يكاد لا يمضي شهر أو أكثر لا نقرأ فيه عن معاناة الحكومة من مشاكل اقتصاد الظل كونه يعد متهرب ضريباً وغير معلوم المدخلات والمخرجات. كما أن أغلب المسؤولين الحكوميين صرحوا في كثير من المناسبات عن محاولاتهم لضبط اقتصاد الظل من خلال القوانين والعقوبات والمخالفات. وبرغم كل الضجيج الحكومي لمواجهة اقتصاد الظل إلا أن النتائج كانت مخيبة لآمالهم.
وبحسب منظمة الإسكوا فإن (اقتصاد الظل يتكون من الأنشطة. التي قد تعتبر منتجة بالمعنى الاقتصادي وقانونية أيضاً بشرط توفر معايير الالتزام بنظم معينة ولكنها مخفية عن عمد عن السلطات العامة. من أجل تفادي دفع الضرائب مثلا أو دفع اشتراكات الضمان الاجتماعي أو الالتفاف حول معايير أو متطلبات معينة).
ووفق الأرقام الرسمية الصادرة عن عدة جهات حكومية فإن هذا القطاع ليس مستحدث في سورية وكان موجوداً في السابق ولكن نسبة حصته من السوق الاقتصادي لم تكن تتجاوز 30% قبل العام 2010. ولكنه بدأ يتنامى ويتوسع مستفيداً من تغيرات الواقع الاقتصادي في سورية نتيجة ظروف الحصار والأزمة وتوابعها. حتى وصلت نسبة حصته إلى حوالي 90% من الاقتصاد الكلي في سورية.
الأرقام الحكومية
وبلغة الأرقام الحكومية فإن 99% من المشاريع في سورية هي مشاريع متوسطة وصغيرة ومتناهية الصغر وما تبقى هو 1% تعتبر مشاريع كبيرة. والمهم في هذه النسب أن الكتلة الكبرى من المشاريع المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر تعمل ضمن اقتصاد الظل. ما يشكل خسائر هائلة على الخزينة العامة من أموال الضرائب المهدورة.
ومما هو واضح فأن الحكومة تسعى لتحسين المطارح الضريبية لدعم الخزينة المالية مع تردي واقع الإنتاج الذي يفترض أن يكون الداعم الأول للخزينة. ولذلك تلجأ الحكومة في كل مرحلة إلى إيجاد أساليب جديدة للتحصيل الضريبي. وقد يكون أخرها قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بإلزامية السجل التجاري لكافة أصحاب المحلات التجارية حتى لو كانت دكانة صغيرة. وهو ما فسره غالبية المختصين وغير المختصين بأنه سعي من الحكومة لتحصيل ضرائب جديدة وذهب البعض لتسميتها بـ (حكومة الجباية).
النقطة الهامة في هذا القرار بأنه سيشمل عدد لا يستهان به من المحلات التجارية التي تعمل تحت غطاء اقتصاد الظل. وعليه يصبح السؤال البديهي، ما هو حجم الضرائب التي ستحصل من هذه المحلات. وهل هذا سيؤدي بها للعمل بأساليب ملتوية أو الإغلاق كما صرح أحد أعضاء غرف التجارة؟!
وعليه يمكن القول أننا نلتف حول ظلنا في إيجاد الحلول لدعم الخزينة، فبدلاً من فرض الضرائب وملاحقة المتهربين ومعاقبتهم وانتظار التحصيل الضريبي. لماذا لا ندعم الإنتاج كما تحدث كل من له علم في الاقتصاد. ولما لا نذهب إلى دعم المشاريع المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر بالقروض الميسرة مع وضع ضمانات معقولة لدعم العملية الإنتاجية. ومن ضمنها هذه المحلات التجارية وحتى الدكاكين الصغيرة التي فرض عليها السجل التجاري.
والمتعارف عليه بأن أي تحريك لعجلة الإنتاج سيأخذنا لزيادة الإنتاج وتطويره وبالتالي الاكتفاء بنسبة أفضل من الواقع الحالي مع تحقيق التنافسية. وصولاً إلى التصدير وإدخال القطع الأجنبي لخزينة الدولة. وعليه بدلاً من اختراع القوانين لمحاصرة اقتصاد الظل. لما لا نعمل على دعم الفعاليات الناشطة فيه لتصبح تعمل في الضوء وتنتج وتسدد الضرائب بدلاً من التهرب منها.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات