لم يبق في بطاقتها التأمينية ولا زيارة لطبيب فقد تم تحديد 3 زيارات فقط خلال السنة خارج المشفى وبالتالي فهي مضطرة لزيارة طبيب على حسابها الخاص، وهنا بدأت سناء رحلة البحث عن الطبيب الذي يتناسب وقوتها الشرائية،
فالتعرفة الطبية أصبحت كالبورصة تتراوح ما بين 20 ألف كحد أدنى وتصل عند البعض من الأطباء إلى أكثر من 100 ألف ليرة، وقد يكون أكثر من ذلك بكثير، وخاصة إذا ما علمنا أن أغلب المشافي الخاصة والمراكز الطبية لم تعد تقبل بطاقات التأمين الصحي الخاصة بالموظفين العاملين في القطاع الحكومي بحجة “ما عاد توفي معنا”.
على طاولة الوزير
معاون وزير الصحة الدكتور أحمد ضميرية قال للثورة “تم تشكيل لجنة منذ أكثر من عام ضمت كافة الشركاء لدراسة التعرفة الطبية بما يتناسب مع الواقع الحالي وهي حالياً على طاولة وزير الصحة، مع العلم أن آخر تعرفة طبية وضعتها وزارة الصحة كانت في العام 2004 وتم تحديد تعرفة الطبيب المختص بـ 700 ليرة.
وعندما سألنا معاون الوزير كطبيب اختصاص عصبية عن تعرفته الطبية التي يتقاضاها كانت المفاجأة أنه يتقاضى مبلغ 15 ألف ليرة فقط لا غير !!!
وحول الشكاوى التي تصل إلى الوزارة بخصوص بعض الأطباء الذين يتقاضون مبالغ خيالية بين ضميرية أن ثقافة الشكوى ما زالت خجولة وإذا ما تمت فيتم المعالجة.
نقيب الأطباء :  زيادة ساعات العيادات الحكومية
نقيب الأطباء في سورية الدكتور غسان فندي قال: إن اللجنة التي تم تشكليها انتهت من دراستها إلا أن مستجدات طرأت على الوضع الاقتصادي إلا أنه لا يوجد جهة في سورية معنية في إيجاد تسعيرة عادلة للتعرفة الطبية إلا وقد وضعت على سلم أولوياتها تأمين الطبابة في البداية لكل محتاج لها، ومن ناحية أخرى تأمين مردود مقبول للطبيب كي يتابع ممارسة عمله ويطور نفسه ويتمكن من تقديم خدمة طبية أفضل.
بالمقابل لم يخف فندي وجود تجاوزات عند البعض من الأطباء لجهة تقاضي تعرفة مرتفعة بين محافظة وأخرى وحتى ضمن المحافظة ذاتها.
وقدم نقيب الأطباء حلاً لمشكلة الفروقات الكبيرة بتعرفة الأطباء من خلال تطوير العمل الطبي في المشافي الحكومية لساعات أكثر بدلاً من تحديدها بفترة زمنية محددة قد لا تتجاوز الساعتين مع تقديم خدمة طبية أفضل بحيث يقتنع المريض أن الذي يرتاد المشافي الحكومية يحصل على الاحترام والطبابة، وبالتالي نكون أمام معادلة جديدة لا يكون فيها إرغام لمريض بالذهاب إلى القطاع الخاص، وتمنى أن تكون التعرفة قريبة وعادلة بحيث يقدم الطبيب السوري طبابة أفضل وبسعر معقول، وخاصة أن الطبيب السوري معروف بالمهنية والأخلاق.
تقول لينا من مدينة دمشق إنها تعالجت عند ثلاثة أطباء بنفس المدينة تباينت “الكشفية” ما بين 25 ألف ليرة إلى 50 ألفاً ومن ثم 70 ألف ليرة، معللة ذلك أن تعرفة كل طبيب حسب سنوات الاختصاص ومكان العيادة، فمن الطبيعي أن تكون معاينة طبيب في أبو رمانة مختلفة عن طبيب في الدويلعة على حد تعبيرها.
فرضت نفسها
أحد الأطباء رفض الكشف عن اسمه قال لنا “الطبيب بالنهاية مواطن وعليه الكثير من المتطلبات في ظل الظروف الحالية ناهيك عن التكلفة الكبيرة جراء شراء المحروقات لتشغيل المولدة أثناء انقطاع الكهرباء الطويل والمستمر، ممازحا ” إذا أجرة أقل مشوار بالتكسي العمومي أصبحت 15 ألف ليرة وسيشوار الشعر بـ 25 ألف ليرة، فمن الطبيعي أن تكون المعاينة أكثر من 25 ألف ليرة !!
عند البدء بتحضير هذا التحقيق قال لنا البعض من أصحاب المناصب الطبية “الوقت مش مناسب بدكم العالم تحكي علينا”
لم نتوقف عند مدينة دمشق التي بالتأكيد تختلف عن بقية المحافظات لجهة التعرفة الطبية كونها العاصمة وأهم الأطباء موجودون فيها إضافة إلى الكثافة السكانية، وهنا لابد أن نذيع معلومة أن “كشفية أحد الأطباء تصل إلى 300 ألف ليرة” !!!!
تساير الوضع الاجتماعي
في محافظة طرطوس الوضع مختلف وأعلى تعرفة تصل إلى 25 ألف ليرة بحسب ما قاله لنا رئيس فرع نقابة الأطباء بالمحافظة الدكتور يوسف مصطفى “إن الفوارق بسيطة بين تعرفة طبيب وآخر في المحافظة حيث تبدأ من 15 ألف ليرة وتنتهي عند 25 ألف ليرة”
وأضاف إن التعرفة الحالية والتي تم التوصل إليها وهي حالياً على طاولة وزير الصحة هي بحاجة إلى إعادة دراسة نتيجة التضخم والظروف الاقتصادية الصعبة كون الدراسة أعدت منذ أكثر من عام وتغيرات سعر الصرف أثرت بشكل سلبي، مشيراً إلى أن حتى إذا كانت التعرفة 30 ألف ليرة ليست لصالح الطبيب، منوها إلى أن التعرفة التي وضعتها وزارة الصحة في العام 2004 والتي حددت بمبلغ 700 ليرة تعادل اليوم 150 ألف ليرة، هذا لا يعني أننا نطالب بهذا المبلغ كتعرفة وحتى نساير الوضع الاجتماعي لابد أن تكون التعرفة الطبية بين 30 إلى 50 ألف ليرة.
وطالب مصطفى بتعديل التعرفة الطبية كل سنتين، بدلاً من الانتظار كل هذا الوقت أي من العام 2004 لم يتم تعديلها، مع العلم أنه تم تحديد التعرفة على أساس أن المعاينة هي 4 وحدات طبية كل وحدة بـ 4000 آلاف ليرة وهذا يعني أن تعرفة الطبيب الذي لديه أكثر من عشر سنوات ستكون 16 ألف ليرة.
كيلو السكر أغلى !
الدكتور عزام حسون رئيس فرع نقابة الأطباء بمدينة حمص قال إن هناك فوارق كبيرة بالتعرفة الطبية بين طبيب وآخر ولا يوجد ضوابط لها، مع العلم أن اللجنة التي تم تشكليها من 15 طبيباً ومن الوزارة والنقابة وضعت التعرفة الجديدة منذ عام إلا أنه لم يتم الإفراج عنها من مكتب وزير الصحة، وعندما سألناه عن رأيه حول التعرفة الطبية العادلة حالياً، رد علينا بسؤال: “أدي كيلو السكر اليوم”؟ 15 ألف ليرة!.
في حين يرى الدكتور جمال عيسى رئيس فرع نقابة أطباء الرقة أن هناك مشكلة لدينا بأجور المعاينات والمستهلكات الموجودة أثناء المعاينة وعدم تعديل التعرفة منذ العام 2004 وحتى الآن خلقت فوضى، مشيراً إلى أنه لابد أن تكون التعرفة الجديدة منطقية ونحن بانتظار صدورها ويبدو أن وزارة الصحة لها مبرراتها لهذا التأخير.
بالمقابل رأى الدكتور حسين نوفل رئيس الاتحاد السوري لشركات التأمين أن التعرفة الطبية في سورية تعاني من حالة الفوضى.
بينما في مدينة السويداء تتراوح ما بين 12 ألف ليرة إلى 20 ألف ليرة حسب ما قال لنا رئيس فرع نقابة أطباء السويداء الدكتور حسان جودية، والذي رأى أن التعرفة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار سنوات الاختصاص وزيادة سعر الوحدة الطبية.
توصيف للأطباء
ورد نائب نقيب الأطباء الدكتور زاهر البطل على طريقة معالجة الشكاوى التي ترد للنقابة حول تقاضي بعض الأطباء تسعيرة مرتفعة بقصة حدثت معه عندما كان رئيس فرع نقابة أطباء حلب فما كان منه إلا أن أعطى المريض الكشفية التي أخذها الطبيب منه، منوها أن المعالجات فردية.
ورأى أن الحل يجب أن يكون من خلال وضع توصيف للأطباء على شاكلة توصيف المشافي يحدد من خلالها إذا كان الطبيب مختصاً مع عدد السنوات أو استشارياً مع عدد السنوات، فمن غير المعقول أن تكون تعرفة طبيب خريج يفتح عيادة بالقرب من أستاذه أكثر منه.
باختصار
نحن بحاجة إلى تعرفة تعيد التوازن للسوق الطبي، كون الاعتماد على شركات التأمين أصبح صعباً في ظل التضخم الكبير وعدم رضا الطبيب المتعاقد عن الأجر الذي يحصل عليه، وهذا لن يكون دون تفعيل وتطوير عمل العيادات الخارجية للمشافي الحكومية وألا ننتظر حتى صدور التعرفة الجديدة .

سيريا ديلي نيوز


التعليقات