تتسارع الأحداث بشكل يؤكد اقتراب إعلان الحرب العالمية الثالثة, بالرغم من إنها قائمة فعليا ,وعلى عدة جبهات.. ولعل أبرزها وأوضحها في أوكرانيا حيث تدور اعنف الحروب وأشرسها بين روسيا  من جهة وبعض الدول التي تقف إلى جانبها بشكل غير معلن وبين أوكرانيا ومعها حلف الناتو بقيادة واشنطن وبعض الدول التي لا تعلن موقفها بشكل صريح حتى الآن من جهة أخرى..
حيث تشهد جبهات هذه الحرب تصعيداً كبيراً مع مد واشنطن وحلفائها كييف بجميع أنواع وصنوف الأسلحة والذخيرة ودخول الناتو بشكل صريح في المعارك إن لم نقل انه هو من يدير هذه الجبهات ويختارها ويحركها من غرفة عمليات أنشأها بهذا الغرض..
الصين المنافس الأول لواشنطن عالميا تتوجه نحو إستراتيجية جديدة تنطلق من ترتيب البيت الداخلي سياسياً وعسكرياً, وتغيير عقيدة الجيش  مع إعلانها الاستعداد لإدخاله في حلف مع الجيش الروسي لإحلال السلام  في العالم .
هذا يتزامن مع إعلان الرئيس الروسي عقيدة الدولة الروسية الجديدة والتي تتلخص باعتبار واشنطن الشر المطلق والعدو الأول لروسيا.
أزمات  اقتصادية كبيرة يعيشها العالم حاليا, منها أزمة الغذاء والطاقة وانهيار المصارف وإعلان إفلاسها بالإضافة إلى فقدان الثقة بالدولار وتحول بعض الدول إلى التعامل بالعملات المحلية في تبادلاتها التجارية مثل الصين والبرازيل وغيرهما للتخلص من تبعية وهيمنة الدولار ومن يقف خلفه ...
أما في ما يخص  المنطقة فالحرب قائمة على الأراضي السورية بنفس اللاعبين ولكن بشكل يختلف في الترتيب والاصطفاف, فالصراع الروسي الأمريكي هنا يختلف عن الساحة الأوكرانية حيث  تقف واشنطن في الخلف و أمامها أنقرة وتل أبيب و السوريين  من من يأتمرون بأوامرهم على الأرض في مواجهة موسكو وأمامها طهران ودمشق ومحور الحلفاء على الأرض ...
 وعند التمعن جيدا في الساحة السورية يمكن القول أنها انسب ساحة لتكون مسرح عمليات الحرب العالمية الثالثة  لجهة تصفية الحسابات  بين الدول الكبيرة بعيدا عن حدودها  أم لجهة  رسم خرائط العالم الجديد في حال وجود منتصر والتسويات فيما يحفظ ماء وجه الجميع على الأقل في حال لم يكسر العظم وبقي الوضع فيه لا غالب ولا مغلوب ...
العداء بين إيران وإسرائيل والحرب القائمة بينهما فعليا على  الساحة السورية والتي لم ينجح احد من الطرفين بكسبها عن بعد بالنقاط  يحتم عليهما الانتقال لمرحلة الحرب المباشرة والمفتوحة على كل الاحتمالات,وما الهدنة السعودية الإيرانية أو ما بات يعرف بالتقارب السعودي الإيراني إلا تأكيداً على  استعداد المنطقة لحرب طاحنة كون هذا التقارب ما هو إلا محاولة سعودية لتجنب تبعات الحرب القادمة التي لن تتحملها الرياض والابتعاد عن أي رد سعودي حوثي في حال اعتبرت طهران  السعودية طرف في النزاع يمكن أن يشعل الخليج , وخاصة أن المنطقة  اختبرت سابقا الصواريخ وردة الفعل الحوثية , ما سيؤثر بشكل مباشر على إنتاج وتصدير النفط والغاز ويشعل سوق الطاقة المضطربة اصلا بفعل الحرب الروسية الأوكرانية وهذا ما لا تريده واشنطن والغرب  ولا طهران لتضمن طهران جبهة وخاصرة رخوة ونقطة ضعف مهمة  يمكن أن تستغلها تل أبيب في الخليج, ويبدو أن هناك توافق عالمي على إخراج الخليج مبدئياً من دائرة الحرب .
