عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، عقب تصويت وزراء الخارجية العرب بالإجماع لصالح القرار، وذلك بعد 12 عاماً من تجميد عضويتها طرح تساؤلات عديدة حول انعكاس هذه العودة على الوضع الاقتصادي في البلاد، في ظل الأزمات المتلاحقة التي تعرَّض لها.
الأزمة الاقتصادية في سوريا ازدادت سُوءاً عاماً بعد آخر، وبات متوسط الراتب الشهري للفرد لا يكفي سوى لثلاثة أيام فقط من الأغذية، وفقاً لنائب المدير القُطري لبرنامج الأغذية العالمي في سوريا، روس سميث.
كما شهدت الأسعار ارتفاعاً بمقدار عشرة أضعاف خلال السنوات الثلاث الماضية، بينما تحتل البلاد المركز الثاني عربيّاً في معدلات التضخم عند 105 %.
ومع العودة لجامعة الدول العربية تصاعدت الآمال الشعبية بحدوث انفراج اقتصادي قريب، وفي هذا السياق قال مساعد وزير الخارجيّة المصري الأسبق جمال بيومي: “لا أظن أن التأثير الاقتصادي في الدول العربية سيكون كبيراً، لكن التأثير الاقتصادي الأكبر سيكون لسوريا، لأنه من المتوقع أن تحظى بمساعدات قد يكون لها تأثير كبير أيضاً على تهدئة الأوضاع الأمنية والسياسية”.
وزير الاقتصاد السوري محمد سامر الخليل، دعا على هامش اجتماعات مجلس التعاون الاقتصادي، والاجتماعي التابع لمجلس الجامعة المستثمرين العرب، إلى الاستثمار في بلاده، لافتاً النظر إلى فرص واعدة في المرحلة المقبلة.
ونوّه كذلك إلى الاهتمام بالأمن الغذائي، الذي يأتي في وقت تقاسي سوريا أزمة قمح مع خروج “خزان الغذاء” في الجزيرة والفرات ووقوعه بأيدي فصائل سورية معارضة، أو قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وتوقع البعض أن يكون هناك تضاعف في الاستثمارات، والتبادل التجاري بين سوريا والدول العربية، خاصة فيما يتعلّق بإعادة إعمار البلاد.
وزيرة الاقتصاد والتجارة السورية السابقة لمياء عاصي، كشفت بأن العودة لمقعد الجامعة العربيّة سينعكس إيجاباً على الاقتصاد السوري لكن الأمر يتطلب بعض الشروط والوقت.
وعند سؤالها ماذا ينتظر الاقتصاد السوري بعد العودة للجامعة العربية؟ ردت عاصي بأنها ترى “أن استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربيّة يعتبر خطوة إيجابية تعدُّ بانفتاح اقتصادي نحو الدول العربية، وتساءلت عاصي هل سنلمس انعكاسات إيجابية لتلك العودة على الحياة الاقتصادية في سوريا دون شروط؟!، لتجيب بالنفي، وأنها تعتقد أن عودة سورية للجامعة العربيّة يحتاج لتوفير عوامل داخلية وخارجية.
وأضافت أن العقوبات الغربيّة تعتبر واحدةً من أهم العراقيل التي تواجه التعاون العربي في كل المجالات، وليس فقط في المجال الاقتصادي.
وقالت عاصي أن البنى التحتية تحتاج لإعادة التأهيل والاستثمار فيها، وخاصةً في قطاعات الطاقة والكهرباء.
واختتمت لمياء القول: إنه “ينبغي على الحكومة السوريّة أن ترسم خارطة طريق، وتحديد نقاط القوة والضعف والفرص والتحديات في الاقتصاد السوري، من أجل العمل على تحسين البيئة الاستثمارية والاتجاه إلى مزيد من الانفتاح التجاري”.
في المقابل يبدو جلياً العزم العربي بالوقوف إلى جانب السوريين، ويرى مراقبون أن الكثير من الدول يمكن أن يتضامنوا اقتصادياً مع سوريا العائدة حديثاً للحضن العربي، لتتخطى المساعدات التقليدية الإنسانية، التي أظهرت تعاطف العرب مع ضحايا كارثة الزلزال لتصل إلى مجالات الاستثمار وملفات أكثر عمقاً، مرجحين المساهمة الفعالة في إعادة الإعمار إلى جانب الصين، التي عقدت عزمها أيضاً الدخول في السوق السورية وبقوّة.
ومن الحلول التي يمكن للعرب القيام بها لإنعاش الاقتصاد السوري هي بدعم الليرة السورية التي خسرت خلال الحرب الكثير من قيمتها، وذلك عن طريق ضخ ودائع في المركزي كواحد من الحلول، إضافة إلى زيادة المبادلات التجارية، ورفع معدلات التبادل بين سورية والعرب، وتفعيل منطقة التجارة العربية الحرة، وأخيراً بزيادة حجم الاستثمارات العربية محلياً.
اليوم يعقد الشارع السوري آمالاً كثيرة على عودة سوريا إلى الجامعة العربية، من خلال فك الحصار وتحفيز الإنتاج، وإطلاق عجلة الماكينات الثقيلة التي توقفت عن العمل بفعل الأزمة.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات