رغم النسبة الأكبر التي تشكّلها القضايا المالية المتعلقة بالقطع الأجنبي من مجمل القضايا الواردة إلى محكمة الجنايات الاقتصادية والمالية، إلا أن تراجع عدد دعاوى التعامل بغير الليرة السورية التي تشكّل 25% من الدعاوى المالية ينسبه القضاء إلى المرسوم 3 لعام 2020 الذي شدد عقوبات التعامل بغير الليرة لتحقيق الردع بعد أن أصبحت معظم المعاملات التجارية والصناعية والعقارية تحسب بالدولار “ولو من تحت الطاولة”.
وبحسب ما صرحت به وزارة العدل بعيد أشهر من إصدار المرسوم، فقد سُجلت حينها 250 دعوى تعامل بغير الليرة خلال فترة وجيزة، أما اليوم فيكشف رئيس محكمة الجنايات المالية والاقتصادية القاضي نظام دحدل في أن مجمل الدعاوى المالية: (تعامل، حوالات، صرافة، تزوير) بلغ عددها 172 دعوى منذ بداية العام، فصل منها 126، فيما تشكّل دعاوى التعامل بمفردها ربع القضايا تقريباً، أي نحو 43 دعوى، مؤكداً أن عدد الدعاوى تراجع بشكل كبير بعد المرسوم 3 الذي فرضته الظروف الراهنة للردع، والحفاظ على السياسة المالية والاقتصادية للدولة، وذلك لما يسببه التعامل من إضعاف للاقتصاد الوطني، وزعزعة الثقة به.
ولا حالة حيازة
ومع أن المرسوم وما تلاه من قرارات أصدرها المصرف المركزي، لحظت الحالات الخاصة التي يحتاجها التاجر والصناعي وشركات الشحن للتعامل بالقطع، وسهلت المهمة من خلال التمويل عبر مصارف وشركات صرافة رسمية، إلا أن الاعتراضات لم تتوقف حتى يومنا هذا، حيث يستغل قطاع الأعمال أية فرصة ليجدد مطالبه بإلغاء المرسوم بحجة تطبيقه الخاطئ، على حد تعبيرهم، وإلقاء القبض على الكثير من التجار والصناعيين لمجرد الحيازة، إلا أن دحدل أكد أنه منذ إصدار المرسوم لم ترد ولا حالة واحدة بتهمة حيازة فقط، علماً أنه لا عقوبة على الحيازة، مضيفاً: أتحدى أن يثبت أحد إلقاء القبض عليه لمجرد امتلاكه للقطع، فالدعوى تؤسس بناء على وثائق ومعطيات ومراقبة لإثبات التداول.
وأوضح دحدل أن ما يتم هو رصد الشخص بناء على معلومة بتعامله بغير الليرة، ومتابعته من قبل الأجهزة المختصة، ويتم تفتيشه عند القبض عليه ومصادرة ما بحوزته من قطع لصالح الدعوى وليس لمجرد الحيازة، وذلك بوقائع مؤيدة بأدلة ثبوتية، كما أن الدعوى تمر بمراحل عدة، بدءاً من النيابة للتحقيق المالي للإحالة للجنايات المالية، وصولاً إلى محكمة النقض، ويعطى المتهم كل حق للدفاع عن نفسه.
تشديد بشروط
وأشار دحدل إلى أن الحد الأدنى لعقوبة التعامل بغير الليرة السجن سبع سنوات، ولا يجوز إخلاء السبيل خلالها، والغرامة بمثلي المبلغ المصادر، مؤيداً رفع العقوبة لمن يمتهن هذا العمل وليس لكل الحالات، فمن يسحب القطع من الأسواق ليتاجر به ويشكّل ثروات باهظة من خلاله، ليس كمن يوصل حوالة بعمولة 3000 ليرة، فكلاهما جرم، لكن القانون أعطى الصلاحية للقاضي بتشديد أو تخفيف الحكم بحسب ظروف وطبيعة الجرم.
براءة “العام”
وكشف رئيس محكمة الجنايات المالية عن قضية تضم شبكة من المخلّصين الجمركيين يزوّرون إجازات الاستيراد، والوكالات، بحيث يستورد التجار مواد غير مسموح بها تحت بنود المسموح استيراده، ويعملون على سحب الدولار من الأسواق ومن المنافذ الرسمية بحجة الاستيراد، حيث تكثر في المحكمة دعاوى المخلّصين ومعقبي المعاملات، أما القطاع العام والمصارف العامة والخاصة فهي “بريئة” من القضايا المالية المتعلقة بالقطع، حيث توجد متابعة حثيثة للمصارف وشركات الصرافة، وتدقيق في الحوالات.
وفي الوقت الذي كثر فيه الحديث عن الدولار المجمد والدولار القديم والجديد والأزرق والأبيض، إلا أنه لم ترد للمحكمة أية قضية من هذا النوع وفقاً لدحدل الذي بيّن أن التعامل بالدولار جريمة مهما كان نوعه و”لونه”.
استغلال الشبكة
أما عن استخدام شبكة الأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي للترويج أو بيع القطع أو تصريف الحوالات، فهنا يكون الجرم معلوماتياً أولاً، ويتم تحويله للجنايات المالية في القضايا المتعلقة بها، وتكون العقوبة على كلا الجرمين، مشيراً إلى تسجيل قضيتين هذا العام لاستغلال الشبكة في تحويل وتصريف الحوالات.
صدارة الحوالات
من جهة أخرى، ومع استمرار الفرق بين سعر الصرف الرسمي وسعر “السوداء”، لاتزال قضايا الحوالات الخارجية غير الرسمية تستحوذ على القسم الأكبر من الجرائم المالية، وهي آخذة بالتزايد أيضاً حسب دحدل الذي أشار إلى الانتشار الواسع لتصريف الحوالات، واستغلال فتيات جامعيات لتوصيلها مقابل نسبة منها، علماً أن القانون يعاقب عليها بـ 3 سنوات سجن كحد أدنى، و15 أعلى.

سيريا ديلي نيوز


التعليقات