ملأ الرجل إنتاجه من التُفّاح في أكياس من النايلون، وركنها أمام بيته داعياً مُربي الأبقار إلى شراء الكيس الذي يحوي 20 كيلو تُفاح بمبلغ ألفي ليرة؛ لاستعماله كعلف للحيوانات بعدما انخفضت الأسعار إلى ما دون التكلفة بأكثر من النصف.
المربي مصطفى عبد الرحمن، من الغاب في حماة، أكّد أنه اشترى 400 كيلو تُفّاح، بسعر لا يتجاوز 300 ليرة للكيلو، سيُقدِّمه علفاً لأبقاره.
وأشار عبدالرحمن ، إلى أن نوعية التُفّاح الذي اشتراه؛ تُباع في المحافظات بما لا يقلّ عن 1500 إلى 2000 ليرة للكيلو غرام الواحد.
الموسم الحالي هو التُفّاح، واستغاثات منتجيه لا تختلف عن غيرهم من  منتجي الحمضيات، أو البندورة، أو ما يحصل مع أي موسم يخسر فيه المنتج ولا يطاله المستهلك، بسبب انخفاض القدرة الشرائية التي تحدّ من الاستهلاك الداخلي، مع صعوبة التصدير، وغياب الدور الإيجابي لمؤسّسات التدخُّل الإيجابي “السورية للتجارة”؛ التي سعّرت بأقل من التكلفة للكميات المحدودة التي يمكن أن تستجرّها.
تجفيفه كعلف
خبير زراعي في منطقة اللاذقية، قال، إن “خيبة منتجو التُفّاح كبيرة هذا العام، لذلك دعا مربي الثروة الحيوانية لشراء التفاح الرّخيص وتجفيفه بالشمس، ومن ثمّ حفظه للشتاء، لأن قيمته الغذائية عالية، ويُحسِّن كمية ونوعية الحليب”.
وقال الخبير، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، إن وجود السكر فيه (التفاح المجفّف) “يساعد الماشية على تحمل برد الشتاء الذي يتسبّب بالكثير من الأمراض”.
الحال ذاته في حمص، اللاذقية والسويداء، ورغم أن السويداء، تنتج “أفضل أنواع التُفاح في العالم”، حسب قول وزير التجارة الداخلية في الحكومة السورية، عمرو سالم؛ في أحد اجتماعاته، إلا أن حملة التُفاح المُعدَّة للتصدير إلى مصر عادت “لعدم مطابقتها للمواصفات”.
وعقّبت وزارة الزراعة على الموضوع بالتأكيد أن المشكلة “ليست في المُنتَج بذاته وإنما في الأثر المُتبقِّي من المبيدات المُهرَّبة التي تدخل البلد والتي يستخدمها المزارعون بطرقٍ غير صحيحة”.
أين السورية للتجارة؟
مع كل أزمة من هذا النوع، تُعلَّق الآمال على السورية للتجارة؛ رغم الخيبات التي يلتمسونها من دورها في كل عام وفي كل موسم.
يقول منتجون للتُفاح في منطقة الحفّة، بمحافظة اللاذقية، إن تكلفة الكيلو غرام “لا تقلّ عن 2250 ليرة”، بينما السعر الذي تعرضه السورية لاستجرار التُفاح “لم يتجاوز 800 – 1000 ليرة”، أي أقل من نصف التكلفة، وهذا ما وصفه بعضهم بـ”الظلم”.
ارتفاع التكاليف
أضاف منتجون، أن التكلفة مرتفعة في كل مراحل الإنتاج بدءاً من حراثة الأرض أو ريِّها، انتهاءً بدفع تكاليف الإنتاج ثم جني المحصول.
وقال المزارع كامل طيبة، من اللاذقية، إن “سعر ليتر المُبيدات؛ وصل إلى 200 ألف ليرة، وهذا دون حساب الأتعاب طوال العام”.
وأضاف منتجون من حمص، إن تكاليف الإنتاج هذا العام “مرتفعة جداً” خاصة تكاليف الرشّ والمُبيدات، حيث أشار المزارع أسعد ونوس، إلى أن “كلفة رشّ 30 دونم تُفاح وصلت إلى 17 مليون ليرة”.
ويحاول اتحاد الفلاحين أن يقول كلمة، “لكنها في الواقع لا تُقدِّم ولا تُؤخِّر في أغلب الأحيان”، حيث بيّن مصدر في اتحاد فلاحي اللاذقية، لنورث برس، أنهم اعترضوا على التسعيرة التي عرضتها السورية للتجارة، واقترحوا أن لا تقلّ عن 1600 ليرة.
وأشار المصدر، إلى أن التسعيرة أقلّ من التكلفة “لكنها أكثر عدلاً من التسعيرة التي قدمتها السورية للتجارة”.
وقدّرت مديرية زراعة اللاذقية؛ الإنتاج من محصول التُفاح للموسم الحالي، بـ”أكثر من ٢٦ ألف طن”، في حين قدّرت زراعة حمص؛ إنتاج التُفاح بنحو “80 ألف طن من المساحة المزروعة البالغة  11 ألف هكتار”.
محرومون
ومن المشاكل التي يواجهها المنتجون أيضاً، غياب إمكانية استخدام البرّادات المخصّصة للتخزين؛ بسبب تقنين الكهرباء من جهة، وارتفاع أسعار المازوت الذي حال دون سحب كميات من التُفاح المطروح في الأسواق كما اعتادوا أن يفعلوا.
وطالب “ونوس”، بتدخُّل السورية للتجارة، واستجرار كميات أكثر” علّها تُساهم في رفع أسعار الاستجرار من المنتجين، أو تأمين المازوت كحدّ أدنى”، رغم تأكيد البعض منهم على أن كل ما تستجرَّه السورية، يمكن لمنتج واحد أن يغطيه كله.
ولكن المؤسف في تلك اللوحة التي تتكرّر مع كل المواسم، أن انخفاض أسعار المادة الذي يشكي منه المنتجون، لا يُحدث أي فرق على مستهلك يصله سعر كيلو التُفاح في المحافظات بما لا يقلّ عن “ألفي ليرة وقد يصل إلى 6 آلاف ليرة”، لكثرة الحلقات الوسيطة وارتفاع تكاليف النّقل والسماسرة والرشاوى، بحسب سكان.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات