استفحلت أزمة الخبز خلال الأسبوع الماضي بشكل كبير، وقد عمّت جميع المحافظات والبلدات والقرى، فالكثير من الأفران والمخابز كانت مغلقة، وبعضها عمل لساعات محددة فقط دون الحدود التي كانت سابقاً، ما يعني انخفاضاً بكميات الدقيق المخصص لإنتاج رغيف الخبز فيها، وبالتالي، عدم حصول الكثير من المواطنين على مخصصاتهم، برغم قلتها.
الأزمة المتفاقمة شكلت عبئاً كبيراً على المواطنين، ليس بسبب تزايد شدة الازدحام على المخابز العاملة، أو طول ساعات الانتظار، وما قد ينشأ بسببها من مشاكل وخلافات فقط، بل ما زاد الطين بلة هو استمرار شبكات الفساد التي تورد بعض كميات الخبز التمويني إلى السوق السوداء بكل وقاحة، على حساب وقت وجهد المواطنين المنتظرين بالطوابير.
رغيف الخبز فوق طاقة التحمل
الأزمة الجديدة انعكست سلباً على جيوب المواطنين، وبشكل كبير، حيث اضطر الكثير من هؤلاء الى اللجوء للبدائل من أجل تأمين لقمة العيش اليومي التي لا غنى عنها لأفراد أسرهم خلال الأسبوع الماضي وحتى الآن، والتي بدأت عبر السوق السوداء للخبز التمويني، والذي وصل سعر الربطة فيها إلى 800-1000 ليرة، وأحياناً أكثر من ذلك، وكذلك اللجوء إلى (الخبز السياحي- الصمون- النخالة)، مع ما يعنيه ذلك من تكاليف مرهقة فوق طاقة هؤلاء، فالخبز السياحي والصمون ارتفعت أسعاره بشكل كبير أيضاً، حيث وصل سعر ربطة الخبز السياحي إلى أكثر من 1700 ليرة، وكذلك كيلو الصمون.
فالتكاليف التي بات يتكبدها المواطن المفقر على حاجته لرغيف الخبز أصبحت أكبر من أن يتحملها دخله المهدود، وبحال استمرار الوضع على ما هو عليه من أزمة مستمرة دون حلول، يعني أن كل أسرة ستتحمل إنفاقاً وسطياً بحدود 30 ألف ليرة، على أقل تقدير، على الخبز فقط!
لا مبالاة مستمرة
الحديث الرسمي يقول: إن الأزمة إلى انفراج، لكن سبق أن تم تداول مثل هذه التصريحات دون جدوى خلال الأشهر الماضية، فالأزمة مستمرة ومستعصية عن الحل على ما يبدو، برغم كل الإجراءات الرسمية التي تم اتخاذها على حساب المواطنين من الناحية العملية، سواء من خلال تخفيض المخصصات لكل أسرة، وسقفها بأقل من الحاجة الفعلية، أو من خلال تخفيض الدعم على الرغيف عبر تخفيض وزن الربطة، أو من خلال رفع سعر الربطة، وترافق كل ذلك مع ذكاء البطاقة، التي لم يلمس المواطن منها إلّا مزيداً من الغبن لحقه في رغيف الخبز، يضاف إلى ذلك كل السوء والتردي بصناعة الرغيف من حيث الجودة والمواصفة.
فالأزمة قديمة ومزمنة ومستمرة دون حلول حتى الآن، والتصريحات الرسمية بشأنها لا تغني ولا تسمن من جوع، بل أصبحت تعبر عن لا مبالاة رسمية تجاه معاناة المواطنين المتزايدة، وخاصة على المستوى المعيشي الذي ازداد تردياً مع أزمة الخبز واللجوء إلى البدائل على حساب الضرورات الأخرى.
تمهيد لتخفيض الدعم
بعد كل ذلك، ما زال بعض الرسميين يتحدث عن الدّعم على الرغيف التمويني باعتباره خطاً أحمر، وعن تكلفته وعدد ربطات الخبز المنتجة، بينما واقع الحال يقول: إن الخط الأحمر أصبح موضوعاً بالضد من مصلحة المواطن وعلى حسابه.
وهنا ربما لا بد من القول: إن من أهم أسباب المشكلة واستمرارها وتفاقمها بالجوهر، كان وما زال، الفساد الكبير المرتبط بشبكات الاستغلال، على حساب المواطنين وحاجاتهم وضروراتهم.
بالمقابل، فإن بعض المواطنين اعتبروا أن الأزمة المستفحلة حالياً قد تكون غايتها مزيداً من تخفيض الدّعم على الرغيف كتمهيد لهذا الإجراء، خاصة بعد الاضطرار لدفع المبالغ الطائلة على البدائل، فهذا ما درجت عليه العادة مع الحكومة بحسب هؤلاء.
فهل الأمر كذلك فعلاً، أم إن الأزمة أكبر وأعمق، والفساد أصبح دوره أكثر تحكماً برغيف المواطن؟!
سيريا ديلي نيوز
2021-02-06 19:02:18