في كل مرة تتحدث فيها الدكتورة لمياء عاصي التي شغلت مناصب مهمة كوزارة الاقتصاد والسياحة ومعاون وزير المالية وسفيرة لسورية لدى ماليزيا تتحدث بلغة واضحة ومسؤولة وأن كانت سيدة فإنها تتحدث "كرجل دولة " معني بكل ما يحصل بكثير من العلم والخبرة بل والتفهم ..
فرأت اولا وحول تداول صورة لفئة عشرة آلاف ليرة على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الفئات النقدية سواء كانت من فئة عشرة آلاف أو أكثر أصبحت ضرورة اقتصادية وليس من المعقول أن تكون القدرة الشرائية للنقد المتداول متواضعة جداً، في حين يدفع المواطن كميات كبيرة من النقد لتغطي ثمن سلعة عادية.
وتابعت أن المشكلة ليس بالفئة النقدية المتداولة وإنما إجمالي الكتلة النقدية المتداولة في الأسواق لأنها هي من ترفع معدل التضخم ومسؤولة عن تدني القدرة الشرائية، والفئات النقدية هي عمليات محاسبية وليس لها أي تأثير.
كما أشارت عاصي إلى إنه منذ عشرة سنوات والخبراء الاقتصاديين ينادون بأن تكون أسعار الحوالات مقاربة للسوق الموازية، واعتبرت أن رفع سعر الحوالات خطوة سليمة وعلى الطريق الصحيح لأن ذلك يؤدي لتدفق العملات الأجنبية بشكل أكبر.
موضحة أن هذا ما أكده مدير العمليات المصرفية في المركزي السوري : أنه بعد شهر من رفع سعر الحوالات أصبح هناك تدفق أكبر للقنوات الرسمية من القطع الأجنبي وذلك لتعويض القطع الأجنبي والحصول على حصيلة تمكننا من أداء التزاماتنا المترتبة على الدولة تجاه الاسواق الخارجية.
عاصي بينت أن الحوالات اليومية تقدر بـ 6 ملايين دولار ما يعادل ملياري دولار سنوياً، وهذا الرقم سابقا كان يذهب بشكل كامل إلى السوق السوداء وتنحرم منها القنوات الرسمية.
وتعتقد عاصي أن السعر اليوم قريب من السوق الموازي لذلك أصبح المواطن يرغب بالتصريف عن طريق القنوات الرسمية وأن يبتعد عن مخاطر الذهاب للسوق الموازي من أجل فرق بسيط وحيث أن هذه الفروقات بمقدور المواطن تحمله.
واعتبرت عاصي أن المركزي يقوم بمهمته الأساسية وهي الحفاظ على توازن سعر الصرف و المفترض أن التعامل بالقطع الأجنبي مع العالم الخارجي فقط لتسديد مستورداتنا من الخارج، سواء كانت مواد أو أجهزة او أدوية وغير ذلك لأنه ليس من المفترض أن تكون العملات الأجنبية للاحتفاظ أو المضاربة او التداول.
الدكتور لمياء عاصي أوضحت في معرض اجابتها على اسئلة البرنامج الى أن التشوهات الاقتصادية تدفع ثمنها الطبقة المتوسطة والفقيرة.. وتوحيد سعر الصرف خطوة صحيحة ستخلق جواً مناسباً.
و حول قرار مجلس النقد والتسليف, السماح للمصارف بالإقراض بالعملات الأجنبية أن القرار غير واضح , وكيف ستكون آلية تنفيذه في ظل وجود مراسيم وقوانين لتجريم التعامل بغير الليرة السورية، متسائلة كيف سيتم التعامل في حال حدث تعثر في القرض وهناك تشوه غير مفهوم، ولن يكون هناك ما يسمى ضمانات شفهية بظل وجود قوانين، لذلك هناك حلقة مفقودة وغير واضحة.
وأشارت عاصي إلى أن هناك الكثير من البنوك لا تعيد الايداعات بالقطع الأجنبي, بحجة أنه ليس لديها قطع أجنبي أو أنه لديها قطع أجنبي يصعب الوصول إليها
وقالت: نجد أن الإيداعات بأسوأ حالاتها بسبب انعدام الثقة بالنظام المصرفي وهي شبه متوقفة أو قليلة جداً سواء بالليرة السورية أم بالقطع الأجنبة إلا الجهات الرسمية المضطرة للإيداع، علماً أنه من حق المودع الحصول على الوديعة.
