يومان متتاليان وممثلو النقابات العمالية في دمشق، يتحدثون عن الواقع الذي وصل إليه العمال ومعاملهم. واللافت في الأمر أن هذا العرض يحصل بحضور أعلى الهرم في السلطة التنفيذية، وهو رئيس الحكومة والأمين العام المساعد لحزب البعث، ولكن تتكرر ذات القضايا بشكل يشير إلى محدودية إمكانات من يفترض بهم أن يلتزمون  بتنفيذ ما وعدوا به كحد أدنى.

في تقرير أعده اتحاد العمال في سوريا، أمس الاثنين، أشار إلى التقلص في حجم الاقتصاد السوري نتيجة انخفاض حجم الصادرات والمستوردات.

وذكر الكثير من المشاكل التي يعانيها الاقتصاد السوري كارتفاع نسبة البطالة، ومعدل الفقر الذي طال أصحاب الأنشطة الحرفية وأنشطة العمال المياومين والقطاع غير الرسمي وغيرها.
فقر وتضخم

ولفت التقرير إلى أن هنالك انخفاض في الطلب بسبب الفقر وارتفاع الأسعار، والأسوأ أن انخفاض الطلب ترافق مع زيادة التضخم الناجم عن الأسعار المرتفعة، نتيجة لارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج المحلية والمستوردة، وأسعار الوقود والطاقة وتكاليف الشحن، وهذا يعني تراجعاً في مستوى معيشة السواد الأعظم من المواطنين، حسب التقرير.

ولفت إلى أن من أسباب التراجع، أسباب محلية أيضاً تتعلق بالاحتكار والاستغلال والتلاعب بالأسعار، وخاصة فما يتعلق بأهم السلع الضرورية والغذائية والعلفية ومواد ومستلزمات البناء.

وأشار التقرير إلى أن هنالك تراجعاً في الاستثمارات الخارجية، والمخزون من القطع الأجنبي،  وازدياد عجز الموازنة العامة للدولة، وتراجع في المؤشرات الاجتماعية الكلية، وزيادة أعداد الفقراء، وتقلص البنية التحتية للتعليم.
إهمال غير مبرر

وعن واقع القطاع الصناعي أشار التقرير الذي أعده اتحاد العمال، إلى أن مشاكل هذا القطاع  قديمة، وزادتها الأزمة الحالية. ووصف التقرير هذا القطاع بأنه يعاني من “الإهمال غير المبرر”، وعدم الجدية في إصلاحه، وعدم قناعة الحكومات المتعاقبة في إصلاحه، وأن كل محاولات إنقاذه لم تلق القبول فظلت آلاته قديمة تحتاج للتجديد دون الحصول على الموافقات المطلوبة لذلك.

وذكر النقابي محمد حاج حامد (اسم مستعار)، من حماة، لنورث برس، أن هنالك الكثير من الشركات الاقتصادية التي يمكن أن تحقق جدوى اقتصادية من إعادتها للحياة، مثل معمل الأدوات الصحية الوحيد للقطاع العام في حماة متوقف عن العمل لعدم توافر المازوت، وهنالك شركات كثيرة متوقفة عن العمل ويمكن إعادتها للإنتاج عند توفر الرغبة والنية بذلك، طالما أن الحل الحقيقي للاقتصاد هو في الإنتاج.

وأضاف “حامد” أن قرار رفع سعر  الفيول الأخير جاء “كالرصاصة” لمؤسسة الإسمنت وشركاتها، حيث ارتفع سعر الطن إلى أكثر من 3 ملايين ليرة، وهذا سيؤدي إلى خسائر حتمية لشركات إنتاج الإسمنت الثلاثة (السورية، عدرا وطرطوس)، لأن تكاليف الفيول تعادل 60-70% من كلفة الإنتاج.
دوام متواصل

وإذا كان هذا حال الاقتصاد والقطاع العام، فماذا عن العاملين فيه؟ يقول النقابي مهيدي الخلف، (اسم مستعار) في اتحاد عمال الحسكة، لنورث برس، إن انخفاض الدخل يدفع العامل للعمل في أكثر من دوام في اليوم ليتمكن من تأمين مطالب الحياة، وهذا يجعله شخصاً مستنزفاً طوال نهاره.

ويضيف، إن الحكومة منعت الاستقالات لعدم إفراغ المؤسسات من كوادرها دون البحث عن تحسين أحوال العمال التي تراجعت بشكل لم يعد مقبولاً أو محتملاً، ويشير إلى ان وضع المتقاعدين “أكثر سوأ” أيضاً، إذ أن رواتب الكثير منهم لا تتجاوز 90 ألف ليرة، وهذا أقل من سعر وجبة طعام.

وسبق للحكومة أن طرحت موضوع تشميل المتقاعدين في التأمين، ورغم الوعود “لكن هذا الأمر لم يحصل حتى الآن”، بحسب “الخلف”.

وشدد النقابي على أن ثبات أجور العامل وسط أسعار متحركة كل ساعة “لم يعد أمراً مقبولاً”.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات