تعاني معظم الأسر السورية التدني الحاد في القدرة الشرائية جراء التضخم غير المسبوق بأسعار السلع كافة وخاصة الغذائية إثر سلسلة العقوبات الاقتصادية الجائرة على سورية ما حرم المواطن السوري من أدنى مقومات الحياة وجعل الوضع الغذائي للأطفال في حالة من النقص والعوز لأهم العناصر الداعمة للنمو والمناعة.

وكشفت رئيسة دائرة البرامج الداعمة ومديرة برنامج التغذية في وزارة الصحة الدكتورة هلا داوو عن إحصائيات وزارة الصحة حول الوضع الأسري التغذوي في سورية ومؤشرات برنامج التغذية في التقارير الشهرية 2024، حيث بلغ عدد المراجعين 985200 وشملت سوء التغذية الحاد العام بنسبة 1.6 بالمئة، ونقص الوزن بنسبة 4.1 بالمئة، والتقزم 5.9 بالمئة، وزيادة الوزن بنسبة 0.2 بالمئة، وأما الرضاعة الطبيعية من (0-5 أشهر) فهي بنسبة 45.5 بالمئة.

وأوضحت داوود إلى أن إحصائية المسح الوطني للعام smart 2023 ما زالت في مرحلة تحليل البيانات متوقعة صدورها في هذا العام، حيث يتم المسح الوطني كل 3 سنوات على مستوى القطر ويتم الاعتماد على المسوحات من أجل التخطيط ووضع الإستراتيجات.

وأوضحت أن برنامج التغذية معني بتقديم خدمات القياسات الجسمية للأطفال دون عمر السنوات الخمس والأمهات والحوامل ضمن عيادات الترصد التغذوي بغية الوقاية والرصد وتقديم خدمات العلاج لحالات سوء التغذية المكتشفة ضمن عيادات الترصد التغذوي البالغ عددها 985 عيادة حتى العام 2023 ضمن المراكز الصحية في المحافظات، كما تقوم بالكشف المبكر عن حالات سوء التغذية دون الخمس سنوات ومراقبة نموهم وتقديم المواد التغذوية الوقائية بالإضافة إلى تقديم خدمة الاستشارات على شكل خدمات فردية وجماعية وزيارات منزلية وتوعية مجتمعية.

ويشمل البرنامج 166 عيادة معالجة خارجية لحالات سوء التغذية الحاد من دون اختلاطات cmam حتى 2023 موزعة على أغلب المناطق الصحية، وعيادة واحدة لمعالجة سوء التغذية الحاد الشديد مع اختلاطات ضمن المشفى لعام 2023.

وأشارت إلى أن منع ومكافحة نقص المغذيات الدقيقة يشكلان إستراتيجية مهمة سواء في حالات الطوارئ أم في الحالات المستقرة، إذ يدعى عوز المغذيات الدقيقة الجوع الخفي ويعتبر أحد أشكال سوء التغذية وتحدث لدى السكان الذين لا يستطيعون الحصول على الأغذية الغنية بالمغذيات الدقيقة والمنتجات النباتية والحيوانية لأسباب مختلفة، ويزيد من خطر العدوى لدى الأطفال وقد يتعرضون للوفاة بسبب الإسهال والحصبة والالتهاب الرئوي، إضافة إلى خطر ضعف النمو البدني والعقلي وتعتبر فئة النساء الحوامل والمرضعات والأطفال الصغار أكثر عرضة لأن لديهم حاجة أكثر نسبياً للفيتامينات والمعادن وأكثر عرضة للعواقب الضارة وهناك خطر أكبر على وفاة النساء الحوامل أثناء الولادة أو أن ينجبن مواليد بوزن منخفض عند الولادة أو معاقين عقلياً.

