تسود أجواء من التوتر والقلق أوساط الدوائر الأوروبية مع توارد التقارير التي تشير إلى احتمال تحقيق ائتلاف اليمين الإيطالي فوزاً كبيراً في الانتخابات التشريعية المقررة غداً الأحد. ويخشى الأوروبيون، بشكل خاص، من أن تقع إيطاليا فريسة لقوى اليمين المتطرف، بعد السويد إثر تحقيق حزب ديمقراطيي السويد الشعبوي المتطرف فوزاً كبيراً فيها، ويستعد للمشاركة في الحكومة المقبلة.
وتتولى جورجيا ميلوني زعامة «حزب إخوة إيطاليا» اليميني المتطرف، ووريث الحركة الفاشية الإيطالية الجديدة، ويشكل حزبها مكوناً أساسياً في الائتلاف اليمني الذي يخوض انتخابات الغد بتوقعات تشير إلى حصوله على الأغلبية المطلقة في مجلسي النواب والشيوخ، على حساب الحزب الديمقراطي بزعامة إنريكو ليتا الذي فشل في تحقيق وحدة بين الوسط واليسار.
ويضم الائتلاف اليميني إضافة إلى حزب ميلوني، «حزب الرابطة» المناهض للهجرة، وحزب «فورتسا ايطاليا» الذي يتزعمه السياسي المخضرم سليفيو برلوسكوني. وفي حال لم تناقض التوقعات النتائج على أرض الواقع، فإن ميلوني قد تصبح أول امرأة تتولى رئاسة حكومة يمينية متشددة في إيطاليا.
والأمر ليس نفسه في السويد؛ بعد تحقيق حزب ديمقراطيي السويد المتطرف، فوزاً جعله يحتل المركز الثاني في ترتيب الفائزين، وهو ما جعله عاملاً مرجحاً في تشكيل الحكومة. كما أبدى قادة الحزب بالفعل رغبة أكيدة في المشاركة في الطاقم الوزاري. إلا أن المراقبين قالوا إن أولف كريسترسون، المكلف بتشكيل الحكومة السويدية الجديدة، يملك خيارات أخرى لا تضم الحزب الشعبوي.
في ظل تهديدات قادة أحزاب المعتدلين والمسيحيين الديمقراطيين والليبراليين برفض مشاركة الحزب المتطرف في الحكومة، ربما يتجه كريسترسون إلى تشكيل حكومة ائتلافية مع الأحزاب الثلاثة تاركاً ل«ديمقراطيي السويد» مقاعد المعارضة.
وفي المقابل سيكون قادة الحزب الإيطالي المتطرف في قلب الحكومة الجديدة إلى جانب مسؤوليتهم المباشرة في تشكيلها حسب ما تقول الاستطلاعات على عكس نظرائهم في السويد. وتمّت الدعوة إلى الانتخابات الإيطالية عقب استقالة رئيس الوزراء ماريو دراجي في يوليو/ تموز الماضي، بعدما سحبت ثلاثة أحزاب في ائتلافه دعمها له.
ويمثل انتصار المتطرفين في إيطاليا تهديداً كبيراً للاتحاد الأوروبي ووحدة كيانه وسياساته، فإيطاليا دولة رئيسية في الاتحاد الذي يواجه حالياً تحديات كبيرة، وأزمات دولية معقدة، وستكون قوة الموقف الأوروبي مهددة إذا تسلمت قوى مناهضة لفكرة الوحدة الأوروبية زمام السلطة في هذا البلد.
لكن أوروبا لها رهاناتها أيضاً. فهناك انقسامات عميقة بين الأحزاب التي تشكل الائتلاف اليميني على الرغم من اتفاقها في بعض بنود البرنامج الاقتصادي وقضايا الإنفاق الدفاعي ومعاداة المهاجرين ومنع الأسلمة. هناك خلافات حول الموقف من الحرب الأوكرانية مثلاً وهو خلاف يمكن أن يهدد وحدة الائتلاف ويجعل الحلفاء ينقلبون إلى أعداء.
بدأت الخلافات تظهر بشكل علني خصوصاً حول قضية من الذي سيشكل الحكومة في حال فوز الائتلاف. هذا الخلاف برز تحديداً بين رئيسة الحزب المتطرف وبين السياسي المخضرم ورئيس الوزراء السابق برلسكوني. والخلاف بين الشريكين حول هذه القضية الشديدة الحساسية لكليهما مرشح للتصاعد خلال الفترة المقبلة.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات