ضمن سياق رفع مستوى التنسيق والتعاون بين دمشق وبغداد، وقّع وزيرا داخلية البلدين، في العاصمة العراقية، اتفاقية أمنية، وُصفت بأنها “عالية المستوى”، تتضمّن خمسة محاور لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وجرائم الحدود والتهريب والإتجار بالبشر والأمن السيبراني والجريمة المنظّمة وتسليم المطلوبين وغسيل الأموال.
وفي أعقاب توقيع الاتفاق، الذي يشمل تبادل الخبرات الأمنية بين البلدين، أعلن وزير الداخلية العراقي، عبد الأمير الشمري، في مؤتمر صحافي، أن بلاده ستستضيف عدداً من طلاب الكليات والمراكز الشرطية في سورية، في كلية الشرطة والمعهد العالي للتطوير الأمني والإداري، في إطار تبادل الخبرات بين البلدين.
وأشاد وزير الداخلية السوري، محمد الرحمون، بدوره، بالتعاون الأمني مع العراق، مشيراً إلى أن التعاون في مجال مكافحة المخدّرات أثمر تفكيك بعض الشبكات، وضبط كميات من المواد المخدّرة.
ولفت إلى أن “العراق حقّق إنجازات كبيرة في القضاء على عصابات داعش”، مستدركاً بأنه “ما زالت هناك بؤر للتنظيم في سورية تنفذ هجمات بين فترة وأخرى، ونحن مصمّمون على القضاء على الإرهاب بشكل كامل”، معلناً أن الجانبين سيعقدان اجتماعاً آخر في بغداد في شهر تموز المقبل لتعاون إقليمي أوسع.
ويأتي توقيع هذه الاتفاقية بعد سلسلة طويلة من اللقاءات الأمنية والعسكرية بين البلدين، الذين تفصلهما حدود يتجاوز طولها الـ600 كيلومتر، بعضها خاضع لسيطرة “قوات سورية الديموقراطية” (قسد) برعاية أميركية.
وتمثّل آخر هذه اللقاءات في ذلك اللقاء الأمني الذي استضافته دمشق في شهر نيسان الماضي، والذي تزامن مع عقد اجتماعات على المستوى القضائي، بمشاركة إيرانية، لتشكيل تحالف ثلاثي لتوثيق ومتابعة الجرائم الإرهابية، وإصدار مذكّرات ادّعاء بحق مرتكبي تلك الجرائم وملاحقتهم، بمن فيهم الضالعون في العدوان الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في دمشق.
وسبق بدء التعاون المشار إليه، إطلاق “المبادرة العربية” للحل في سورية في شهر أيار من العام الماضي، حيث تضمّنت بنداً واضحاً حول التعاون الأمني وتفكيك شبكات تصنيع وتهريب المخدّرات، ليأتي الاتفاق الذي تمّ توقيعه في بغداد ويتوّج هذه الجهود، ويعطيها دفعاً كبيراً.
على أن التوقيع الأخير تزامن مع تأجيل موعد عقد الاجتماع الثاني لـ “لجنة الاتصال العربية” لمتابعة تنفيذ بنود “المبادرة العربية”، والذي كان من المفترض أن تستضيفه بغداد خلال الشهر الحالي، قبل أن يُرجَأ إلى أجل لم يتم تحديده بعد، بسبب “تضارب المواعيد مع التحضيرات للقمة العربية التي تستضيفها العاصمة البحرينية المنامة في السادس عشر من الشهر الحالي”، حسبما ذكر القائم بأعمال السفارة العراقية في سورية، ياسين الحجيمي، في تصريحات سابقة.
في سياق آخر، رحّبت الأمم المتحدة بقرار سورية تمديد الرخصة السيادية المقدّمة إلى المنظمة، والتي تسمح بإدخال المساعدات الإنسانية من تركيا إلى الشمال السوري (عبر الحدود)، عبر معبري باب السلامة والراعي لثلاثة أشهر إضافية تنتهي في الثالث عشر من شهر آب المقبل، في الوقت الذي يستمر فيه إدخال المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى حتى الثالث عشر من شهر تموز المقبل، على أن يتم تقييم الأوضاع حينها واتخاذ القرارات المناسبة.
ويأتي قرار التمديد في سياق محاولات دمشق مواجهة سعي واشنطن لتسييس الملف الإنساني، وفرض قرارات تهدف إلى إجهاض جهود روسيّة سابقة تربط بين إدخال المساعدات وعمليات إعادة الإعمار (مشاريع التعافي المبكر)، بما يفتح الباب أمام عودة النازحين واللاجئين، ويخفّف بالتالي الضغط المُلقى على عاتق المنظمات الأممية، التي تعاني أصلاً نقصاً شديداً ومتواصلاً في حجم تمويل مشاريعها بسبب انشغال الجهات المانحة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بتقديم الدعم لأوكرانيا لمواجهة روسيا، وإسرائيل في حرب الإبادة التي تشنها ضد الفلسطينيين في غزة.
وفي هذا الإطار، كانت الأمم المتحدة أطلقت مناشدات عديدة لجمع ما يزيد قليلاً على 4 مليارات دولار لمساعدة أكثر من 10 ملايين شخص في جميع أنحاء سورية، مشيرة إلى أن قدرتها على الاستجابة لا تزال مقيّدة بسبب التخفيضات في التمويل، إذ لم تحصل حتى الآن سوى على 6% من التمويل المطلوب والذي يبلغ قرابة 224 مليون دولار.
كذلك، حذّرت “المفوّضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين” من النقص الحاد في تمويل عملياتها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما دفعها إلى تقليص نفقاتها في أربعة بلدان، هي : الأردن وسورية ولبنان واليمن.
وقالت المفوّضية، في تقرير لها، إنها تلقّت 11% فقط من المتطلبات المالية لعملياتها، موضحة أنها، وحتى نهاية نيسان، تلقّت 256.4 مليوناً من أصل 2.341 مليار دولار مطلوبة.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات