ابتسامة أبنائي وسعادتهم ونجاحهم هي ما تخفف عنيّ شقاء العمل والشعور بالألم والحزن.. بهذه الكلمات بدأت باسمة الصياد حديثها رغم نزوحها من محافظة اللاذقية بعدما فقدت منزلها وزوجها إثر الزلزال الذي ضرب سورية منذ عام تقريباً.
بداية جديدة
تضيف الخمسينية لـ” تشرين”: أعمل هنا من أجل أن يواصل أبنائي دراستهم ويحصلوا على وظائف، بعدها سيعوضونني عن كل سنوات التعب، لقد حقق لي العمل الاستقرار النفسي والمادي والاجتماعي.
تعمل باسمة والعديد من السيدات المتضررين في مجال تصنيع الأجبان والألبان بريف دمشق بعدما قامت إحدى الجمعيات الخيرية باستئجار منزل صغير لها ولأطفالها، لتؤويهم من برد الشتاء وحر الصيف.
تبين أم الأطفال الأربعة قائلة: عندما خرجت من محافظتي المنكوبة لم أعرف إلى أين أذهب فكانت أيامنا الأولى عبارة عن تشرد في الشوارع ولم استوعب حجم الدمار الذي سببه الزلزال، كان لدي أقارب مفقودون تحت الأنقاض، جلسنا في مركز الإيواء لفترة معينة ومن بعدها اتجهت إلى دمشق لتكون البداية الجديدة بحكم تقديم المساعدة لنا من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية للبدء بمشروع عمل يؤمن لي ولأطفالي حياة جيدة على أمل التوسع به بشكل تدريجي.
ظروف متشابهة
حال منى لا يختلف كثيراً عن باسمة فالألم وظروف الحياة الصعبة والأوضاع الاقتصادية والمعيشية وآثار الزلازل الكارثية جمعتهم ضمن طريق واحد، فهي تعمل منذ حوالي سنة حتى أصبحت مورد الرزق الأساسي لعائلتها المفجوعة بموت إخوتها الثلاثة بالزلزال، تجني يومياً ما بين 20 إلى 50 ألف ليرة، وأحياناً يتضاعف هذا المبلغ إذا حصلت على بعض “البقشيش” بعد بيع منتجات الألبان المصنعة يدوياً، ورغم ما تعانيه يومياً من تعب وعناء، إلا أنها سعيدة كثيراً بعملها وتحترم مهنتها، المهم بالنسبة لها ألا تبقى في حاجة أحد وتكسب قوت عائلتها بعرق جبينها.
تأمين فرص عمل
ضاعفت كارثة الزلزال من معاناة الأهالي  وأضافت احتياجات جديدة اقتصادية ومعيشية ونفسية، وبذلك يتضاعف الجهد المطلوب من المنظمات المحلية والدولية ومن الهيئات والمؤسسات المحلية ومن الأفراد النشطاء وغيرهم، لتأمين أدنى متطلبات الحياة، ولتأمين حياة أقل ما يقال عنها حياة كريمة للأهالي، ولاسيما متضررات الزلزال.
و من إحدى مهام “اللجنة العليا للإغاثة” التي شكلت منذ بداية وقوع الكارثة كان تأمين فرص عمل والمشاريع الصغيرة للمتضررين الذين فقدوا أصولهم الإنتاجية وتقديم منح خاصة لهم لاستعادة أنشطتهم الاقتصادية.
حيث أكد مدير التخطيط والتعاون الدولي بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل لؤي العرنجي في تصريح لـ” تشرين” أن الوزارة تعمل بالتعاون مع القطاع الخاص على تأمين فرص عمل للمتضررين من الزلزال، وسنستمر بتقديم التسهيلات لإعادة تشغيل المنشآت الاقتصادية المتضررة وتمويل المشاريع الصغيرة، لافتاً إلى أنه تم تأمين الخدمات الاجتماعية للفئات الأكثر ضعفاً من أيتام وذوي احتياجات خاصة ونخطط لتأمين المأوى لهم جميعاً.
مشاريع إنتاجية صغيرة
وبحسب العرنجي، في محافظة حماة، تم العرض على المنظمات والجمعيات لبناء برامج تمويل المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر للمتضررين الذين فقدوا أصولهم الإنتاجية وتقديم منح خاصة لهم لاستعادة الأنشطة الاقتصادية، منهم /50/ شخصاً، تم منحهم منحاً خاصة بالمشاريع الإنتاجية الصغيرة ( أغنام –  علف – سماد ) بعد تقديم الوثائق المطلوبة، ممن لديهم إنذارات إخلاء من الوحدات الإدارية، أما في محافظة اللاذقية، فقدمت المنظمات والجمعيات تمويل المشروعات لمنح صغيرة لـ46 مشروعاً للمتضررين، حيث تم تأمين المواد والمستلزمات المطلوبة لعملهم، وتم تأمين فرص عمل لـ 746 شخصاً لأكثر من سنة طوال عمل المشروع و 27 فرصة مؤقتة، وفي حلب كانت فرص العمل تتعدى 100، وفي إدلب تم تخديم عائلتين عن طريق برنامج المشاريع صغيرة (سمانة) في منطقتي خان شيخون وتل الطوقان ضمن العام 2023 إضافة لتقديم منح مالية وعينية سلل غذائية  لمتضرري الزلزال خارج مراكز الإيواء، منهم موجود في دمشق وريفها.
وأضاف مدير التخطيط والتعاون الدولي بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، تم تقديم  منح خاصة للمتضررين لاستعادة أنشطتهم الاقتصادية أيضاً، ففي حلب تم تأمين /80/ فرصة عمل بمركز الإيواء بمعدل 5 أشخاص كل أسبوع  بموضوع النظافة و24 شخصاً بمراكز أخرى، وفي حماة تم تأمين 13 فرصة، وفي اللاذقية تم تأمين 377 فرصة عمل، وفي إدلب تم تأمين فرصتي عمل للمتضررين أيضاً.
وختم العرنجي حديثه، أنواع الأضرار الكبيرة والواسعة التي خلفتها الكارثة على الإنسان والمجتمع تطلبت من الحكومة العمل بشكل دقيق لتضع توجهاتها وسياساتها في دعم المتضررين، وتبني عليها خطتها لدعم المتضررين ومساعدتهم على الانتقال إلى مرحلة التعافي، ووفق مبادئ وتوجهات الخطة الوطنية فإن مرحلة التعافي وإعادة التأهيل تستهدف مساعدة المتضررين على استعادة حياتهم الطبيعية وتجاوز تداعيات الكارثة.

سيريا ديلي نيوز- نور ملحم


التعليقات