تبدو محاولات الحكومة الجهيدة لفرض توازن ما على سوق السكر من بوابة الأسعار الاسترشادية غير مجدية على الأرض، فالوقائع تشي بأن الأسعار متزايدة في الارتفاع، وبالتالي سقط الهدف المنشود “رسمياً” والمتعلق بمصلحة المستهلك، في ظلّ ارتفاع أسعار المادة في جميع أنحاء العالم، بحسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، حيث سجلت أسعار السكر أعلى مستوى لها منذ عام 2011 نتيجة انخفاض الإمدادات العالمية بعد أن أضرّ الطقس الجاف بالمحاصيل في الهند وتايلاند ثاني وثالث أكبر مصدّرين للسكر في العالم.

وليس ثمّة دليل على ذلك “التلبك” الحكومي في تصويب هذا الملف أكثر من اضطرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك ممثلة بالسورية للتجارة لبيع السكر “الذي من المفترض أن يكون مدعوماً” بالسعر الرائج ولو على البطاقة الذكية، فالمناورة هنا صعبة أمام عراقيل الاستيراد ومعوقات توريد السكر بأيادي التجار، ليظهر هؤلاء في موقف الدفاع عن السعر الاسترشادي المحدّد من قبل وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية.

ويأتي رأي محمد الحلاق عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق حول الموضوع في سياق المدافع عن توجهات الحكومة، عندما اعتبر أن الأسعار الاسترشادية تشكّل قضية مهمّة في بعض الأحيان من أجل التشجيع على إعادة إنعاش صناعة حيوية مثل السكر، مضيفاً أنه يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار أيضاً توازن آخر، وهو المستهلك، من حيث تخفيض السعر وتوفر المادة بسعر مقبول أساسي جداً عند تحديد السعر الاسترشادي أو دراسة تعديل الرسوم الجمركية والإضافات التي تتمّ على الرسم في بعض الأحيان.

ومن وجهة نظر الحلاق فإن السعر الاسترشادي  يتأثر بارتفاع أو انخفاض سعر المادة خارجياً أو رغبة وزارة الاقتصاد بحماية الإنتاج المحلي لإحدى المواد أو التشجيع من أجل إيجاد صناعة “غير الموجودة أصلاً كما يقول الواقع” لهذه المادة ضمن استراتيجية إحلال بدائل المستوردات.

ومع عدم نفي الحلاق التأثير المباشر للأسعار الاسترشادية على ارتفاع السعر على المستهلك، إلا أنه بالمقابل أقرّ بصحتها وصوابيتها في تسديد الرسوم الجمركية، وحفظ حصة الخزينة، إضافة إلى بيان التكاليف الحقيقية للتاجر.

ولا يخفي الحلاق أمله بتخفيض السعر الاسترشادي عند انخفاض سعر المادة خارجياً، مما يؤدي إلى تخفيض الأعباء على المستهلك، وهو ما يشير له التجار في حديثهم عن ارتفاع وانخفاض سعر المادة بوضوح وشفافية وبما يرضي كل الأطراف.

ورداً على سؤال يتعلق بتأثر ارتفاع أسعار السكر وغيره من المواد الغذائية بمنع استيراد أصناف عديدة من المنصة، نفى الحلاق تأثّر أي مادة أو سلعة بأي سلعة أخرى ممنوع أو محصور استيرادها ما لم تكن ذات علاقة مباشرة، ومثال على ذلك القهوة أو الشاي والسكر، حيث رأى أن أسعار السكر قد تنخفض في حال منع استيراد المشروبات الساخنة أو حين يكون هناك إحجام عن استهلاك المشروبات الساخنة لأي سبب من الأسباب، وبالتالي قد نرى –والكلام للحلاق-  نتيجة غير متوقعة تتعلق بأنماط الاستهلاك وتبعية استهلاك سلعة بأخرى.

وكانت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، توقعت انخفاضاً بنسبة 2 بالمئة في إنتاج السكر العالمي في موسم 2023-2024، مقارنة بالعام السابق، مما يعني خسارة نحو 3.5 ملايين طن متري من المنتج.

وبحسب البيانات فإنه لدى العالم الآن مخزون من السكر يلبي احتياجاته لمدة أقل من 68 يوماً مقارنة مع 106 أيام، عندما بدأ إنتاج السكر في الانخفاض عام 2020.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات