مع انطفاء الشموع الأخيرة من 2022، استودع السوريون أمنياتهم بالعام الجديد في صندوق بريد "بابا نويل"، كآخر الحلول التي يعرفونها للتخفيف من المعاناة التي باتت تستوطن لحظات حياتهم.تأمين "الكهرباء والمحروقات" وتخفيف الآلام العميقة التي أطلقها الحصار الأمريكي من قمقمه، تصدرت لائحة الأمنيات التي يتطلعون إليها مع بداية عامهم الجديد.
فالحصار الأمريكي الذي أكمل بعناية فائقة حلقة الحرب الإرهابية التي تعرض لها السوريين، دفع المعاناة إلى أقصى مستوياتها القياسية، بات يستوجب من "بابا نويل" تأمل آلام السوريين بجدية مطلقة، فالبرد القارس، وانقطاع التيار الكهربائي المتواصل مع ضيق الوضع المعيشي، كلها باتت مجرد أحلام يستلزم حلّها تدخل قدرات كالتي تتمتع بها هذه الشخصية الأسطورية التي تضطلع بتحقيق الأمنيات المستحيلة.
في مختلف الثقافات، يجدر ألا يفوت المرء الاحتفال بـ "الكريسماس"، لكن في سوريا يختلف الوضع قليلاً، فمنذ أحد عشرة عاماً يزور عيد الميلاد البلاد والحرب لم تنته سواء العسكرية أو الاقتصادية، ويستقبل السوريون عاماً جديداً بمزيد من الألم والأزمات والأمنيات.
في حديثها لـ "سبوتنيك "، تقول الشابة آية مرشد (طالبة جامعية): اليوم أقصى أحلام السوريين الحصول على بعض الدفء، في ظل أزمة المحروقات التي تضاعفت خلال عام 2022.
وتضيف مرشد خلال مشاركتها في احتفالية الميلاد في حي باب توما الدمشقي: أما الكهرباء باتت منسية بعدما وصل التقنين لثماني ساعات متواصلة أحياناً، إذ أصبحت الليدات والشموع والمولدات، بدائل لا غنى عنها في حياة السوريين.
لنا الشبل ذات الـ 25 عاماً، هي الأخرى تمنت عبر "سبوتنيك" أن تنخفض الأسعار في عام 2023، وأن تصبح الكهرباء أفضل، وأن يتم تأمين المازوت والبنزين والغاز.
ورغم جميع الصعوبات والأزمات وحالة الخنق الاقتصادي الذي يتعرض لها السوريون، فقد حاولوا رسم البسمة على وجوه أطفالهم على أمل أن يكون العام الجديد أفضل من العام الماضي.
يقول محمود الحلبي لـ "سبوتنيك": قدمت هذا العام من حلب إلى دمشق لقضاء فترة العيد مع عائلتي على أمل أن تكون الأوضاع أفضل في العام القادم":
يضيف الحلبي بصوت مفعم بالأمل المشوب بالخوف: في الوقت الذي ينتظر فيه أطفال العالم رسالة بابا نويل، ينتظر أطفال سوريا رسائل الغاز والمازوت على جوالات أهلهم كي ينعموا بالدفء المؤقت.. وفي الوقت الذي يضيء فيه أطفال العالم الشموع ابتهاجاً بعيد ميلاد السيد المسيح، يضيء أطفال سوريا الشموع مجبرين مكرهين لانعدام الكهرباء في المنازل".
وبالرغم من انقطاع الكهرباء لفترات طويلة، فقد تم إقامة العديد من أشجار الميلاد المضاءة كما تم تزيين الشوراع بالمصابيح، وكل ذلك التي تعمل على الطاقة البديلة "شمسية أو ليدات أو حتى مولدات كهربائية" أملا بنفض غبار الحرب والحصار الاقتصادي مع بداية العام الجديد.
محمد يزن الذي يشارك مع أطفاله الاحتفالات المقامة في منطقة القصاع في دمشق، تمنى أيضا أن تكون سوريا أفضل بكثير خلال العام القادم اقتصادياً وسياسياً، فالشعب صبر وتحمل الحرب والقذائف والحصار يجب أن يعيش ويفرح من أجل أطفاله الذين لا ذنب لهم بالحرب وتوابعها.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات