قدر الخبير الاقتصادي الدكتورعمار يوسف أموال السوريين المجمدة سواء كنقود أو ذهب في البيوت بأكثر من 200 مليار دولار , وقال أخشى أنها من مرتبة النصف مليار تريليون ليرة اذا ما أضفنا إليها العقارات , مشيراً إلى أنّ 90 % من الأموال التي كان من المفترض أن تستقطبها المصارف دون خوف أصبحت خارج المصارف , ولولا تقييد الحوالات و الكاش لكنا نتحدث عن واقع أسوأ ..
و أضاف : لو قُدر لهذه الأموال المخبأة أن تجد من يحسن إخراجها وضخها في الاستثمار والانتاج عبر جهاز مصرفي قوي وضامن وعبر مناخ استثماري آمن وسلسل .. فإنها ستساهم في تحسين معيشة السوريين بشكل مؤثر ومستدام , فذلك أفضل من انتظار زيادة الرواتب , ولعل هذا ما حاول رئيس الحكومة قوله عبر تركيزه على التوجه الى الاستثمار والتنمية
ومع ذلك أخشى ما أخشاه أن تنزلق الحكومة " مُجبرة " مرّة أخرى الى سياسة الجباية وحتى إن لم ترغب في ذلك في حال لم يتم اتخاذ قرارات اقتصادية و نقدية تاريخية بكل ماتحمله الكلمة من معنى
مؤكداً : إن لم يتم اتخاذ قرارات كبرى فنحن نواجه بقاء أموال السورين في بيوتهم وعقاراتهم والتي ستتآكل مع الزمن بلا أي فائدة اقتصادية حقيقية
وقال في رده على سؤال لسيرياستيبس : لقد تحولت المصارف السورية الى مصارف عمولات بينما كان يجب أن تكون طرفا أساسا وقوياً في عملية استثمارية تعود بالفوائد الكبيرة على الجميع , وحكما ستكون ايراداتها افضل من العمولات التي حولت العلاقة بين المواطن ومصرفه الى حالة من الكره والعدائية للأسف , على أنّ الهدف الاستراتيجي من التحول الى سياسة الانتاج هو أنّ إيرادات الخزينة ستتحسن فعلاً .
مشيراً إلى أنّ لجوء المواطنين إلى بيوتهم لحفظ أموالهم وذهبهم أو تجميدها في عقارات جاء نتيجة فشل السياسات الاقتصادية والنقدية معاً
من هنا يرى الدكتور يوسف أنّه لاخلاص للبلاد إلا بقيادة عملية انتاجية واسعة الأطياف والأشكال وهذا لن يتم إلا من خلال التخلي عن السياسات النقدية الحالية وإن تمّ تجميلها بتثبيت سعر الصرف , والغمز من باب راتب الموظف الذي تم محييه عملياً وبالكالد يكفي ليومين
موضحاً : ليس تثبيت سعر الصرف ما يهمنا , ما يهمنها أن لاتقفز الاسعار بشكل يضمحل معها النقد بطريقة غير مطمئنه وتستدعي التحرك فوراً نحواالمعالجات الحقيقية " أصلا " لقد تأخرنا كثيرا بينما ينمحي الراتب حرفيا يوما بعد يوم
وأضاف : علين اتغيير من السياسة النقدية الحالية التي تقوم على التقييد , كما علينا التخلص نهائيا من فكر الجباية و اللجوء الى الحلول الكاملة . حيث يجب أولا إعطاء الأمن والأمان للأموال السورية لتعود إلى المصارف , وهذا يحتاج الى قرارات شجاعة يُحيكها ويضعها مفكرون كبار , ومن ثم فتح المجال للإقراض الذي يستهدف الإنتاج والاستثمار الفعلي وليس حصره بقطاعات غير منتجة كما يجري حالياً , مشيراً الى أسوأ قرار تم اتخاذه حتى الان كان قرار "حكومة خميس " في آخر أيامها عندما أوقفت الاقراض الاستثماري الأمر الذي حوّل المصارف الى مصارف عمولات ؟
ودعا يوسف الى عدم هدر المزيد من الوقت بعدم تبني الحلول الكبيرة , طالما أنّ فرص تحسين المعيشة وزيادة الرواتب لن تكون على قدر الطموح وفقا لما قالته الحكومة بوضوح شديد علما أنها محقة بذلك ضمن الظروف الحالية
وقال لنعترف أنّ تثبيت سعر الصرف بالطريقة المتبعة حاليا لم يحقق أهدافه , فكلنا لاحظ أنّ هناك تنافر حقيقي بين سعر الصرف وطريقة تثبيته وبين انطلاقة الانتاج , كل ذلك في ظل عدم وجود رؤية لموضوع حوامل الطاقة والنقل
يوسف أكد في حديثه ضرورة العمل على خلق الأمل عند المواطن , إن لم يكن بزيادة الرواتب , فمن خلال إيجاد الفرص الحقيقية لتحسين المعيشة عبرالدفع نحو المشاريع الانتاجية في بيئة محررة من القيود وتأمين حوامل الطاقة وحل مشكلة النقل وتخفيف سطوة الجهات الرقابية المعنية وغير المعنية
يوسف ختم حديثه بالقول .. كل حكومات الأزمة كانت مقصرة بل وتسببت في انحدار اقتصادي ومعيشي .. رمت الوعود الكبيرة وتركت لنا الواقع المرير .. ولو كانت هناك مسائلة وحساب على الوعود والكلام لما وصلنا في هذا الواقع من التردي على كافة المستويات
سيريا ديلي نيوز
2024-10-26 11:16:49