  تل أبيب تلافت هذه المعضلة واستعاضت عن الجبهة السعودية لاستهداف إيران بأذربيجان التي تعاظم النشاط الإسرائيلي العسكري والسياسي  فيها الآونة الأخيرة بشكل لافت , ولم يكن اختيار هذه الدولة الواقعة جنوب القوقاز بشكل عشوائي بل مدروس وبدقة  لجهة ضرب إيران بشكل مباشر واستهداف روسيا والصين في مرحلة لاحقة ..
تركيا اللاعب الأبرز على الساحة الإقليمية والدولية  عمدت تل أبيب إلى تحييدها مؤقتاً عن المشهد لإخراجها من الحرج  الذي يمكن أن تقع به بسبب تشابك علاقاتها ومصالحها مع جميع الأطراف ولتصبح بيضة القبان وراعي التفاهمات في حال الخروج بلا غالب ولا مغلوب, فكثفت وجودها ضمن كردستان العراق والجزيرة السورية كبديل عن الأراضي والمجال الجوي التركي, ما خلق خلاف بين تل أبيب وواشنطن كون الأخيرة تسعى لزج  تركيا في الحرب عبر حصر ضرب طهران من الأجواء التركية ما سيحتم على إيران الرد ويخلط جميع أوراق المنطقة فتركيا تريد حالياً حصر دورها في استهداف مواقع من تصفهم بالإرهابيين في سورية والعراق  وكسب المزيد من النقاط ضمن الأراضي السورية والعراقية...
 تعتبر الجزيرة السورية  الخيار الأمثل  لتل أبيب كمسرح عملياتي لجر إيران إليه من اجل إبعاد خطر الالتحام المباشر مع إيران ومحورها سواء على الحدود السورية أو اللبنانية أم في العمق  الإسرائيلي,  ولكن واشنطن لا تفضل هذه الجبهة لعدة اعتبارات أهمها  الخوف على الكيان أو الإقليم أو الدولة المستقبلية التي بات وجودها شبه أمر واقع يتحقق يوماً بعد آخر, يضاف إلى ذلك معرفة واشنطن بخطورة المنطقة  كونها مفتوحة مع العراق وهي تعي تماما قدرات إيران والفصائل المدعومة من قبلها في تلك المنطقة , كما أن أي توتر او حرب في هذه المنطقة سيؤثر بشكل مباشر على القواعد الأمريكية ومراكز إمدادها بالنفط والغاز ..
هذا الخيار الإسرائيلي  خلق خلاف بين واشنطن وتل أبيب ظهر واضحا في الفترة الماضية معريارة  وزير الدفاع الأمريكي ورئيس هيئة الأركان الأمريكية  للمنطقة سواء تل أبيب ام  العراق والقواعد الأمريكية في الجزيرة السورية .
 كادت تل أبيب أن تشعل الحرب بعد استهداف القواعد الأمريكية في الجزيرة وتبني فصائل موالية لإيران  في سورية والعراق ( الغالبون)  لهذه العملية , و التي قيل  أنها جاءت رداً على استهداف واشنطن لفصائل ومراكز إيرانية في سورية ,  والتي توعدت طهران في حينها بالرد ثم تراجعت عن هذه التصريحات وأبلغت واشنطن بان هناك أطراف لبنانية وسورية وإيرانية مرتبطة  بتل أبيب هي من كانت خلف العملية وذلك بهدف  جر المنطقة إلى الحرب.
نجحت كل من واشنطن وطهران بنزع فتيل الحرب في الجزيرة ولكل منهما أسبابهما المقنعة  فطهران تريد الالتحام عبر الحدود مع تل أبيب وواشنطن تريدها حرباً أما في تل أبيب وذلك لجر الغرب إلى هذه الحرب للدفاع عن إسرائيل ووجودها .
ويبقى السؤال هنا , متى ساعة الصفر؟
وأين وكيف ستبدأ الحرب؟
جميع الأحداث تدل على قرب اشتعال هذه الحرب مع تزايد الاستهدافات الإسرائيلية للأراضي السورية وتزايد النشاط الإيراني في سورية مع وصول أنظمة دفاع جوي متطورة تعمل طهران على تثبيتها على الجغرافيا السورية .

 

سيريا ديلي نيوز-سليمان محمد حسن


التعليقات