قدر الزراعة ترسمه الصناعة، لكن قدر الصناعة غير معروف مَن يرسمه حتى اليوم، فمعظم المنتجات الزراعية تصب في الصناعة، وعندما تغيب الصناعة فإن القطاع الزراعي يغيب معها، فزراعة الذرة مرتبط بوجود مجففات الذرة، وزراعة فول الصويا مرتبط بوجود معامل عصر الصويا، وهذان المحصولان يشكلان المادة الغذائية لقطاع الدواجن، كما يشكلان مع القطن وعباد الشمس مصدر الزيوت النباتية التي تكلفنا فاتورة استيرادها مبالغ كبيرة جداً بالقطع الأجنبي.
زراعة الشوندر السكري مرتبط بجاهزية معمل السكر الوحيد في سلحب بعدما دمّر الإرهاب معامل السكر الأخرى، والكل يعرف جدوى تشغيل هذا المعمل ولا سيما بعد تحويل مواسم السنوات السابقة من الشوندر إلى علف حيواني مُضيّعين فرصة زراعة القمح أو غيره من المحاصيل التي نحن بحاجة إليها في تلك المساحات الخصبة، وكذلك التوفير لكميات كبيرة من المياه التي يحتاجها محصول الشوندر السكري. الحمضيات كذلك ما زالت خارج التصنيع وتلقى المصير نفسه منذ سنوات طويلة.
السيد الرئيس بشار الأسد قال: يجب ألا نعود إلى ما قبل عام 2011، بل يجب أن نذهب إلى حيث يجب أن نكون، هذا الكلام يعني في أحد جوانبه أنه ليس من الضرورة أن نذهب لإعادة تأهيل خطوط إنتاج في المعامل والمنشآت المدمرة، بل يجب أن نتوجه إلى ما يلبي الواقع، فهل يُعقل أن نعود إلى تأهيل خطوط إنتاج ومعامل لا يكفي إنتاجها العاملين فيها؟
هل يُعقل أن نعيد تأهيل خطوط إنتاج تكلفة تشغيلها وتكلفة إنتاجها أعلى بكثير مما يُنتجه القطاع الخاص بآلات حديثة وعدد عاملين أقل بكثير؟ هل يُعقل أن نُسعر للأسواق بناء على تكاليف معامل مُتهالكة استهلاكها مُضاعف من الطاقة وتكلفة صيانتها وتشغيلها عالية؟
منذ عامين تحدثنا عن إقامة مجففات للذرة وهي من أبسط التقنيات وأقلها تكلفة، ولكن حتى اليوم لم ننجز شيئاً، منذ سنوات طويلة ونتحدث عن معمل للعصائر، وتم وضع حجر أساس للمعمل ولكن بعد كل هذه السنوات اكتشفت الجهات المعنية عدم الجدوى الاقتصادية.
منذ سنوات نتحدث عن الطاقات المتجددة، فأين خطوط إنتاج اللواقط الشمسية؟ منذ سنوات نتحدث عن الري الحديث، فأين تصنيع مستلزمات الري الحديث؟ لو أن الجهات المعنية أنشأت معامل جديدة بنصف المبالغ التي تمّ صرفها على الصيانات غير المجدية لكان لدينا عدة معامل حديثة ولتجهيزات وصناعات نحن بحاجتها.

 

سيريا ديلي نيوز-معد عيسى


التعليقات