تتوالى الضربات المدمرة للصناعة النسيجة واحدة تلو الأخرى، ولكن هذه المرة ليس بواسطة تخريب أو حرق ونهب، بل عبر قرارات حكومية مصرة على التنكيل بتلك الصناعة بعد كل ما واجهته في سنوات الحرب، فمنذ سنوات، وحتى اليوم لم يتخذ قرار واحد يصب في مصلحة صناعة النسيج، بل على العكس يبدو أن هناك توجهاً لإقصائها نهائياً لصالح بعض التجار المستوردين وحفنة من المهربين، وفق ما ورد على لسان رئيس اتحاد غرف الصناعة فارس الشهابي الذي أشار في الأيام الماضية إلى القرار الكارثي المتخذ بعد تحرير حلب باعتبار الأقمشة والغزول مواداً أولية وتخفيض رسومها الجمركية إلى النصف ليتم استيرادها بسهولة، ورغم أن حناجر الصناعيين بحت وهم يحذرون من مخاطر هذه القرارات إلا أنه ما من مجيب، وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير في القرار الصادر منذ أيام لرفع أسعار الغزول القطنية بمقدار 38 – 40%، مما جعل الصناعيين يودعون التصنيع والتصدير رسمياً.
في الشهر الأخير من العام الماضي قررت الحكومة رفع أسعار الغزول القطنية بمقدار 40 – 50%، وكانت ردة فعل السوق أن تضاعفت الأسعار بمقدار 100 – 120%، ومنذ تلك الزيادة توقف التصدير بشكل شبه كامل – وفقاً للصناعي عاطف طيفور – كون الأسعار باتت مقاربة جداً للسعر العالمي ولم تعد منافسة، فبهذه الزيادة “الكارثية بكل معنى الكلمة” أصبحنا نزيد عن السعر العالمي وخرجنا نهائياً من دائرة المنافسة، مستغرباً أنه في وقت يُفترض استغلال انخفاض قيمة الليرة بناحية واحدة إيجابية وهي تنشيط التصدير الذي يصبح منافساً بهكذا ظروف، تم إغلاق هذا المنفذ الوحيد لتحقيق مكاسب إضافية، كاشفاً عن أن جميع العقود التصديرية الموقعة منذ عامين وحتى اليوم وحتى عقود معرض دمشق الدولي أُلغيت بسبب هذه الزيادات لأنها موقعة على السعر القديم.
ويشير طيفور إلى أن المشكلة الأخرى تتمثل بالقماش الهندي الذي بات يصل للتاجر بأرخص من سعر وزارة الصناعة وبجودة أعلى، فرغم أن بعض أنواع الخيوط القطنية يمنع استيرادها، إلا أن هناك من يتلاعب لإدخالها تحت مسميات خيوط أخرى دون أن يتحقق أحد منها، وبذلك فإن هذا القرار دعم صريح للمهرب والمستورد، متسائلاً: لماذا يكون دعم الفلاح عبر رفع أسعار شراء القمح من خزينه الدولة ولا ينعكس على المنتج النهائي، أما دعم مزارعي القطن ورفع سعر الشراء منهم يتم تحميله لوزارة الصناعة لتتحمل بدورها الخسارة والتكاليف.
وفيما يشكل قطاع النسيج 40% من الاقتصاد السوري، و20% من اليد العاملة، يؤكد طيفور أن كل هذه الكتلة جُمّدت اليوم، والكثير من العاملين خسروا وظائفهم، وهناك من أغلق معمله أو أعفى 80% من العمال، كما أن الإنتاج سيكسد، فلا يوجد قدرة شرائية لدى المواطن، ومنطقياً عند رفع سعر الخيط 40% فإن سعر المنتج سيزيد 100%. ويستغرب طيفور ملاحقة التجار الصغار لتطبيق المرسوم 3 ومنع البيع والعرض والشراء بالدولار، فيما ترفع مؤسسة حكومية أسعارها لتتماشى مع سعر الدولار “الوهمي” في الوقت ذاته..!
سيريا ديلي نيوز
2020-06-30 19:05:33