وتابعت لو أن النظام المصرفي السوري كان من البداية يتمتع بالانفتاح المطلوب, كان الجميع استثمر بالنظام المصرفي السوري، وكان ابتعد عن اللجوء للإيداع لدى البنوك اللبنانية وما حصل يكشف أن النظام المصرفي السوري كان ولازال لديه مشاكل.
وبينت عاصي أنه يجب أن تتجه السياسة النقدية إلى توحيد سعر الصرف لأنه لا يمكن العمل بعدة أسعار للصرف بل يجب أن تختصر بسعر واحد، لأن القاعدة الأساسية تقول "بمجرد ما تتعدد الأسعار لذات السلعة يعني أن هناك تشوه اقتصادي كبير" وهذا التشوه يدفع ثمنه الطبقة المتوسطة والفقيرة، علماً أنه قبل عام 2011 كان لدينا سعر صرف موحد، واليوم أصبحنا أقرب ما يكون للعودة إلى السعر الموحد وأتوقع أن نعود إلى توحيده وأن يصدر نشرة يومية وبناء عليه تجري كافة العمليات بالسعر المحدد والموحد.
وبحسب رأي عاصي.. الخطوات الصحيحة هي من تخلق جو مناسب وخلاف ذلك يعني أن هناك تشوه والإجراءات الانتقائية والغير متجانسة تزيد من التشوه وتدخلنا بدوامة من التشوهات الاقتصادية المختلفة لذلك يجب التوجه بشكل جريء نحو توحيد سعر الصرف وضمان مرونته.
وزيرة الاقتصاد السابقة قالت أن منصة تمويل المستوردات لم يكن دورها الحفاظ على سعر الصرف وإنما ترتيب طلبات التمويل وأنا مع المنصة ولكن بغير الآلية التي عملت بها , وذلك بأن تكون المنصة بضمانة وإشراف المصرف المركزي وبأن تكون شاملة لأكثر عدد من اللاعبين والمنخرطين في عمليات البيع والشراء من المنصة , العنصر المهم الذي يجب أن يحكم عمل المنصة هو الشفافية، وهناك شكوك كبيرة حول مستوردين يتم تمويلهم قبل غيرهم.
وبينت عاصي أن سلم الرواتب بحاجة للإصلاح لأن الرواتب الحالية لا تلبي 10% من الاحتياجات الأساسية للمواطنين وتعتقد أن رفع الإيرادات العامة بشكل كبير لا يمكن أن يحدث إلا بالعودة إلى مكوناته التي تأتي من الموازنة والإيرادات الضريبية والرسوم الجمركية وعوائد الدولة من أملاكها وفوائد القطاع العام والصناعات الاستخراجية الباطنية، وبدون العودة إلى رفع الإيرادات لا يمكن إصلاح الرواتب والأجور.
وتابعت بالقول: بالمجمل يجب أن تكون عملية الإصلاح لكامل العملية الاقتصادية ومفرداتها وفي مقدمتها الإيرادات العامة ليتشكل لدينا حصيلة إيرادات عامة وبالتالي تكون نتيجة الإصلاح على الرواتب حقيقية وليست اسمية ويليها رفع بالأسعار.
وبالنسبة لحدوث تبادل بالليرة السورية مع أي دولة، أشارت الوزيرة السابقة , إلى أن فكرة التبادل التجاري بالعملات المحلية أصبحت متداولة بشكل تصاعدي, ولكن يجب النظر إلى حجم الصادرات إلى تلك البلاد, موضحةً أن التبادل بالعملات الوطنية يكون مفيداً عندما يكون حجم الصادرات والإنتاج كبير، و هذا الموضوع (التبادل التجاري باستخدام العملات المحلية ) بدأ منذ أكثر من عشرين عاماً , إلا أننا نلاحظ حالياً أنه كثرت الاتفاقات بين الدول للتبادل بالعملات المحلية مثل الاتفاقات الأخيرة بين روسيا والصين أو بين الهند وروسيا واتفاق آخر بين الصين والسعودية والإمارات.
سيريا ديلي نيوز
2023-04-16 14:03:17