بدا تأثير الوضع الاقتصادي الصعب وما تمر به الأسواق من ارتفاع كبير في الأسعار واضحاً، فضعف القوة الشرائية للمواطنين غير من طقوس الاحتفال بعيد الأم هذا العام ، فالكثيرون اكتفوا بـ«الفرجة» فقط على واجهات المحال ، بينما فضل آخرون شراء هدايا رمزية تلبي احتياجات الأسرة والمنزل، لتستخدمها الأمهات في أعمالهن اليومية، في حين غاب تداول الذهب بشكل شبه كامل .

قالب” الكاتو” بنصف راتب
من المتعارف عليه أن مثل هذه المناسبات تعد فرصة لأصحاب المحال يعملون على اقتناصها واستغلالها لتعويض خسائرهم خلال العام ، فهم يعملون على مضاعفة الأسعار بشكل كبير .
في جولة لمراسل ” تشرين ” على بعض محال الحلويات في دمشق لوحظ اختلاف في أسعار “الكاتو” المزين حسب كل منطقة، ففي المحال المحيطة بسوق باب سريجة تراوح سعر القالب بين 30 و40 ألف ليرة، في حين بلغ سعره في منطقة المزة الشيخ سعد بين 50 و 80 ألف ليرة، أي ما يعادل 3 أضعاف سعره عن العام الماضي الأمر الذي دفع ببعض المواطنين إلى تغيير عاداتهم الاحتفالية ولجوئهم إلى صناعة الكاتو منزليا.
تقول بثينة – مهندسة في وزارة الاتصالات لـ ” تشرين” : ليس لدي القدرة على دفع نصف راتبي لشراء قالب كاتو، لذلك قررت صناعته هذا العام في المنزل وإضافة الكريمة الجاهزة عليه وهذا لم يكلفني أكثر من 10 آلاف ليرة ، فلا يمكن إقامة حفلة ل”ست الحبايب” من دونه”.
من جانبه صرح مؤيد -صاحب أحد المحال في منطقة المزة الشيخ سعد ل”تشرين ” بأن السبب وراء ارتفاع أسعار الكاتو يعود إلى ارتفاع المواد الأولية لصناعته ( البيض والطحين والسمن والزيت النباتي) كما إن مواد الزينة من مكسرات ” الجوز واللوز والفواكه المجففة مرتفعة بشكل كبير ، إضافة لذلك فإن للغاز والكهرباء دورا بارتفاع الأسعار أيضاً نتيجة انقطاع الكهرباء لفترات طويلة لذلك نعمل على إشعال المولدة التي تعمل على المازوت حيث يتم شراء الليتر بـ3000 ليرة، إضافة إلى ندرة الغاز، إذ وصل سعر الأسطوانة في السوق السوداء إلى 125 ألف ليرة ، لذلك فإن هذه التكاليف جميعها تضاف إلى الأسعار
لكي لا يخسر المحل .

ارتفاع الأسعار رغم التخفيضات
رغم المنافسة التي شهدتها أسواق الألبسة من خلال العروض والتخفيضات، إلا أن سوق الملابس لم يشهد حركة كبيرة أيضاً ، وبقيت أسعارها مرتفعة، حيث تراوحت أسعار الجزادين النسائية بين 15 و 30 ألف ليرة، ووصل سعر الحذاء المتوسط الجودة إلى ما يقارب 35 ألف ليرة ، أما ” التيور” فوصل سعره وسطياً ل40 ألف ليرة ، والكنزات ما بين 20 و50 ألف ليرة وساعات اليد بين 5 و30 ألف ليرة، في حين اختلفت أسعار المعاطف النسائية حسب جودتها، فتراوح سعر المعطف بين 50 ألفا في حده الأدنى و150 الفا في حده الأعلى ووصل سعر الوردة الصناعية هذا العام إلى ما يقارب 10 ألاف ليرة .

الذهب للادخار فقط
غاب الذهب بشكل كامل هذا العام عن طقوس الاحتفال بعيد الأم، والسبب يعود إلى ارتفاع ثمنه بشكل كبير، مع وصول سعر الغرام لأكثر من 208 ألاف ليرة.
وحسب جورج ، صائغ في منطقة الحريقة، فإن الذهب لم يعد من هدايا عيد الأم، وأوضح أن غلاء الأسعار والأزمة الحالية وميزانية الأسرة التي لا تستوعب ارتفاع أسعاره، كل ذلك أدى إلى غيابه في قائمة خيارات المواطنين.
بالمقابل أشار رئيس جمعية الصاغة في دمشق غسان جزماتي في تصريحه لـ”تشرين ” إلى أن مواسم الأعياد ومنها “عيد الأم ” تعد فرصة كبيرة لزيادة المبيعات لدى العاملين في قطاع الذهب ، لافتاً إلى أن الإقبال الحالي هو لأصحاب السيولة لشراء الذهب كنوع من الادخار لذلك تنوعت المبيعات لذهب الادخار بين ليرات وأونصات ذهبية، على الرغم من أن سعر الليرة الذهبية السورية ارتفع بمعدل 25 % عن بداية العام فوصل إلى 1.750 مليون ليرة ، وبالنسبة للأونصة الذهبية السورية فقد ارتفع سعرها بنسبة 30 % حيث وصل لـ 8 ملايين ليرة .
وأكد جزماتي أنه لا يمكن التنبؤ بحركة مؤشر أسعار الذهب في الفترة المقبلة، نتيجة عدم وجود استقرار في الاقتصاد العالمي، ما يؤدي إلى زيادة الطلب على الذهب لكونه الملاذ الآمن في مثل ظروف كهذه.
دوريات التموين رغم العطلة
في مقاربة بسيطة نجد أن الأسعار تجاوزت الحد المعقول بعد أن ارتفعت خمسة أضعاف، وإذا ما أراد أحدهم الاحتفال ب”ست الكل” بإقامة حفلة لها “من قريبه” مع إحضار هدية بسيطة، فإنه بحاجة إلى أكثر من 200 ألف ليرة سورية على أقل تقدير، أي ما يعادل راتب الموظف لمدة شهرين!.

حيث أكد مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بريف دمشق سائر شيحا ” وجود العديد من التجار ضعاف النفوس الذين يستغلون حاجة المواطنين لشراء الهدايا بمثل هذه المناسبات لذلك يقومون بمضاعفة الأسعار ، لافتاً إلى أن المديرية تعمل على اتخاذ مجموعة إجراءات للحد من ظاهرة الاستغلال من خلال الدوريات الموجهة للأسواق لمراقبة المحال التجارية رغم العطلة التي صدرت عن رئاسة الوزراء. وأشار إلى أنه وبناء على نتائج الحملات المتكررة تم ضبط العديد من المحال المخالفة سواء في صناعة الحلويات أو محال بيع الألبسة الجاهزة و توزعت الضبوط بين مخالفات عدم الإعلان عن الأسعار وعدم تداول الفواتير و سحب عينات يشتبه بمخالفتها للمواصفات.
وبين شيحا أن العقوبات المفروضة بعد كتابة المخالفة بهذه الحالة تتضمن غرامات مالية كبيرة وسجنا في المخالفات الجسيمة.

سيريا ديلي نيوز- نور ملحم


التعليقات