كثرت في الآونة الأخيرة منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي من أشخاص يطلبون فرصة تدريب وعمل في الصيدليات، وهم ليسوا مجازين من كلية الصيدلة، أي أنهم متسلّقون على المهنة أو “متصيدلون”.
وكشف بعض الصيادلة لشبكة “داما بوست”، عن بعض المواقف التي حدثت معهم بخصوص “المتصيدلين”، إذ ذكرت الصيدلانية سمر أن إحدى “المتصيدلات” في مدينة دمشق أعطت مريضة دواء كورتيزونياً لعلاج “الكريب”، ولم تخبرها بضرورة إيقافه بعد 5 أيام، لتتدهور حالة المريضة، وتراجع عدة أطباء دون معرفة السبب، حتى يتبين في النهاية أنها تعاني من ضمور كظر بسبب استخدام الكورتيزون لفترة طويلة.
وأشار الصيدلاني محمد إلى أن جاره “لحام” يعمل في صيدلية مجاورة له، وبعد ضبطه من قبل اللجنة تم تغريمه بغرامة مالية فقط دون أي إجراء آخر، لافتاً إلى أن هذه العقوبة غير رادعة وستشجع المتصيدلين على أن يتوسعوا أكثر “لأن الدية أصبحت معروفة”.
وتحدثت الصيدلانية مايا عن قدوم أم إلى صيدليتها لتسألها عن دواء تأخذه ابنتها، ليتبين أن الدواء مضاد حيوي وصفه “متصيدل” في ريف طرطوس، وحالة الطفلة فيروسية لا تستدعي أخذ الدواء، مع الإشارة إلى أن عمر الطفلة لا يتجاوز الـ5 سنوات.
وأفادت الصيدلانية منال أن جارها “المتصيدل” في مدينة دمشق، أعطى لمريضة دواء “جينكوميت” المنشط للذاكرة بدلاً من دواء “غلوكوفير” المستخدم في علاج فقر الدم، لتراجعه المريضة بعد ملاحظتها اختلاف الدواء فيجيبها “الدواء ينشط الذاكرة وهكذا يتنشط الدم!”.
قصة مماثلة حدثت لدى تبديل أحد “المتصيدلين” المغنيزيوم بالزنك، وعند مراجعة المريض له ليسأله عن سبب تبديل الدواء، أجابه “نفس الشي التنين معادن والمحتوى هو المهم!”، حسب ما ذكر الصيدلاني ماهر.
وبجملة هذه المواقف والأخطاء الكارثية، نكتشف أن ما يدفع هؤلاء الأشخاص إلى ممارسة مهنة الصيدلة، هو اعتقادهم بأن المهنة لا تتعدى كونها بيع دواء، دون الالتفات إلى أمر مهم وهو التداخلات الدوائية بين الأدوية الموصوفة، والتي من واجب الصيدلاني أن يلاحظها إذا غابت عن ذهن الطبيب، وأيضاً سؤال المريض عن الأمراض التي يعاني منها للتأكد من أن الأدوية الموصوفة لا تتداخل مع حالته الصحية، بالإضافة إلى إعطاء المريض الملاحظات والنصائح حول كيفية أخذ الدواء، والجرعة الصحيحة، والوقت المناسب.
ولانتشار هذه الظاهرة أصبح لا بد من محاربتها، وتشديد الرقابة لكشف كل من يعمل داخل صيدلية دون أن تكون شهادته من كلية الصيدلة، فبالطبع مَن درس لمدة 5 سنوات في كلية الصيدلة وخضع لاختبارات وتدريبات مكثفة، لا يُقارن ولا يُساوى بـ”متصيدل” تمرّن على حفظ الأسماء التجارية للأدوية، عدا عن أن الموضوع قد يودي بحياة المرضى أو يسبب لهم تداعيات خطيرة.
نقيب الصيادلة بدمشق، د.حسن الديروان الذي أكد عدم تساهل النقابة مع هذا الموضوع، وأنهم كنقابة يسعون لحماية الصيدلاني وليس التستر على المخالفات.
وحول إجراءات النقابة لضبط هذه الظاهرة أوضح ديروان وجود مجلس فرع في النقابة، تتفرع منه لجنة شؤون الصيدليات التي تهتم بكل أمور الصيدليات وتضبط المخالفات، ويتم عبرها تشكيل مندوبي مناطق لتغطية مدينة دمشق، إذ تقسم المدينة إلى 14 وحدة، مثلاً وحدة المزة، وحدة دمر، وحدة الميدان إلخ…، وكل وحدة مسؤول عنها مندوب، حيث يقوم مندوبو المناطق بجولات متكررة بأوقات مختلفة لضبط أي مخالفات في الصيدليات، وكتابة ضبوط تتضمن أسماء المتواجدين بالصيدلية، بالإضافة للتأكد من الشروط المفروض تواجدها بكل صيدلية، ولدى وجود شخص “غير مؤهل” أي ليس صيدلانياً، يُرفع ضبط من النقابة، ويُستدعى الصيدلاني الأساسي ويُحال لمجلس تأديبي، أما إذا وُجد مساعد أو محاسب لا توجد مشكلة، لكن يجب أن يكون الصيدلاني هو المسؤول عن صرف الوصفات الطبية، وإلا يعتبر الأمر مخالفة.
وأضاف النقيب: “إذا تسبب الشخص غير المؤهل بخطأ طبي، يقع الخطأ على صاحب الترخيص أي صاحب الصيدلية الأساسي، فعند وصول الشكوى للنقابة من الطبيب أو المريض أو أي مواطن، تستدعي النقابة الصيدلاني والشخص المتواجد معه، وتتم مخالفتهم وتغريمهم وإحالتهم للمجلس التأديبي، إذ توجد لجان مشتركة بين نقابة الصيادلة ومديرية الصحة، هي لجنة 29\ت ولجنة الرقابة الدوائية، يقومون بجولات دورية أسبوعية على الصيدليات أو بناءً على وجود شكوى”.
وعن شكوى أحد الصيادلة بوجود متصيدل “لحام” يعمل في صيدلية ولدى ضبطه تم تغريمه فقط، أكد ديروان أن الأمر غير مقبول إطلاقاً، وأن الشخص غير المؤهل يجب أن يُحال للقضاء، مشيراً إلى أن هذه الإجراءات تتم عن طريق الوزارة، فالنقابة تُحيل هذا الموضوع للجنة أعلى، ويُحال الشخص المخالف للقضاء، وتصل عقوبته للسجن.
ودعا النقيب الصيادلة الذين يلاحظون مخالفات كهذه إلى التقدم بشكوى في النقابة، كما أبدى استعداده لتلقي الشكوى مباشرةً من قبلنا.
وبخصوص تقديم الشكوى بيّن أنه يمكن تقديمها عبر مديرية الصحة أو النقابة، فيتم أخذ رقم بالديوان لمتابعة الشكوى والتأكد إذا تمت المخالفة، لافتاً إلى أنه يجب إيضاح الوقت الذي ضُبطت فيه المخالفة، لأنه أحياناً ترد شكوى وعند ذهاب اللجنة للصيدلية لا تجد سوى الصيدلاني، أما عند ذكر الوقت بالضبط، تُرسل اللجنة بأوقات متكررة لضبط المخالفة.
وذكر ديروان أن النقابة تسعى إلى توفير فرص العمل للصيادلة لوجود كم كبير، نافياً تستر النقابة على وجود أشخاص غير مؤهلين يعملون في صيدليات.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات