بعيداً عن تكاليف الزواج  من مصاغ وامتلاك منزل والتي كانت من أولويات الشاب المُقدم على الزواج خلال سنين مضت، ليحلّ محلها القدرة على فرش منزل “بالإيجار” والذي هو الآخر بات ضرباً من ضروب الخيال رغم عودة الغالبية العظمى من الورش للعمل خلال السنوات الأخيرة، إلّا أن الأرقام المطروحة لسعر الأثاث وتجاوز كلفة فرش منزل في بعض المناطق “المليار” ليرة – برأي الحرفيين – وجّه عيون الشباب أو حتى الراغبين بتبديل أثاث منزلهم المهترئ إلى سوق المستعمل “الفافوش” و التي لم يعد خافياً على أحد استخدام القائمين عليها خشبا أقرب إلى الإسفنج في الكثير من الأحيان.
حسب السوق
ولم يُخف أصحاب الورش ممن ما زالوا محافظين نوعاً مع على جودة التصنيع عدم قدرة النجارين اليوم على تصنيع الأثاث كما كانوا عليه قبل الحرب، خاصّة وأن أسعار مستلزمات هذه الحرفة تزداد مع كل عام 200% عن العام السابق، فمن وجهة نظر ماهر المخول (صاحب إحدى الورش في منطقة عربين) أن القدرة الشرائية لأكثر من 90% من المواطنين اليوم لا تسمح لهم بشراء أثاث يتجاوز سعره اليوم عشرات الملايين ومن الجودة المتوسطة، في حين كان فرش منزل من أجود أنواع الخشب لا يتجاوز الخمسمائة ألف ليرة قبيل سنوات الحرب، لافتاً إلى أن أثاث غرف الصالونات الصغيرة يبدأ من العشرين مليون بجودة متوسطة أما غرف النوم فتبدأ من الأربعين مليونا كحد أدنى، أما الأثاث الذي يملأ صفحات التواصل الاجتماعي فلا يتعدى”تجميع خشب فارغ”، واصفاً أصحاب هذه المعارض ببائعي أثاث من وهم لن يصمد في منزل الشاري أكثر من أشهر قليلة.
ولم يُلقِ المخول اللوم الأكبر على أصحاب الورش “الستوك” لا سيّما وأنهم يمشون حسب رغبة وإمكانيات السوق، فمع هجرة الكثير من اليد الخبيرة وتعدّي “الشقّيعة” على هذه الحرفة وصعوبات نقص المواد الأولية وارتفاع سعرها في حال توفرت توّجه الناس للشراء من المعارض الخفيفة خاصّة مع لجوء أصحابها لتقديم هدايا من أثاث أيضاً في حال شراء غرفة نوم أو أي نوع من المفروشات مع العلم أن نسبة ربح القائمين على هذه المعارض تتجاوز الـ 70% عند بيعهم أي غرفة والهدية المقدمة ليست سوى “طُعم” للزبونات.
رواج المستعمل
ولم تختلف نجارة الموبيليا عن باقي المهن والورش التي وجدت بمازوت السوق السوداء ضالتها نتيجة الانقطاع المستمر للكهرباء وما ينجم عنه من تأخير تسليم الطلبيات النادرة أساساً لتكون محروقات السوق السوداء الحل مع رفع سعر الأثاث لتجنب وقوعهم بالخسارة لاسيّما وأن الغالبية العظمى من أصحاب الورش يبحثون عن الزبون “بالسراج والفتيلة”، فبعد أن كانت نسبة المبيع في هذه المعارض والورش تتجاوز الخمسين بالمئة قبيل سنوات الحرب – بحسب أصحاب الورش – باتت اليوم لا تتجاوز الخمسة بالمئة الأمر الذي يدفع الكثيرين لقلب المحال والورش إلى سوبر ماركت أو ورش لتنجيد الأثاث القديم والذي راج سوقه خلال السنوات الأخيرة مع ضيق الوضع المعيشي وصعوبة شراء أثاث جديد واعتماد المقبلين على الزواج على شراء القديم المُباع غالبيته عبر صفحات التواصل الاجتماعي بداعي السفر أو لأسباب أخرى كإضرار الكثيرين على بيع بعض أثاث منزلهم لتأمين مورد مادي في أوقات “الزنقات الاقتصادية”، إذ  دفع الوضع الاقتصادي المتردي خلال الأعوام الماضية بالكثير من العائلات لبيع أثاث المنزل لتغطية نفقات أخرى.
ركود الموسم
ولم يُخف مصدر في جمعية الحرفيين ورود شكاوى كثيرة للجمعية عن رداءة نجارة الغالبية العظمى من الورش وغش المعارض بالمفروشات المطروحة للبيع وتعرّض المستهلكين للنصب بمبالغ وصلت لعشرات الملايين، حيث يجري الاتفاق مع الحرفي على نوع من الخشب الجيد ليقوم بغشهم بخشب مخالف، لافتاً إلى ارتفاع سعر المتر المكعب الواحد من خشب السويد إلى أكثر من 15  مليون ليرة، كذلك ارتفع سعر المتر من خشب الزان إلى 12 مليون ليرة، وهذه الأرقام قابلة للزيادة أكثر كون الغالبية العظمى من الحرفيين لا يلتزمون بها بحجة “ما بتوفي “معهم”، الأمر الذي يجعل الحرفي يلجأ للاحتيال والاستعاضة بأخشاب أقل جودة من التي يرغب بها الزبون.
ومع ذلك، وصل سعر أرخص غرفة نوم مكونة من تخت وخزانة وبيرو إلى حدود 10 ملايين من الخشب التجاري نوع “إم دي إف”، والسيئ جداً، وأوضح المصدر أن سبب ارتفاع سعر الأخشاب هو قلة الكميات المستوردة بالتالي عدم القدرة على تغطية حاجة السوق المحلية، وقيام أصحاب الورش بالتحكم بالأسعار ووضع كل حرفي سعرا مختلفا عن الآخر، لذا من الضروري ضبط أسعار المواد المستوردة لهذه الصناعة مع أهمية رفع الجمارك عن المواد الداخلة بهذه الصناعة، لافتاً إلى أن فصل الصيف يعتبر موسما بالنسبة لهذه الورش إلّا أن حالة الركود سيطرت على هذا الموسم.
وفي محاولاتنا الكثيرة للتواصل مع مدير البيت التجاري في اتحاد الحرفيين لمعرفة عدد الضبوط والشكاوى الواردة إلى الجمعية وكيفية التعامل معها من قبلهم، لم نلق أي رد أو تجاوب من المدير المعني بحجة الانشغال الدائم!!

 

سيريا ديلي نيوز


التعليقات