تقتطع سماهر ذات 35 عاماً مطلع كل شهر مصروف للكلب الذي تربيه قبل دفع أجرة منزلها، أو المبلغ المخصص لنفقاتها الشخصية، وتقول لـ “أثر”: “أقبض راتبي الشهري ثم أشتري على الفور طعامه، ولقاحاته إن لزم الأمر”.
أما رشا معلمة لغة فرنسية، تتبع سياسة مختلفة بعد ارتفاع التكاليف، فتقول لـ “أثر”: “في الماضي كنت أدلل قطي وأشتري له الطعام الخاص به، لكن الآن تغير الوضع، فبات يأكل من الطبخ وأحياناً أشتري له رقاب الدجاج التي تكون رخيصة الثمن”.
يختلف الحال عند بثينةـ فمصروف كلابها يتكفل به زوجها الذي يعمل خارج البلاد، تقول لـ “أثر”: “المصروف ليس كبيراً كما يُردَّد ويقال، في كل شهر نشتري لها قرابة 10 كيلوغرامات من الرقاب، والعظام المطحونة بنحو 50 ألف ليرة سورية، وهو مبلغ صغير مقارنة بغلاء الأسعار”.
أصبحت تربية الحيوانات الأليفة كالقطط والكلاب ظاهرة منتشرة انتشاراً كبيراً في مجتمعاتنا على الرغم من الغلاء الكبير للتكاليف من حيث الطعام واللقاحات والأدوية وغيرها من إكسسوارات رفاهية الحيوان في المنزل.
يؤكد أبو يوسف، صاحب محل لبيع أدوات زينة الحيوانات الأليفة لـ “أثر” أن محله الذي لا يتجاوز 15 متراً مربعاً يحقق مدخولاً مرتفعاً قياساً ببعض المهن الأخرى، مشيراً إلى أن هناك بعض الورش التي تصنع مستلزمات الحيوانات بإدخال اللمسة الشرقية الدمشقية والتي باتت مطلوبة في ظل إيقاف الاستيراد، إضافة لبيع المأكولات الخاصة بالحيوانات الأليفة والتي ارتفع سعرها 3 أضعاف ومازال الطلب عليها جيد.
إقبال على اقتناء الحيوانات بسبب طاقتها الإيجابية:
نقيب الأطباء البيطريين في سوريا الدكتور إياد السويدان لم ينكر خلال حديثه مع “أثر” الازدياد الملحوظ في الإقبال على اقتناء الحيوانات الأليفة في المنازل، وخاصه بعد الأزمة التي ألقت بظلالها على الحالة الاجتماعية، فأصبحت تربية الحيوانات الأليفة ظاهرة موجودة في المجتمع لتعزيز الطاقة الإيجابية التي تصدرها الحيوانات الأليفة، وتقليل التوتر والقلق والشعور بالوحدة، خاصة بعد سفر أفراد كثيرين من الأسرة الواحدة خارج سوريا.
وأشار في تصريحه لـ “أثر” إلى أن أسباب ارتفاع تكاليف العلاج والغذاء تعود للوضع الاقتصادي العام، فله الدور الأساسي وخاصة أن غالبية اللقاحات والأغذية الخاصة بالقطط والكلاب ليست صناعة محلية ومرتبطة بسعر صرف الدولار.
المعوقات الموجودة:
وأوضح السويدان أن الصعوبات الحالية تكمن في ضعف الخبرة عند بعض الأطباء البيطريين المعالجين وضعف في طب الطوارئ أيضاً، وغلاء أجهزة التشخيص الخاصة بهذه المهنة كجهاز الإيكو وجهاز تصوير الأشعة وأجهزة أخرى وصعوبة تأمين مواد كالمخدر الخاص بالعمليات الجراحية، أما فيما يخص الأدوية واللقاحات الخاصة بالحيوانات الأليفة متوفرة بنسبة كبيرة بالاستيراد أو صناعة محلية ويجري العمل مع وزارة الزراعة لدراسة أي لقاح نوعي للسماح باستيراده إذا دعت الحالة الوبائية لذلك من خلال اللجنة الصحية الاستشارية في وزارة الزراعة.
لا يوجد تنسيق
وأضاف الدكتور السويدان، أن مهنة الطب البيطري هي مهنة إنسانية بالدرجة الأولى؛ فمن الواجب حماية الحيوان حتى إذا لم يكن له صاحب أو كان شارداً ومن أهداف النقابة المساهمة في حماية البيئة والمشاركة في  الهيئات والمجالس واللجان الفنية المشكّلة في مختلف الوزارات المعنية بالثروة الحيوانية، والمساهمة في إعداد الدراسات المتعلقة بالتشريعات الخاصة بالرفق بالحيوان وحمايته وتشجيع إقامة الجمعيات والندوات الخاصة بذلك، والمساهمة في حماية البيئة، وهناك رابطات علمية تخصصية كرابطة طب وتربية الحيوانات الأليفة، ورابطة الصحة العامة والبيئة، لكن وللأسف الشديد لا يتم التنسيق معنا وهناك جمعيات هدفها مالي بحت ولا ترقى للهدف الإنساني النبيل الذي أُسست من أجله، على الرغم من أننا كنقابة الأطباء البيطريين جاهزون للتعاون مع أي جمعية وتقديم الخبرة مجاناً وإقامة دورات تخصصية.
اقتراح للاستيراد:
وبيّن أنه يجب أن يكون الإطار القانوني للجمعيات الخاصة بكل ما يتعلق بالثروة الحيوانية مرتبطاً مع نقابة الأطباء البيطريين ووزارة الزراعة والإصلاح الزراعي وبإشرافهما.
واقترح نقيب الأطباء البيطريين في سوريا السماح باستيراد الطعام الخاص بالحيوانات الأليفة؛ فتجربة دول الجوار والتي استمرت لأكثر من 10 سنوات، لم تنجح في الوصول للجودة المطلوبة فتصنيع الطعام الخاص بالحيوانات الأليفة يحتاج إلى دقة وجودة ومعايير عالمية أشبه أن تكون بخلطة سرية ونأمل أن يتم ذلك في سوريا بعد زمن.و

سيريا ديلي نيوز- نور ملحم


التعليقات