يبدو أن أياماً قليلة فقط باتت تفصلنا عن حسم الحكومة قرارها بشأن الدعم، ورفعه نهائياً عن المحروقات وجزئياً عن الخبز، وفق ما أفاد به عضو مجلس الشعب في تصريحات إذاعية، فسنوات العجز عن ضبط أكبر مواطن الفساد أوشكت على الانتهاء، ولكن بأسهل الطرق، إذ لم ينفع التهديد والوعيد والأتمتة وذكاء البطاقة والهيكلة والرقابة، بضبط ملف الدعم الذي حقّق ثروات هائلة للبعض، فجاء الحلّ بسحبه لترقع الحكومة عجزها على حساب المواطن!.

ما وصفه عضو مجلس الشعب بالـ”جرأة” الحكومية في قرارات رفع الدعم، يأمل مواطنون أن يتوازى بالجرأة ذاتها برفع الرواتب والأجور، بعد تعريتهم أمام نار الغلاء التي ستستعر أكثر بعد اتخاذ القرار، فما يتمّ تداوله على لسان أعضاء مجلس الشعب عن زيادة مابين 50- 100%، بات نذير شؤم أكثر مما يكون بشارة للموظف، نظراً لانعدام قيمة هذا المبلغ مقابل ارتفاع الأسعار اليومي.
أستاذ الاقتصاد الدكتور حسن حزوري استغرب التسبّب بتأجيج الأسعار طيلة هذه المدة، إثر التصريحات والنقاشات الكثيرة، في الوقت الذي كان معروفاً فيه التوجّه لرفع الدعم، معتبراً أن الفساد في ملف الدعم بات واضحاً للجميع، وفي مقدمته فساد المؤسّسات المعنية بالمواد المدعومة، لذلك أصبح من الأجدى رفع الدعم بصورته الحالية، واستبداله بدعم نقدي، وصناديق ضمان اجتماعي لغير الموظفين.
لكن المشكلة -والحديث لحزوري- أنه لا يوجد لدى الحكومة إحصاءات حقيقية، لتبني عليها بقاء الدعم من عدمه، فحتى عدد السكان غير معروف بدقة، والبطاقات الذكية للمغتربين لا تزال تعمل، وعدد المستفيدين والمستحقين للدعم غير دقيق، كل ذلك بالتوازي مع تفاوت طبقي هائل، بحيث تتركز الثروات لدى 1% من الشعب، دون أن يُسأل أحدهم من أين لك هذا؟.
وبيّن حزوري أن هناك خللاً حقيقياً يتمثل بالعقلية المتحكمة بالقرار الاقتصادي، واحتكار المواد ورفع الأسعار من قبل بضعة مستوردين، فضلاً عن الهجرة، وإغلاقات المنشآت بالجملة، وبيع عقارات وتحويل قيمتها لقطع أجنبي، مما تسبّب بارتفاع كبير لسعر الصرف، مضيفاً أن التصريحات اللامسؤولة يجب أن يحاسب أصحابها، فالوعود منذ أشهر بزيادة الأجور تسبّبت بتأجيج الأسواق ورفع الأسعار من قبل التّجار.
ورأى أستاذ الاقتصاد أنه مهما كانت نسبة زيادة الرواتب فلن تحلّ المشكلة، لكن حجرة تسند جرة، فيما يجب التركيز على ضبط الأسعار من خلال السماح والمرونة بالاستيراد، وتأمين حوامل الطاقة بشكل مستقر، وإلغاء المرسوم 3 لتيسير العمل الاقتصادي، وتطبيق مبدأ “دعه يعمل دعه يمر

سيريا ديلي نيوز


التعليقات