وأشارت إلى أن أكثر الأعواز انتشاراً فقر الدم بعوز الحديد وتسعى وزارة الصحة إلى مكافحته من خلال توزيع ظروف الفيتامينات على الأطفال وحبوب الحديد والفوليك أسيد على الحوامل مراجعات المراكز الصحية، وعوز فيتامين A يتم إعطاء جرعتين للأطفال بعد عمر السنتين، إضافة إلى عوز اليود حيث يتم إضافة اليود إلى ملح الطعام وتقوم وزارة الصحة بتأمين مادة يودات البوتاسيوم ومضخات الإضافة إلى معامل الملح ومراقبة المنتج بالتعاون مع وزارة الصناعة ووزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مشيرةً إلى وجود مخبر معايرة اليود بالبول في مديرية مخابر الصحة العامة.

وأشارت داوود إلى وجود صعوبات تكمن في نقل المواد التغذوية من المستودعات إلى المحافظات، وعدم القدرة على الإشراف لمتابعة تنفيذ البرامج على أرض الواقع وذلك لعدم توفر التمويل والنقل المناسب، إضافة إلى أن تعويضات المشاركين ضعيفة قياساً مع أجور النقل من المحافظات والإقامة في الفنادق مما يضطر لعدم حضور النشاط أحياناً من العاملين في المحافظات والتسرب وانتقال بعض الكوادر المدربة من عيادات التغذية.

ازدياد حالات سوء التغذية

رئيس شعبة الإسعاف والعيادات في مشفى الأطفال بدمشق الدكتور جابر محمود الاختصاصي بأمراض الهضم والتغذية عند الأطفال أكد في حديثه لـ«الوطن» ازدياد حالات سوء التغذية الحاد بين الأطفال وحتى الكبار في الآونة الأخيرة حيث بدأ رصد الازدياد خلال الحرب على سورية وظهرت عبر أعراض مختلفة أهمها عدم زيادة الوزن والطول لدى الطفل مع شحوب بشرة واصفرار أو وزمات أو حالات التهابية وإنتانية مستمرة كالتهاب الجلد الحفاضي أو تقشرات على الجلد وحول الشفاه أو انتفاخ البطن مع ضعف الحيويات، وذلك لأسباب عديدة أهمها ارتفاع تكاليف المعيشة وتدني قدرة المواطن على شراء الأغذية بالتالي أصبحت كمية الوارد الغذائي للأطفال قليلة وخاصة الداعمة للنمو والصحة.

وأشار إلى وجود نوع آخر من سوء التغذية أقل شيوعاً في مجتمعنا مقارنة بسوء التغذية الحاد الناجم عن نقص الغذاء، وهو سوء التغذية الناتج عن الإفراط في تناول الغذاء خاصة الوجبات السريعة والجاهزة ما يؤدي إلى البدانة لدى الطفل بالتزامن مع قلة الحركة والنشاط بالتالي يجعله عرضة للعديد من المشاكل الصحية كالبلوغ الباكر أو تأخر البلوغ وقصر القامة وأمراض القلب والسكري وارتفاع الشحوم والكوليسترول.

وأكد محمود أن أكثر الفئات المهددة بالإصابة بسوء التغذية هي الأطفال قبل سن المدرسة وذلك بعد فترة الإرضاع الوالدي أي من 6 شهور لـ6 سنوات، إضافة إلى أن بعض الأمهات يعزفن عن إرضاع أبنائهن لعدة أسباب أهمها معاناة الأم من نقص الغذاء أيضاً حيث يتم اللجوء إلى بدائل لحليب الام سواء كانت منطقية أو غير منطقية لكونها قليلة «الطاقة الحرارية» مثلاً أو إدخال حليب البقر قبل عمر السنة معتبراً أن ذلك خطأ كبير لما ينجم عنه من مشاكل تحسسية وفقر دم لدى الأطفال ما يجعلهم ضحية لسوء التغذية أيضاً.

وأوضح أن أكثر من نصف حالات سوء التغذية تتعرض للوفاة في حال لم تعالج لأن سوء التغذية يؤدي إلى مضاعفات خطيرة منها عقابيل على مستوى الكلية أو القلب أو الكبد إذ يحدث حالة من الحماض، إضافة إلى العرضة للإنتانات بسبب نقص المناعة بالتالي كل مرضى سوء التغذية مهددون بالوفاة لذلك يجب منحهم أولوية خاصة أثناء العلاج والكشف.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات