كما أن المسيرة التاريخية للدعم في سورية أثبتت أنه سبب الفساد، وأن المستفيدين الحقيقيين منه ليسوا الفقراء، رؤية عبر من خلالها نائب عميد كلية الاقتصاد بجامعة دمشق للشؤون العلمية الدكتور إبراهيم العَدي عن مخرجات عملية إدارة الدعم خلال الفترات الماضية   والتي برأيه أظهرت برجوازية لم يتنبأ بها “ماركس”، هي برجوازية (الغاز والكاز والمازوت والخبز والخميرة)، وصولاً إلى ورقة اليانصيب أيضاً، وهو ما حول الدعم إلى كذبة وتشويه للقوانين الاقتصادية.
«التجارة الداخلية» تُصرح بأنها تدعم ربطة الخبز التي تبلغ تكلفتها 7000 ليرة، إلا أنه من الأفضل للمواطن اليوم إعطاؤه هذا المبلغ نقداً وهو أمرٌ ليس بالصعب، برأي د. العَدي، فمن استطاع إيصال البطاقة الذكية لكل امرأة ورجل ومُسن في كل مناطق سورية يُمكنه إيصال الدعم ضمنها نقدياً أيضاً، لكونه يُلغي حلقة الفساد، مؤكداً بالوقت ذاته أن الدعم لا يتم عبر السلع، بل يجب توجيهه إلى مستهلِك السلعة وليس للسلعة.
 إلغاء الدعم سيُخفض استهلاكه للنصف، اقتراحٌ قدمه الدكتور العَدي من مبدأ أنه عندما يتم منح الخبز سعراً اقتصادياً سيتحسن رغيف الخبز بالنتيجة، ويُلغي ظاهرة بيعه على “البسطات” أمام الأفران، فالكثير لا يستهلك مخصصاته ما يُعرضها للمُتاجرة والسمسرة أيضاً، كما أن رفع سعر الربطة لـ 400 ليرة عرّض الدولة والمواطن للخسارة مقابل الربح لمصلحة صاحب الفرن.
هنا يلفت الدكتور العَدي لتشرين : إلى أن في سورية ما يُسمى الشمول المالي، أي بإمكان الحكومة فتح حساب باسم كل شخص وإيصال الدعم النقدي إليه بالاعتماد على قاعدة البيانات المشكّلة ضمن البطاقة نفسها،على أن يتم تحديث قاعدة بيانات المستفيدين دورياً، بهذه الطريقة يتم القضاء على كل أشكال التزوير واستخدام أسماء المتوفين أو المسافرين, كما سينتج عن تطبيق هذا الاقتراح توفير تكلفة الفساد والهدر الكبيرة، حيث تبين أن الحكومة رجل أعمال فاشل، بينما مهمتها تقوم على أن تُخطط وتُنفذ وتُعاقب برأي د. العَدي، وعليها القيام بنشاط اقتصادي أو تجاري، لكن اليوم كل نشاط تقوم به يمكن أن يشوبه الفساد، بينما يبقى السوق هو من يُنظم كل شيء برأيه.
الكهرباء تحتاج إلى حلول جماعية كالمياه والاتصالات، في وقت يختلف قطاع الكهرباء عن المواد الغذائية والخبز، برأي د. العَدي، والحل في تنظيم الكهرباء وضمان توفرها دائماً يتم عبر إنتاجها من القطاع الخاص ومن ثم توزيعها بشكل عادل، لكون القطاع العام بات مُستهلكاً دفترياً، وعلينا اتباع الخصخصة على الطريقة الألمانية، أي أن نبيع محطة كهربائية بليرة سورية للقطاع الخاص مُقابل الحفاظ على الأيدي العاملة فيها التي ستتجدد بيولوجياً تلقائياً، كما أنه من غير المنطقي أن يكون لدى الدولة معمل جوارب وآخر للبسكويت، وهذا من صميم عمل القطاع الخاص، فيما يبقى للدولة دورها بالتخطيط والمراقبة والعقاب بالقوة لإحقاق القانون، وفي النظر لما استُهلك بسورية من طاقة شمسية وبطاريات نجد أن هذه المبالغ تكفي لبناء محطات حرارية، وكل سلعة تحمل سعرين تسمح بفتح سوق سوداء لها، في وقت نرى فيه أنه في كل دول العالم يُعامل القطاعان العام والخاص بالشيء نفسه كما يخضعان لقوانين اقتصادية، بينما لدينا الكثير من المصانع توقفت ولا يزال العمال يستوفون مرتباتهم من دون عمل، وهو خلل لوجود جهات تعاني نقصاً في الأيدي العاملة.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات