ينظر الفلاح مصعب الدروبي بحسرة للمحراث الذي يحرث به أرضه في ريف حمص، يقول: “هذا العام لم أتمكن من زراعة سوى عشرة دونمات من الأرض التي أملكها”، لافتاً إلى أن ارتفاع الأسعار ينعكس على العملية الزراعية سلباً، خاصة أن مستلزمات الإنتاج الزراعي لم تعد متوفرة، وهذا يجعل عمل المزارع يقتصر على زراعة مساحات محدودة ليحصل على المردود الذي يعوض جهده، مبيناً أن معظم المستلزمات الزراعية كالأسمدة والمبيدات والمحروقات تُشترى من السوق السوداء وبسعر مضاعف بعدما توقفت الحكومة عن بيع معظم هذه المواد بالسعر المدعوم، وهذا بدوره أثر في الأسعار والمستهلك بالدرجة الأولى.
الدروبي واحد من مئات الفلاحين السوريين الذين أثقل كاهلهم ارتفاع الأجور وغلاء الأسعار ووعود متوقفة عند عتبة باب المسؤولين، فمعظمهم غير قادر على تأمين تكاليف الزراعة على الرغم من أنها مصدر رزقهم الوحيد سواء للاستهلاك اليومي كالخضراوات، أم للتخزين، أم للبيع أم لصنع مؤونة الشتاء.
نضال الديب أحد مزارعي ريف حمص يقول لـ “أثر برس”: “تم توزيع كيساً واحداً فقط من الأسمدة على الفلاحين (بسعة 50 كيلوغراماً) وهي لا تكفي؛ فكل دونم زراعي يحتاج إلى نصف كيس تقريباً في كل موسم، لذلك نستعين بالسوق السوداء لشراء الأسمدة من بأسعار مضاعفة”، لافتاً إلى أن الأسمدة الأجنبية تعطي نتائج إيجابية، خاصة عند شرائها من شخص موثوق كان قد جربها معظم الفلاحين ووجدوا أنه فعال.‏
وبحكم أنه مؤخراً ارتفعت أسعار الأسمدة الآزوتية بحسب النشرة الصادرة عن المصرف الزراعي (يباع اليوم طن اليوريا بـ2.433 مليون ليرة، وطن نترات الأمونيوم بـ1.516 مليون ليرة)، بات معظم الفلاحين يتوجهون لشراء الأسمدة المهرّبة مجهولة المصدر للاستمرار في العمل لسهولة الحصول عليها.
مدير وقاية النبات في وزارة الزراعة الدكتور إياد محمد أوضح في تصريح أن المديرية نظّمت 20 ضبطاً خلال الشهر الماضي في حمص وحماة وريف دمشق واللاذقية لبيع وتداول المواد الزراعية دون رخصة زراعية، ووجود كمية من المبيدات الزراعية المهربة والأسمدة مجهولة المصدر في مراكز زراعية أخرى، لافتاً إلى أنه تمت مصادرة الكميات المخالفة وتنظيم ضبوط أصولية بهذه المخالفات.
وأشار المحمد إلى أن الأسمدة المهربة تدخل الأسواق عبر المعابر غير المراقبة، مبيناً أن معظم الفلاحين يشترون هذه الأسمدة والمبيدات لرخص أسعارها في مراكز البيع، على الرغم من توجيه تحذيرات عدة لمراكز بيع وتداول المواد الزراعية للامتناع عن تداول المبيدات المهربة ومجهولة المصدر، والتأكد من فترة صلاحية المواد الزراعية المعروضة في المركز.
وتدعم الحكومة المزارعين عن طريق الجمعيات الفلاحية التابعة لاتحاد الفلاحين فقط، التي تعد المسؤول المباشر عن توزيع الأسمدة والمازوت الزراعي المخصص للجرارات والحصادات، ولكن العقوبات الاقتصادية أثرت تأثيراً كبيراً في القطاع، وهذا أدى إلى اتخاذ قرارات عدة ظهرت نتائجها في الأسعار بالدرجة الأولى.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات