة هي الواقع الفعلي". ولفت إلى أن "الاستيراد سيتوسع بصورة كبيرة في المستقبل، خصوصاً عندما تبدأ عملية الإعمار ودخول الاستثمارات وتنفيذ المشاريع"، قائلاً "حينها سنتحدث عن أسعار صرف الليرة، فالأمر سيكون مختلفاً تماماً".
سيريا ديلي نيوز
2025-05-10 16:37:01