تعرضت المواقع الأثرية والمتاحف السورية للنهب والسرقة على يد المهربين وتجار الآثار، على الرغم من محاولة الحكومة السورية إنقاذ ما أمكن من الكنوز والقطع الأثريـة الموزعة على 11 متحفاً وطنياً، ووضعت خطة حماية استراتيجيّة، لكن ماذا تفعل لحماية مواقع كانت تجري فيها تنقيبات وحفريات أثرية خارج سيطرة الدولة؟
إذ رصدت منظمات حقوقية وأخرى معنية بالآثار عدداً من الانتهاكات التي طالت مواقع أثرية شمالي سوريا قامت بها فصائل عسكرية موالية لتركيا بقصد التنقيب عن الآثار ونهبها ثم بيعها في تركيا.
تخريب ممنهج
مدير الآثار والمتاحف في سوريا د.نظير عوض أكد لـ “أثر” أن أعمال التنقيب السرية التي تقوم بها تركيا والفصائل المسلحة، في مناطق الشمال خربت أغلب المواقع الأثرية، وألحقت الضرر بالكتل المعمارية لبعض المتاحف نتيجة التفجيرات، إضافة إلى عمليات التزوير، وخاصة التماثيل ولوحات الفسيفساء.
ولفت في تصريحه إلى أن أعمال التدمير الممنهج للتراث الثقافي السوري تتوالى من الاحتلال التركي وفصائله في المناطق الخاضعة لسيطرته شمالي سوريا كافة.
وأشار عوض إلى أنه قبل الحرب كان عدد البعثات الأثرية الأجنبية والمشتركة 103 بعثات تعمل في مجال التنقيب في كل المحافظات السورية، على حين تقلصت في الحرب إلى 12 بعثة محلية وبعثة أثرية واحدة مشتركة سورية-هنغارية، مع الإشارة إلى انعدام البعثات الأجنبية.
وأضاف أنه تم توثيق ما يزيد على 10 آلاف تل أثري مكتشف في سوريا، كثير منها تعرض للتخريب والتنقيب غير الشرعي، وتجريفها سبّب تخريباً للسويات الأثرية (التي تحدد الأزمنة والحقب التاريخية المختلفة).
كما وثقت المديرية العامة للآثار والمتاحف 710 مواقع ومبان أثرية تعرضت للتخريب، وتراوحت الأضرار بين التخريب الجزئي، والاندثار أو التهدم الكامل.
وبيّن عوض أن أبرز المواقع التي تعرضت للتنقيب هي مملكة ماري ودورا أوروبس في محافظة دير الزور، وقلعة الرحبة في الميادين، وموقعا حلبيا وزلبيا إضافة إلى تلال أبو علي، وتل السن، لافتاً إلى أن أكبر نسبة تخريب وتنقيب كانت في موقع أفاميا وتل قرقور، وفي حلب تعرضت تل أم المرأة وتل شاش حمدان وكذلك موقع الأنصاري إلى السرقة، مؤكداً أنّ إعادة تأهيل وترميم تلك المواقع الأثرية يحتاج إلى مبالغ باهظة ومدة زمنية طويلة.
وختم العوض كلامه بالإشارة إلى أنه تم توقيع عدد من الاتفاقيات لترميم الآثار السورية، منها ترميم نحو 20 قطعة أثرية سورية فريدة أغلبها من تدمر بعضها يعود إلى أربعة آلاف عام قبل الميلاد بعد أن تم نقلها الأسبوع الماضي من سوريا إلى براغ بالتعاون مع المديرية العامة للآثار والمتاحف، كما تم توقيع اتفاقية مع وزارة الثقافة الروسية بالتعاون مع متحف الأرميتاج الوطني والمؤسسات الثقافية الأخرى، إضافة إلى الاتفاق مع منظمة “اليونيسكو” بشأن الآثار التي طالها الإرهاب في سوريا.
بالأرقام.. أضرار الآثار
مع استعادة بعض المناطق الأثرية يظهر حجم التخريب فيها، الذي لا يقتصر على النهب والمتاجرة، فبحسب التقرير الصادر عن مديرية الآثار والمتاحف، تم تهريب ما يزيد على مليون قطعة أثرية من سوريا في أثناء سنوات الحرب، سرقها لصوص وعصابات تهريب تركية.
وأشار التقرير إلى تضرر 31 موقعاً أثرياً في دمشق، و14 في ريف دمشق، و6 في السويداء، و74 في درعا، و20 في القنيطرة، و114 في حمص، و21 في حماة، و54 في إدلب، و227 في حلب، و2 في طرطوس، و5 في اللاذقية، و15 في الرقة، و82 في دير الزور، و46 في الحسكة.
كما سرقت الفصائل المسلحة نحو 75 ألف قطعة أثرية من المتاحف السورية، من بينها مقتنيات متحف إدلب، إضافة إلى سرقة نحو 6000 قطعة أثرية من متحف الرقة، فضلاً عن نهب نحو 50 ألف قطعة من مستودعات إدلب، ونحو 20 ألفاً من مستودعات الرقة.
أما القطع المستردَّة، فبيّن التقرير قيام عدد من السوريين المغتربين بشراء قطع أثرية عُرضت للبيع، ليعيدوها إلى سوريا، إذ تمت استعادة ما يزيد على 35 ألف قطعة أثرية حتى الآن، إضافة إلى القطع الذهبية التي تمت استعادتها في محافظة اللاذقية.
سيريا ديلي نيوز- نور ملحم
2022-10-24 21:31:01